“المجتمع المدني” ودوره وأشكالية الخلط والإلتباس

منير بركات (الأنباء)

إن إشكالية الخلط بين المجتمع الإهلي والمجتمع المدني تحمل في خلفيتها بأنها خارج اطار الدولة، هذا التوصيف مغالط للحقيقة لانه كثير من المؤسسات المدنية خاضع لسلطة الدولة كذلك الاهلية تتداخل معها في ظل النظام اللبناني الطائفي.

الا ان التعريف الدقيق بينهما بأن المدني مرتبط بالإنتماء الحر والطوعي للإفراد بينما الأنتماء الأهلي غير اختياري كما هي الحال في مؤسسات الطائفة والعائلة والعشيرة. أما الإنتماء المدني ليس اكراه فيه من أحد، وممارسة حرية الفرد في الانتماء الى حزب او جمعية انتماءً طوعياً وليس له علاقة بالولادة المفروضة اي الانتماء غير الطوعي.

لا يمكن تصنيف الأحزاب الطائفية والمذهبية والدينية ولا الجمعيات والروابط العائلية والعشائرية في خانة الهيئات المدنية في المجتمع.

اذن الاحزاب الدينية تتنافى مع بناء الدولة الحديثة وهي وليدة الدولة الاستبدادية وما قبل الديموقراطية.

ولو كانت القسوة في هذا العرض تطال الاسلام السياسي المنتشر في العالم العربي وفي لبنان بالرغم من دوره وتضحياته احيانا إلا انه من المؤسف بأنه يتعارض مع بناء الدولة الحديثة.

إن بعض الدول العربية لا سيما لبنان التي اقتبست بعض خصائص الحداثة والدساتير المعاصرة لتنظيم شؤونها الا انها تقوم بالالتفاف والتلاعب على القوانين واغتصاب حرية الفرد، والتدخل في القضاء وشؤونه ،وفي الانتخابات وحرية الأقتراع كل ذلك منافي للدولة الحديثة

اذن مصطلح “الدولة المدنية” بروافدها: المدني، الهيئات المدنية، المجتمع المدني الخ… هي تحدد بواقع المكان والزمان ولها اشكالية دائمة في التفسير، غير ان الاساسي في البعد اللغوي أن الجذور مرتبطة بالمدينة، اي نقيض ما ينتجه الريف والبداوة.

ولقد استخدم بكثافة مفهوم “المدني” ربطا بالدولة والمجتمع والمؤسسة نقيضا للدولة الدينية – العسكرية.

اذن الأهم بأن “المدني” أصبح مقرونا بوعي المواطنة والحرية، والديموقراطية، والسيادة، وحقوق الفرد، وفصل السلطات، واستقلالية القضاء الخ.. أعني ارتبط بمفهوم الدولة الحديثة وتوفير كل الشروط مجتمعة ودون تجزئة من اجل تحقيقها .

ان الاستنتاج هي ضرورة قيام دولة القانون والمؤسسات الحديثة من احل قيام الهيئات المدنية والعمس هو الصحيح في الفعل والتفاعل وفي التأثر والتإثير لتكون الدولة الحديثة هي الشرط الاساسي واللازم بين الطرفين، ودون اغفال مؤسسات المجتمع الاهلي كجزء من مكون البنية الاجتماعية حصرا، وممكن ان تلعب دور في بناء الدولة بعيداعن مصادرة السلطة.

(*) رئيس الحركة اليسارية اللبنانية