اللغة السياسية السائدة عند فرقاء عديدين

د. محمود صافي

يتكلّمون عن الأحزاب وعن المجتمع المدني في هذه الأيام، ويردّدون طروحات غير واضحة، حتّى غير مألوفة للسمع، أفهم من كلّ ما يجري أنّ هناك فئات معيّنة من الشعب رافضة كلّ شيء في هذا البلد، لكنّنا بالمقابل لم نرَ منها أي عمل مجدي في زمن تداخلت فيه آراء كثيرة، واختلطت فيه كلّ الأوراق.

هناك طرح ما هو دور الأحزاب؟ وأين هي في خضمّ هذه الأحداث وما يجري من تناقضات؟ وهناك سؤال آخر يُطرَح أين أنتم؟ وهل تريدون بناء الدولة؟ لا جواب قاطع عندهم سوى كلمات الديمقراطية التوافقية(أي توافق الطوائف)، غريب ما نسمعه من هنا وهناك، فالسياسيون على ماذا يتّفقون؟ على البيئة، على الاقتصاد، على قانون الانتخاب، أوعلى انتخاب رئيس الجمهورية؟! كلّ هذا يُظهِر الصورة الرمادية للأحزاب أنفسهم الذين يتكلّمون أحيانًا بالتطوّر، رغم أنّنا في بلد لا استقرار فيه. أودّ أن أقول إلى كلّ الأحزاب أن تطرح مشاريعها، هذا إذا كان لديها مشاريع، لأنّ الملفت في هذا البلد أنَّ ولاء المواطن لطائفته يفوق ولاءه لوطنه. هل الأهداف التي تسعى إليها الأحزاب تصبّ في خانة الإصلاح ضمن مخطّط مدروس لتحقيقها، أو كلّ هذا كلاميًّا. على كلّ حزب تكريس الآفاق التي ينادي بها من أجل غد أفضل، أو مستقبل أفضل، أو حتّى حكم سياسي أكثر استقرارًا وعدالة.

 يتكلّمون عن الدولة، أين رجال الدولة؟ وما هي الدولة؟ الدولة في العُرف التشريعي هي مجموعة قوانين، هي آلة لا أكثر ولا أقل، الدولة عندنا جسم لا روح فيه، إلاّ إذا تحرّكت في داخله عقليّة وعدالة الإنسان الحقّ، بالتطلّع إلى العدالة الاجتماعية، والديمقراطية السياسية، وحرّية الحوار، والخروج من شرنقة المذاهب الطائفية. بربّكم أخبروني ما هي الوسيلة للحوار المُجدي؟ الحوار الذي يؤدّي بالتالي إلى الانصهار ضمن مجتمع متوازن، عادل، وهو مطلب يجب أن يكون دائم ومحقّ، لأنّ الإنسان مهما كانت ميوله لا بدّ أن يرتبط بولاء معيّن، وحبّذا لو كان هذا الولاء لوطنه والإحاطة به.

 إنَّ الصنميّة هي موئد بعض الأحزاب، كذلك الأمر بالنسبة للجمود والأنانية التي تفعل فِعلها في تقويض المؤسّسات وحتّى الكيانات، السؤال كيف نرمّم هذا التصدّع الحاصل في كيان الشعب اللبناني الذي هو نواة الدولة؟ وما هو الحلّ للحفاظ على لبنان والتفاني من أجل بقائه؟ على أمل أن تُترجم جميع هذه التساؤلات عبر حلول جذريّة تنعكس إيجابًا على وطننا لبنان الذي هو الهدف والقصد والغاية…