النقيب جريج يرسم خارطة طريق نقابية وقضائية في لقاء مع مفوضية العدل

بيروت- “الأنباء”

إستكمالا لاجتماع الهيئة العامة لمفوضية العدل والتشريع لبى نقيب المحامين السابق جورج جريج دعوة المفوضية إلى لقاء حواري حول نقابة المحامين ودورها الوطني والنقابي وذلك في مركز الحزب الرئيسي بحضور أعضاء المفوضية من المحامين.

بدايةً، رحب مفوض العدل والتشريع المحامي نشأت الحسنية بالنقيب، مؤكداً أن “المفوضية ستطرح مسألة العمل النقابي كأولوية في المرحلة القادمة مع مشروع إستقلالية القضاء لأن تعزيز الدور الوطني للنقابة وقضاء مستقل ونزيه تشكل المدخل إلى الدولة التي تبقى ضمانة اللبنانيين”.

كما أثنى الحسنية على التعاون المميز بين المفوضية والنقابة في عهد النقيب جريج والانجازات التي تحققت.

بدوره النقيب جريج تحدث فقال: “أسجل بداية إعتزازي بهذه الدعوة الكريمة من الحزب التقدمي الإشتراكي، الحزب العامل ليس فقط في السياسة، بل في الدولة والمجتمع، وهما الأكثر حاجة للتفكير عنهما وبهما، والأكثر إهمالاً وإهداراً، والأكثر حرماناً، والأكثر فقراً، وربما كانا من الفئة التي تعيش تحت خط الفقر”.

أضاف: “نعم الدولة مدينة وحكامها أثرياء، نعم المجتمع محتاج وطبقته العليا تعيش في إمبراطورية البذخ والترف. أما قيل قديماً: إن السمكة تفسد بدءاً من رأسها”.

تابع: “أحيي هذا الحزب العريق ورئيسه الأستاذ وليد جنبلاط، حافظ إرث المؤسس وحاميه كمال بك جنبلاط، ورفاقه وبينهم زملاء أعزاء احدهم الزميل المحامي نشأت الحسنية، الذي جمعتنا شراكة نقابية تعززت خلال ولايتي كنقيب بين العامين ٢٠١٣ و٢٠١٥، كنا معاً في حراك وعراك لقيام المؤسسات ودرء الفساد والتعطيل. نحن مع الحزب التقدمي وكل الفعاليات السياسية والمدنية لوضع خطة إنقاذية رباعية الدفع لقمع الفساد الذي تحول من إستثناء إلى قاعدة، ومن شواذ إلى مبدأ، وإنتشر في الجسم اللبناني وفتك به، وواجبنا الشخصي والنقابي والمدني والحزبي إستئصاله ومساءلة المتسببين به والمستفيدين منه. وأذكرّ أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها الحزب التقدمي القضايا الساخنة على البحث العام والتحليل الجماعي وبالصوت العالي، والفكر المنفتح الذي لا تحده عقيدة، ولا تحاصره مصلحة، ولا تخنقه نذوة أو رغبة. فمن يخاف الشيء لا يقربه، وكم من ملفات وفضائح كشفت على يدكم في الآونة الاخيرة”.

أضاف: “نحن نعيش زمن الهزائم، بل عصر النكبات، وهل من نكبة أفظع من خسارة ديمقراطيتنا منذ ٢٤ أيار ٢٠١٤، تاريخ عجز الجمهورية بل تعجيزها عن إنتخاب رئيس للجمهورية، فتقوم حكومة نحترم رئيسها وأهلها، لكنها تبقى ولي عهد طري العود، تتلمس طريقها بالتوافق الصعب وغالباً المستحيل، تتساكن بحذر، وتتعايش على القطعة، تتوافق بالمفرق وتختلف بالجملة، تمشي دبدبة، والدول لا تبنى إلا مشياً قويماً، لا نسياً منسياً. الدول لا تبنى بالتسويات، والمزايدات لحساب الكبار، والمناقصات على حساب الخزينة”.

وقال: “نحن نعيش زمن الإنتخابات النيابية الممنوعة، وبديلها تمديد أول، وتمديد ثان، ومصادرة ةرادة الشعب، وتجاوز حدود الوكالة، والتعسف في إستعمال الحق، والاختلاف على قانون الانتخاب تمهيداً لتمديد ثالث. والناس سئمت مصادرة ارادتها، والتفكير عنها، والتقرير باسمها. ولن يكون تمديد ثالث في السابع عشر من أيار المقبل”.

وسأل: “تعرفون لماذا؟ لأن الرأي العام قرر أن لا يكون بغلاً، كم كان بليغاً إبن هذه الأرض، سعيد تقي الدين.
تعرفون لماذا؟ لأن الشعب قرر أن لا يكون شعباً ليوم واحد، يساق إلى مسلخ الاقتراع ضمن إصطفافات مسبقة، ومحاور محكمة، ومحادل وبوسطات كاملة الحمولة”.

أضاف: “أعتقد أن الإنذار الشعبي المدني الأول جاء من إنتخابات بيروت، وربما أيضاً من إنتخابات طرابلس. فحذار أيها السادة الكبار. ممنوع إستبدال هذا الشعب والاستعانة بمرتزقة يقترعون بصماً، وينبطحون زحفاً غب الطلب. نحن نعيش زمن الإصلاحات الممنوعة، والسلال المثقوبة القعر، فما أن يطرح مشروع للإصلاح حتى يفتك به سرطان الرئة، فتحبس أنفاسه، وتجفف مفاعيله، ويوارى في الثرى. ولسنا من الفئة التي ترمي المسؤولية عبثاً على الغير، بل نحن بدأنا بالتنظيف من أمام بيتنا، بيت المحامي، وعلى الحكومة ومجلس النواب أن يحذوا في الإتجاه الصحيح، بدءاً بمواجهة الفساد، وإستثمار الوظيفة العامة وصرف النفوذ السياسي، والتصدي للازمات البنيوية مثل أزمة اللاجئين السوريين، ووقف تملك الأجانب، والا أصبح المنزل بمنازل كثيرة”.

أضاف: “وهل أكثر إلحاحاً من تنشئة نظام قضائي مستقل، وتحصينه باستقلاليتين: إستقلالية القاضي دون زبائنية التعيين، والاستقلالية المالية لهذا المرفق الذي تقوم كل العدالة على أكتافه. والإصلاح يمر حكماً بإلغاء المحاكم الاستثنائية، بدءاً بالمحكمة العسكرية، والمجلس العدلي. وأسأل هنا أين وصلت المجالس الاستثنائية في كشف الجرائم السياسية، كمال جنبلاط، بشير الجميّل، المفتي حسن خالد، واللائحة تطول”.

ندوة لمفوضية العدل 1

تابع: “نعم فلنعمل بعد إنتخاب رئيس للجمهورية وبعد عودة العمل طبيعياً إلى مجلس النواب على التقدم بسلة إصلاحات في نقابتنا وفي دولتنا تقوم على التالي:

١- إنتخاب النقيب مباشرة لولاية من ثلاث سنوات شرط أن يكون قد سبق وإنتخب عضواً في مجلس النقابة لدورة واحدة على الأقل.

٢-  رفع عدد أعضاء المجلس إلى خمسة عشر عضواً.

٣- إعلان من المرشحين إلى مركز عضو مجلس نقابة وبشكل أساسي إلى مركز نقيب المحامين التفرّغ الكلي لشؤون النقابة، وهذا التفرغ يجب أن يكون مرفقاً بشرط ملزم: عدم النق تأففاً وعدم الصياح تبجحاً، مع التقدم ببرنامج عمل واضح المعالم يقوم على معادلة: “جئت لأكمل لا لاهدم ما سبق، وأنسف ما حصل، وأدكّ ما بني”.

٤- إنتخاب الشخص ذي الصفتين، الصدق والجرأة، ونقابة المحامين لا تحتمل أشخاصاً تحت التجربة، ولا تحتمل التمييع والتنويم. أنا مستعد أن أنتخب خارج الاصطفاف السياسي إذا كانت هذه المواصفات موجودة في الشخص الآخر وعلى الضفة الأخرى.

٥- التزام كل نقيب بأن يمثل مع مجلسه أمام الجمعية العمومية ويقدّم جردة حساب لتحديد ما إذا خدم النقابة أو خدم فيها أو إستخدمها، وللمناسبة أشكر كل من ساهم في تحقيق الإنجازات خلال ولايتي النقابية وبينها على سبيل المثال لا الحصر: هيكلة ومكننة النقابة، وتطبيق نقابة المحامين على الهواتف الذكية  BBA App، وتقليص ما أمكن من الاكلاف اليومية المترتبة على الزملاء المحامين ذات الصلة بالمهنة مثل التعرفة الخاصة بالمحامين للمكالمات الخلوية، وإستكمال المظلة الصحية بإنشاء صندوق التعاضد والمركز الصحي، والعمل على تنفيذ القرار المتخذ بإنشاء عيادة طب أسنان بعد أن تم الإتفاق مع معالي وزير الصحة الأستاذ وائل أبو فاعور بهذا الشأن. كما ومتابعة ما بدأناه من تأهيل دور النقابة في المناطق وترميم قصور عدل تليق برسالة العدالة والمحاماة والقضاء. لست بوارد التعداد، لكن أذكرّ بالمؤسسات التي أنشأناها مثل مركز التحكيم، وإستحداث لجان متخصصة بينها لجنة المحكمة الخاصة بلبنان، ولجنة الفرنكوفونية، ولجنة مكافحة الفساد، ولجنة الشؤون المصرفية، ولجنة النشاطات الرياضية التي انتجت نادياً رياضياً متفوقاً، لجنة تاريخ النقابة وذاكرتها، لجنة اللامركزية الادارية. وعملنا حيث يجب لزيادة مداخيل النقابة، وإراحة المحامي من خلال اتفاقات القروض المصرفية بفوائد تنافسية، أو من خلال تسهيل العمل داخل المؤسسات ذات الطابع الامني، أذكرّ هنا بالاتفاقية الموقعة من سعادة مدير عام الامن العام اللواء عباس إبراهيم ومني كنقيب للمحامين والتي ارست التعامل على قواعد صحيحة تحفظ حق المحامي ومكانته”.

٦- التشدد في المجالس التأديبية، وعدم التوسع في مفهوم حصانة المحامي. فالمسايرات والتسويات رفضناها في نقابة المحامين، وكان الزملاء في التقدمي في طليعة الرافضين، وإعطاء أذونات ملاحقة المحامين مثلاً لا ينهض إلا قانوناً، وحجب الملاحقة يجب أن يكون معللاً، فحصانة المحامي حق، ولكن التعسف في إستخدامها يصبح افتئاتاً على حقوق الغير، وإثراء غير مشروع، وحماية في غير محلها.

٧- دعم معهد حقوق الإنسان وتعزيز إمكانياته.

8- التدريب المستمر والتعاون مع نقابات العالم.

وقال: “بكل واقعية أقول أرسينا خطاً جديداً في العمل النقابي أساسه الثورة على النمطية الكلاسيكية الكسولة، كسرنا القيد الذي فرض على المحامي الحزبي، وكشفنا سببه وهو إفتضاح جماعة التقليديين وكشف عوراتهم. المحامي الحزبي، ونحن في حضرة حزب عريق، ليس ممنوعاً من الصرف النقابي، بل صار علامة فارقة ورقماً صعباً في العمل المؤسساتي”.

ثانيا: على المستوى القضائي:

١-  وضع آلية تعزز إستقلالية القضاء عن النظام السياسي والطوائفي.

٢-  إصلاح مجلس القضاء الأعلى بتعديل القواعد التي ترعى تأليفه بما يضمن إستقلاله ويسمح له بممارسة دوره بحماية القضاة اللبنانيين.

٣- تحصين المجلس الدستوري وتحرره من عقد التعيين مناصفة بين مجلسي النواب والوزراء، فلا ولاء للمعيّن ولا إستضعاف أمامه، ولا إحراج إن رفضت تعليماته أو أهملت توصياته. ولي ثقة برجالاتٍ لم يفسدهم الدهر السياسي.

4- وضع المحاكم الدينية تحت رقابة مجلس القضاء الأعلى وإشرافه وتكريس مبدأ المراجعة الاختيارية لهذا النوع من القضاء.

5-  إلغاء المحاكم الاستثنائية وإحالة صلاحياتها إلى المحاكم العادية.

وختم جريج قائلاً: “نحن والتقدمي والأحزاب والمجتمع المدني في حراك واحد: قيام الدولة الحديثة، ونشوء تيار جارف أو قوة ثالثة قوامها حركة إصلاحية مانعة للفساد، وحاجبة لكل أنواع البذخ غير المشروع، والهدر المفتوح، والخسائر المتراكمة، ووقف الفلتان ومسك دفاتر الدولة أصولاً ومراقبة نفقاتها. إلى العمل يا زملائي في التقدمي وفي كل لبنان”.