مِلْحٌ  على  جرحْ / بقلم د. يحيى خميس

زَعَمَ  أنَّه من جُبِّ دِينٍ قَدْ شَرِبَ

فيا شرقُ أخبِرْهُم  أنه قدْ كذبَ

سَنَّ  في النفوسِ أوهاماً زُعافاً
وزرع الحِقدَ في الألبابِ خِطبا

فاحَتْ  سمومُ الشرِّ  من أقوالِهِ
بَيْنَ الأُلى غرَّهُم   كذبُهُ  العذِبا

قَد شَوَّه  أقوال  النبي  والرسلِ
حَرَّفَ الآياتَ، ما يحلو له  كَتبَ

قد رفع الصوتَ  للإيمانِ مُدَّعياً
وفي أغاني الجهلِ  عقلُه طربَ

قد  كفَّرَ العالَمينَ   كما يحلو له
ابناءَ  أُمّتِهِ  و الغَرْبَ  والعَرَبَ

كل محرّمٍ   في عُرفه  قد  حلَّلَ
القتلَ والذبحَ، والمال  قد نهبَ

سالَتْ دماءُ البراءةِ  بحدِّ ظلمِه
إذ فجَّرَ نفساً لا تعرفُ السببا

حرباً على عُلا التاريخِ أطلقها
حتى الجهالة غَدَتْ أمامَهُ أدبا

معالم المجدِ ما أبقى لها خبراً
باعَ الضميرَ، هَجَّرَ  واغتصبَ

توعّدَ  النفسَ  بحورياتِ  جنته
إنَّ  النعيمَ  لا يُكْرِمُ  المغتصبا

لا  بلْ  جهنّمُ  مصيرُه  المحتَّمُ
حُكْماً سيغدو في نارها حطبا

ولكي تكبرَ  في  قومنا  المحنُ
والدمُ يجري بنا  نهورا خَضْبا

والأرضُ تبكي والناسُ تحتضر
وبلادُ العُرْبِ  بنا  تنقسم  إربا

فقد بلانا الدهرُ بحكّامٍ وأنظمةٍ
في عيشهم همٌّ: الجاه والذهبا

ولذةٌ يروونها في حضن جاريةٍ
والنسلُ يلحقُهم  ليكملَ  الدُرُبا

أمامَ المالِ والسلطانِ قد زحفوا
وخيرُ الشعبِ بعهدِهم قد نُهبَ

وللطغيانِ  قد أعلوا به  صعداً
والجهلُ  شَقَّت حدودُه الشهبا

سودُ السجونِ قلوبُها قد ملأت
بيضَ الطوايا من اهلِها النُجُبا

هذي أحوالُ قومٍ من بني أُمتي
قد ذَلَها الفقرُ والخوفُ والتعبا

الجوعُ  أنهكَها  والظلمُ  أعياها
والقيدُ أدماها فانتفضت غضبا

والناسُ ما عادَتْ للحالِ تحتملُ
فالعدلُ هدفُها والحقُّ لها نُصُبا

وللحريةِ تسعى، تُعلي مشاعلَها
عيشُ  الكرامِ  قد باتَ لها  طلبا

نَيلُ المعالي  لن يبقى لها حُلُماً
اذا استفاقَ  في عمقِها الدأبا

إنَّ الشعوبَ  لا تسمو  مراتبُها
حتى تسود في عليائها النُخَبا

والعقلُ  يحكمُها  والعلمُ  يبنيها
والخُلُقُ يحرسُها والعدلُ والأدبا