أحدهم قال إن التاريخ يعيد نفسه! بقلم: وليد جنبلاط

 

(رداً على ناشط السلام الاسرائيلي أوري أفنيري الذي كتب قائلاً «إن التاريخ يعيد نفسه، لكنه يتغيّر في جميع الأوقات أيضاً«.)

تجربتي في علم التاريخ تقتصر على هذا الجزء من العالم، لبنان وجزء من الشرق الأوسط.

فلنقل إن معظم تجربتي تركّزت على تاريخ هذا البلد.

مرّ في إحدى المراحل حلمٌ اسمه عبد الناصر.

عبد-الناصر1

ثم بعد استشهاد والدي، وسلوك الطريق الحتمي إلى دمشق والفصول المختلفة للحرب الأهلية.

لقد قرأت بعض كتب التاريخ، والكثير حول الحروب الأوروبية، وبسبب قناعتنا ودعمنا للقضية الفلسطينية، انحصر التاريخ الحديث بالنسبة إلينا باتفاقية سايكس- بيكو، وعد بلفور وإعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948، إلى جانب قضايا أخرى.

الهجرة-الفلسطينية

لا يمكن فصل تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي عن التاريخ الاوروبي الحديث وتداعاياته على القرن العشرين.

وعد-بلفور

باختصار، وعلى اعتبار أنك إلى حد ما، ذاكرة معظم القرن الماضي، ذاكرة الشعب اليهودي في ذلك القرن والمعاناة التي مرّ بها، توصلت إلى هذه الخلاصة بعد نتائج استفتاء بريطانيا بالأمس:

الحرب-العامية-الاولي

بعد مائة عام على الحرب العالمية الأولى، يبدو كما لو أن أوروبا تتجه مجدداً صوب اضطرابات هائلة، تبدأ بالاقتصاد لكنها تتطور لاحقاً لتصير حول مسائل وطنية، والشعور بالانتماء الاوروبي أو الهوية سيكون ضعيفاً في مواجهة شياطين القومية.

بعد مائة عام على الحرب العالمية الأولى، تتصاعد لهجة الأحزاب اليمينية المتطرفة وتلك التي تروّج لكراهية الأجانب في جميع أنحاء أوروبا، اليوم ضد الهجرة الوافدة وخاصة العربية والاسلامية، وغداً ضد اليهود، كما يعلّمنا التاريخ.

Holocaust Victims

ومشروع الوحدة الاوروبية الذي انطلق كآلية اقتصادية لدمج المانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ اليوم بالتفكك، وقد نشهد على عودة للصراعات التاريخية نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد.

EU-1950

بعد مائة عام على الحرب العالمية الاولى، ينفجر العالم العربي الذي تقسّم في ذلك الزمن استناداً للحدود التي رسمتها اتفاقية «سايكس بيكو«، أو جزء منه على الأقل، ويتفكك اليوم استناداً لخطوط جديدة غير واضحة المعالم بعد.

سايكس-بيكو
بعد مائة عام على الحرب العالمية الأولى، يمكن لحدود بلفور التي لم تكن مرسومة في ذلك الزمن، وغير موجودة مع دولة إسرائيل، أن تصل إلى أي مكان يرغب به حاكم القدس.

Jerusalem-11997

كم هو مؤسف أن أكون قد عشت أو سمعت عن هذا الكمّ الكبير من الأحداث، وأن أكون مجبراً على أن أشهد في ما تبقى من حياتي على هذه النهاية التعيسة للتاريخ.

أحدهم قال إن التاريخ يعيد نفسه.

(نقلا عن جريدة “المستقبل”)