الصوم: بين الجسد والفكر!

كارلا ملاعب

أنباء الشباب

يقول سبحانه تعالى في كتابه الكريم “ان تصوموا خيرٌ لكم ان كنتم تعلمون” (البقرة ١٨٤).

 هناك تفسيرات كثيرة لهذا القول من قبل الحكماء و الفقهاء، حتى ان العلم الحديث يحاول منذ  سنين إثبات هذه المقولة علمياً وذلك عبر القيام بالعديد من الابحاث والدراسات. وكل من حاول تفسير هذه العبارة توصل الى ما كان تكلم عنه المعلم كمال جنبلاط في كتابه “أدب الحياة”.

 أبلغ من تكلم عن الصوم واكثر من فهم معانيه الحقيقية هو المفكر كمال جنبلاط لأنه اتبع حياة الزهد الذي كان الصوم اركاناً اساسياً فيها. فالصوم بنظره ليس جسدياً فقط بل هو ايضاً فكري ونفسي.

الصيام البدني هو الامتناع عن الطعام والشراب لمدة معينة وله فوائد عدة أثبتت علمياً. فهو يساعد على خفض نسب السكر و”الكوليسترول”، كما يحمي الجسد من الأورام الخبيثة والالتهابات.

أما الصيام الفكري هو التجرد من الافكار والعواطف السلبية التي قد تسيطر على الفرد وتؤثر سلباً على حالته النفسية والفكرية. فكما الصوم البدني ينظف خلايا الاعضاء والأوردة والشرايين من السموم التي قد تؤدي الى المرض، فكذلك الصوم الفكري ينقي الفكر ويحرر النفس من الشهوات والأفكار السامة مما يقوم بتعزيز القدرات العقلية وتنمية الطاقة الانسانية.

 عندما يتحرر الفرد من كل هذه النزوات والعواطف كالحسد والكره وحب السلطة تزال الغشاوة عن عينيه ويتمكن من رؤية الحقيقة ومعرفة ذاته الحقيقية.

والصوم كما يقول المعلم هو ليس الامتناع عن الأشياء بل الزهد فيها. أي على الانسان ان يبتعد عن كل ما يقف بينه وبين حقيقة ذاته بملء ارادته وليس لأنه مجبورٌ على ذلك.

المعلم كمال جنبلاط

واستشهد بقول المعلم كمال جنبلاط للتأكيد على ان الصوم وسيلة للترفع عن الملذات الدنيوية عندما قال: “.. والصيام في معناه الحقيقي هو أدب الحياة، أدب كل الحياة. ففي صيام الفكر سعادة الجنان وفي صيام الجسد صحة الجسد .”

ما أحوجنا اليوم يا معلمي الى صوم غذائي وفكري وسياسي واجتماعي…