ماذا بعد الاستحقاق البلدي؟

فيصل مرعي

ها قد انتهت الانتخابات البلدية، ومرّت بهدوء وسلام، ولم يحصل في هذا الاستحقاق الوطني الكبير اية اشكالات او توترات. وها بعد هذا الاستحقاق الديمقراطي بامتياز، يسود الساحة اللبنانية ترقب ما بعده ترقب، باتجاه ما ستؤول اليه الحياة السياسية، غير مدركين منقلب الامور، بعد هذا المخاض العسير الذي مر به لبنان، وبالتالي ما المآل، وما المصير؟ لقد قال الشعب كلمته، ومارس حقه الطبيعي في العملية الانتخابية، ايماناً منه بحرية الرأي والتعبير، وتداول السلطة، وبالديمقراطية التنافسية، فكان التنافس على الانماء، وعلى الاتيان بخبرة الشباب الواعد، والمثقف، والمتطلع الى الغد، والمستشرف للمستقبل في وقت الوطن على شفيرهارٍ، وعلى قاب قوسين او ادنى من الانهيار: سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً…

وغير خافٍ على احد، أن البلدية هي المؤسسة الوحيدة التي ما تزال تعمل، ولو بالحد الادنى، انمائياً وخدماتياً،أما بقية المؤسسات، فهي مترهلة، وضارب الفساد فيها اطنابه، وناخر السوس فيها كما ينخر في الثمار والعماد، والمواطن مُهمش يرزح تحت وطأة هذا الفساد، وعدم تسهيل حاجياته ومعاملاته، ناهيك عن التعاطي معه بذهنية السيِّد والمسود، في وقت ليس بمسؤول عن هذا الشلل المؤسساتي، وعن هذا الانقسام السياسي، والهدر والفساد، والتردّي الاقتصادي، والعجز المالي، بما يعني ان الطبقة السياسية هي المسؤولة عن هذا التدهور المخيف على كل المستويات، وبما يعني اكثر فأكثر المزيد من العسْف والجلْد والظلم الاجتماعي للشعب.

Municipal_elections

وأما، وقد وصلنا الى هذه النفحة الديمقراطية بممارسة الشعب حقه في التعبير عن رأيه، فمن الطبيعي على ما نعتقد انها ستكون ممهِّدة، بل خطوة متقدمة نحو ايجاد قانون انتخابي، وصولاً الى انتخاب مجلس نيابي جديد، ومن ثَمَّ انتخاب رئيس للبلاد، خصوصاً وان لبنان اليوم في دائرة احتلالات، وفوضى، وثورات تلفه من كل حدب وصوب. ومع ذلك، فإننا نأمل ان تؤدي هذه الانتخابات الى تطوير الحياة السياسية بتوفير قانون انتخابي، يواكب ركب التطور والحضارة بتحقيق التمثيل الصحيح، ويٌعزِّز العيش المشترك، ويغلب المنطق الوطني على المنطق الطائفي، وبالتالي تغيير جذري للطبقة السياسية التي وصلت الى الحكم بواسطة قانون من حفائر التاريخ، لا يصلح لمطلع هذا القرن. قانون وضعه الرجل المريض، كنا ولا نزال نعاني آثاره حتى اليوم. في كل الاحوال، هذا الاستحقاق يحمل في طياته ومضامينه بشائر التغيير، ورياحاً أٌخر، انتقالاً من هذا الواقع المتخلف الى واقع سياسي جديد، وقيم سياسية جديدة، بناءً للبنان من طراز آخر، لبنان الذي نتطلع اليه، والذي نأمل استعادته بدْءاً من انهاء الفراغ، لا سيما نحن الآن بأمس الحاجة اليوم قبل الغد الى رئيس ناظم للبلاد والعباد، وقبل ان يُصنف هذا البلد في عداد الدول المارقة والخارجة على القانون.

استحقاق قد يكون النواة الاساسية للبدء بحياة سياسية متقدمة، وصولاً الى الافضل على كل المستويات، خاصة وان العقل اللبناني لديه من الامكانات، لجلب الاستثمارات، واستخراج الموارد الطبيعية، وبالتالي خلق مزيد من فرص العمل ما يُغني ويكفي. انتخابات يجب ان تُجَّير وتنسحب على بقية المؤسسات.

الانتخابات

كل ذلك سيثبت، بالرغم من كل المعوقات، والتجاذبات، والتحديات المحاذية لنا، ان منطق التاريخ لن يعود الى الوراء، وان لبنان سيكون يوماً ما في عداد الدول النموذجية والراقية اذا ما دفعنا بالمؤسسات الى الامام. في مجمل القول: هذه الانتخابات، أكدت على العيش المشترك، واحترام التنوع، وعلى الديمقراطية في جميع اوجهها التوافقية والتنافسية. فهل بعد انتهاء هذا الاستحقاق، انتخاب مجلس نيابي جديد، وعلى قاعدة قانون انتخابي عصري يرفع كابوس الطائفية والمذهبية عن كاهل المواطن؟ ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية، يعزز الديمقراطية بأجلى معانيها، استكمالاً للسيادة الوطنية، وحرصاَ على فرادته في هذا الشرق الكبير.

فحذار حذار من المزيد العودة الى الوراء، وتعطيل المؤسسات.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…