ما هي أسباب دخول “الفراغ الرئاسي” عامه الثالث؟

بانتظار آخر معارك الاستحقاق البلدي والإختياري في الشمال يوم الأحد تتجه الأنظار نحو حالة الشلل المتفاقمة التي تصيب المؤسسات الدستورية بسبب تمادي حالة الشغور الرئاسي في قصر بعبدا الذي دخل في عامه الثالث من دون أي يلوح في الأفق أي بوادر تدل بأن الفرج قريب على صعيد انجاز الاستحقاق الرئاسي العالق ظاهريا بين ترشيح كل من العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية، بينما موضوعيا هو عالق بين مخالب قوى الممانعة والمقاومة القابضة على ورقة رئاسة الجمهورية في لبنان لأسباب تتعلق حصرا بحساباتها الاقليمية في سوريا وكل المنطقة.

فالإحباط ولا شيء غيره يظلل أجواء العام الثاني للفراغ الذي ينتهي من دون تمكن اللبنانيين من انتخاب رئيس جديد للجمهورية. والسؤال المطروح في الكواليس وأمام الرأي العام هو حول ماهية الأسباب التي قضى باستمرار الفراغ الرئاسي في عامه الثالث، خصوصا أن كل المراقبين والمتابعين للوضع اللبناني يدركون بأنه كان هناك العديد من الفرص الجدية في العام 2015 والعام 2016 التي كان يمكن الإستفادة منها لإنهاء الشغور الرئاسي إلا أن هذا الأمر لم يحصل على الرغم من يقين وادراك كل المخلصين للبنان بأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يشكل خطوة أساسية على طريق وقف حالة التعطيل والشلل والإهتراء التي تصيب الدولة اللبنانية ومؤسساتها في ظل مرحلة خطيرة لا تحتمل كل هذه الرفاهية في خوض المعارك الوهمية الشخصانية التي لا تعير اي أهمية أو عتبار لمصالح البلاد والعباد التي لم تعد تحتمل كل هذا الكم من الأزمات التي تمنع ملئ الشغور الرئاسي كخطوة لا بد منها لتحصين الساحة المحلية وحماية لبنان كدولة سيدة حرة ومستقلة قادرة على تحمل مسؤولياتها التي تحمي لبنان واللبنانيين في ظل كل العواصف الهوجاء التي تضرب كل بلدان المنطقة وتهدد وجودها بالإنهيار والإندثار.

والغريب العحيب في سلبية تلك القوى المعطلة للاستحقاق الرئاسي يكمن في أن هذه القوى مستمرة في عدم تقديم أي بدائل واقعية ومنطقية وموضوعية لفرص التسويات التي كانت سانحة لإنهاء حالة الشغور، ما يعني بكل بساطة أن الشغور الرئاسي سيبقى مستمرا لآجال طويلة طالما أن البعض ولحسابات شخصانية وفئوية متمسك بنهج أنا أو لا أحد في قصر بعبدا،  وهو النهج الذي يمثل الطرح الأنسب للفريق الإقليمي المتورط في سوريا وغيرها من ساحات المنطقة والذي تسير الامور فيها بعكس ما يشتهي، الأمر الذي يدفع هذا الفريق الإقليمي وأتباعه في الداخل اللبناني إلى التمسك بأخذ الإستحقاق الرئاسي رهينة حساباتهم الواهية ومغامراتهم الطائشة حتى اشعار آخر.

أمام هذا المشهد المأزوم، بات واضحا بأن التعطيل الداخلي للتسوية الرئاسية ليس سوى صدى لقرار التعطيل الإقليمي القادم من طهران، وبوضوح أكثر أن مفتاح انهاء الشغور الرئاسي هو في جيب القيادة الإيرانية التي تستخدم شماعة التمسك بالعماد ميشال عون وسيلة من أجل تعطيل كل التسويات ونسف كل المبادرات لإنهاء الشغور الرئاسي لأنه بكل بساطة أن انهاء الفراغ الرئاسي في قصر بعبدا في ظل هذا المرحلة وظروفها لا يتناسب مع المصالح الإيرانية الإقليمية المأزومة على أكثر من ساحة تشهد تراجعا للحضور والدور الإيراني لا سيما في سوريا بعد التدخل الروسي الذي خلط الأوراق بالإتجاه الذي جعل الدور الإيراني في سوريا يتراجع لمصلحة روسيا على ضوء  تدخلها العسكري القوي والحاسم في سوريا والذي جعلها باجماع كل المراقبين القوة الأكثر فعالية وتأثيرا في سوريا.

وفي السياق، برزت الرسالة التي وجهتها الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغريني الى اللبنانيين في يوم “دخول لبنان عامه الثالث من دون رئيس”، اذ اعتبرت أن “لبنان لا يستطيع أن ينتظر إيجاد حلول لمشكلات المنطقة ليجد حلاً لهذه المسألة”، مشيرة الى ان “الاتحاد الأوروبي يحث القوى السياسية اللبنانية وجميع الجهات المعنية على وضع المصالح الحزبية والفردية جانباً وإيجاد تسوية قابلة للاستمرار لانتخاب رئيس على وجه السرعة”. وأكدت ان الحوار الوطني وجهود الوساطة الأخرى تشكل مبادرات طيبة لضمان التواصل بين القوى السياسية ومنع تدهور المناخ السياسي”، داعية “الأطراف إلى إيجاد الظروف التي تسمح بإجراء الانتخابات النيابية“.

وفي الملف الرئاسي أيضاً، اعتبر رئيس الحكومة أن الفراغ الرئاسي سيراكم على لبنان السلبيات”، ‏مؤكدا أن “مفتاح اي شيء مستقبلياً فيه فائدة للبنان هو انتخاب رئيس للجمهورية. وقال في مقابلة لـ”تلفزيون لبنان” ضمن برنامج “وجها لوجه” مع الزميلة الاعلامية روزانا بو منصف “نعم، نحن أفشل دولة بمقاييس الالتزام بالدستور واستكمال عناصر الميثاقية… وسيسجل التاريخ ‏أننا أفشل حكومة”.‏ أما في ملف التجنيس والتوطين، فأكد سلام أن “لبنان لم يتعرض لأي ضغط في موضوع تجنيس اللاجئين”، ‏مشيرا الى ان “هناك خطورة بهذا الملف اذا أسأنا التصرف فيه”.‏ وفي ذكرى التحرير، رأى “أن المقاومة، كما كل شيء، تضعف في ظل التشرذم والتفكك الداخلي ونحن في وسط هذا التفكك والإنقسام، واليوم هناك تساؤلات كبيرة حول دور المقاومة التي أصبحت وجهتها في أماكن أخرى، وهذا الأمر يدخلنا في تباينات نأمل أن نتجاوزها من أجل أن تعود وحدتنا“.

________________

(*) هشام يحيى