الأنانية سراب الضعفاء!

بقلم رواد الصايغ

أنباء الشباب

الأنانية مشتقة من الأنا والغرور، داء مدّمر لصاحبه فيكسر صلة المودة والمحبة بين الناس، أصاب العديد منا للأسف، فتجد كل يفكر في نفسه وينسى أو بالأحرى يتناسى الآخرين، فقد قيل (حُب النفس رأسُ كلُ خطيئة).

وهي من فخ الشيطان ومن مكائد النفس الأمارة بالسوء، لأن أخطر شر في هذه الدنيا هو شرُ شيطان النفس، فظلم نفسه من عصى الله وأطاع الشيطان. وهي حُب التمّلك والغيرة التي تدفعُ الإنسان إلى إرادة السيطرة على أملاك الغير بدون حق، واتباع  الأهواء بضرر الآخرين، والانتفاع الشخصي، وحُب النفس وعدم الشعور بالآخرين، والصُعود على الكراسي بأعلى المراكز بغير حق.

وهي أيضا حب النفس المطلق، والاتكالية وترك العناء للغير، والتجرّد عن الضرر الذي سوف يقع للآخرين والتبرؤ منه سواءً كان ماديًا أو نفسيًا، برغبة  ذاتية للاستحواذ على حاجات الغير فتحله لنفسها وتحرّمه على غيرها. ويندرج من الأنانية، الغيرة المُفرطة، الحَسد وحُب التسّلط الشخصي، الغرور والتكبّر، وإراحة النفس والصُعود على أكتاف الآخرين بدون مُبالاة.

Untitled44

والأناني لا يقبلُ النصيحة والإرشاد من أحد لأنهُ يجد نفسه دائما الأفضل، لا يحب الاعتراف بالخطأ ويظن نفسه دائمُ الصواب، من المعصومين عن الزلة، يجهل بأن الاعتراف بالخطأ دليلٌ على احترام عقول الناس، يُحلل لنفسِه ما دامت مصلحتهُ موجودة، عندما يرى غيره متفوقًا يصاب بالغيرة الجنونية التي تدفعه للكره والحقد لأنه لا يريد أن يرى أحدًا أفضل منه. غير مبالٍ بأحد، يُحبُ أن يرى غيره يشقى وهو يرتاح، مصلحتهُ فوق كل مصلحة، غالبًا يكون شخصٌ غيرُ مريح وغيرُ مرغوب فيه في أي مكان وخاصة ً في الأوساط الاجتماعية.

شخصٌ قليل الصُحبة آخذ ٌوغير قابل للبذل والعطاء، يصعب التعامُل معه، رضاهُ من الصُعوبات، غير مضّحي ويُبالغ في مدح نفسه وإظهار مهاراته وابتكاراته حتى لو بالكذب، تندرج منه عادة النفاق والاستعباد والطغيان على الناس، ليس منه رجاءً للإيثار.

وتعتبر مشاعر التضحية والإيثار، والبعد عن الأنانية وحب الذات والاحترام المتبادل من أهم عناصر نجاح الحياة العملية. وبالرغم من أن الكثير قد يشعرون أن هذه المشاعر خيالية ومن النادر توفرها، إلا أنها من الأساسيات التي يجب أن توجد. ومن خلال حياتنا اليومية والتجارب التي نعيشها، يتمكن الغرور من بعض المسؤولين فيتجاهلون الآخرين، ويرون أنفسهم أنهم دائما المهمين ولا يمكن ان يسير العمل بدونهم. مدمنون على إستماع كلمات الشكر والثناء والمديح، مزهوون بكلمات تشبعهم ليرضوا غرورهم، يتجاهلون مشاعر الآخرين ولا يتبادلون العطاء، لا يعلمون بأنه سوف يأتي يوم يفقدون كل ما كان حولهم ليصابوا بحالة من الاحباط واليأس وليبدأوا بالبحث عن ما افتقدوه من مديح، وربما يبتكرون طرقا لإثارة من حولهم لإشباع ما افتقدوه.

ألم يفكر هذا المسؤول أن الانانية وحب الذات نهاية وخيمة، وسيبتعد عنه المحيطون والمتزلفون ويصبح في مأزق ليبحث عن مخرج. لما الأنانية والتجاهل وعدم الاهتمام؟ لماذا نترك لمثل هذه السموم النابعة من النفس أن تنتشر؟ لما لا نفكر في بعضنا البعض، ونتفادى مثل هده الاخلاقيات وأن نتشبث بقيمنا الانسانية؟ فلن يبقى في النهاية إلا العمل الطيب في هذه الحياة الصاخبة، فلا ننسى بعضنا البعض، فكل منا بحاجة للآخر!

والمسؤول الناجح هو من يبتعد عن الأنانية لأن كل شيء يبنى على الأنانية يهدم كأن شيئ لم يكن من دون أن يترك أي طيبة أو جدوى سوى أنانيته المفعمة بالكراهية.

————————-

(*) مسؤول الثانويات والمهنيات في منظمة الشباب التقدمي

اقرأ أيضاً بقلم بقلم رواد الصايغ

العلم سلاحنا!