ما وراء الانتحار الداعشي في القاع

جليل الهاشم

ليست التفجيرات الإرهابية في القاع جديدة من نوعها في لبنان فقبلها نفذت تفجيرات انتحارية وغير انتحارية استهدفت مناطق نفوذ حزب الله من جهة والجيش اللبناني في مناطق الشمال وخصوصاً في محيط مدينة طرابلس من جهة ثانية وفي السياق جرت تفجيرات اتهم بها اتباع النظام السوري كما في جريمة تفجير المسجدين يطرابلس واكتشف مخطط سماحة الشهير الذي  لم ينقصه إلا توفر الانتحارين.

إلا أن الجديد في الموضوع هو الظروف المحلية والاقلمية المحيطة بتفجيرات القاع.

اقليمياً تشتد الحملة على “داعش” في العراق وسوريا وقد خسر هذا التنظيم قاعدته الأساسية في الفلوجة بعد أن خسر الرمادي وتتواصل المعركة ضده بهدف طرده من الموصل.  وفي سوريا المجاورة نجحت قوات سوريا الديمقراطية من الأكراد والعرب في التقدم إلى معاقل التنظيم في منبج ومحيطها فيما يحاول جيش سوريا الجديد الذي يدعمه الأميركيون استعادة المنطقة الحدودية في “الـبوكمال” كل ذلك يزيد الضغط على التنظيم الإرهابي الذي يرد بضربات عشوائية غربا وشرقاً وقد تكون احدى هذه الضربات هي ما تلقته القاع وما يمكن عن كشف مجموعات كانت تسعد لأعمال إرهابية مشابهة في مناطق لبنانية.

كي تكتمل الصورة الإقليمية لا بد من الإشارة وإن كل الحديث الإيراني ومسؤولي وتصريحات مسؤولي النظام في سوريا عن معركة قريبة وحاسمة في حلب لا يبدو أمراً جدياً. فبعد خطابات الحسم الأخيرة بساعات خرج السفير الروسي في دمشق ليعلن أن لا حسم في حلب ويضيف إنه لا يعتقد بحصول معركة أساسية في الرقة علماً أن النظام في سوريا وحلفائه يبقون بعيدين في نوع من الاعجوبة عن صدام حقيقي بارز مع داعشي.

في المقابل يزداد الحديث عن تمهيد لاعادة اطلاق المفاوضات السورية قريباً باتفاق أميركي روسي وبديهي إنه عندما تنطلق المفاوضات يفترض أن تتراجع حدة الاعمال الحربية بما فيها الحسم المرجو.

انفجار القاع

يبقى ثالثاً أن نشير إلى ازدياد التأزم الداخلي على مختلف الصعد بنتيجة الشلل السياسي ومنع انتخاب رئيس للجمهورية يعيد اطلاق عمل المؤسسات وهذا التأزم يطال النظرة إلى مسألة النازحين وكيفية التعامل معها والانقسام اللبناني الحاصل في شأن التدخل في سوريا.

لم يأت “المهرجان” الانتحاري في القاع من العدم وهذا لا يعني التقليل من المخاطر بل يعني ضرورة رسم الخلفيات السياسية التي تساعد على وضع الأمور في نصابها وعلى اتخاذ القرارات الملائمة لتلك المخاطر.