لا تُخطئوا العنوان..؟؟!!

صلاح أبو الحسن

إغتيال قادة عسكريين كبار في قلب دمشق، أمثال مصطفى بدر الدين الشبيه باغتيال عماد وجهاد مغنية وسمير القنطار.. وجميعهم معروف عمهم بأنهم على مستوى عال ورفيع جداً من الحسّ الأمني.. ولا يمكن أن يطالهم أحد بالسهولة التي قضوا بها.. دون تواطؤ أجهزة مخابرات كبيرة جدا، بما في ذلك أجهزة المخابرات الأميركية والروسية التي هي على صلة وثيقة بأجهزة المخابرات الإسرائيلية، وطبعا دون أن ننسى أجهزة مخابرات النظام السوري.. والكل يعلم أن التنسيق والتعاون بين كل هذه الأجهزة وإسرائيل بحراً وبرا وجوا هو على أعلى الدرجات..

لذلك، فان إتهام “أضعف الحلقات” أي المعارضة السورية، باغتيال مصطفى بدر الدين، لم يُؤخذ على محمل الجد، ومن هنا طُرحت علامات إستفهام كبيرة جدا جدا.. حول تحييد إسرائيل عن الجريمة.. وهي التي لها الكثير من السوابق باغتيال قادة كبار من حزب الله سواء في بيروت في عقر دار المقاومة أو في سوريا في عقر دار مخابرات النظام!!..

واللافت هي الجهود الكبيرة التي تُبذل لتبرئة إسرائيل واتهام المعارضة السورية.. علما أن المعارضة السورية فيها الكثير من التعميم والضبابية، خاصة، أن أكثر من ثلثي السوريين الذين لا يوالون الأسد هم إرهابيون بمفهوم النظام.. وبنظر الروس السوريون كلهم مشبوهون وكلهم “داعشيون”.. ولن نتطرق للأميركي فهو وإدارته من دون رأي.. ويتفرجون على ذبح السوريين!!.

أما الإيراني فلا يعنيه الشعب السوري كما لا تعنيه شعوب العراق واليمن والبحرين ولبنان.. فمن يموتون أو يجوّعون في في هذه الدول هم أرقام وليسوا بشرا.. والانتصار في سوريا ولو أُبيد كل الشعب السوري.. هو الأهم.. وهذا ما عبر عنه صراحة رجل الدين الإيراني مهدي طائب بقوله: “لو خسرنا سورية فلا يمكن أن نحتفظ بطهران، لكن لو خسرنا إقليم خوزستان (الأهواز) فسنستعيده ما دمنا نحتفظ بسورية”..

وبالعودة إلى إغتيال “ذو الفقار”، أعاد السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير إتهام الشعب السوري “التكفيري” و”الإرهابي”.. بجريمة الاغتيال.. مستطردا، لرفع العتب، بتحذير إسرائيل من التفكير بالقيام بعمل شبيه بعمل “الإرهابيين السوريين”.. بأن الرد سيكون خارج وأبعد من مزارع شبعا… وهي رسالة “تبرئة” وتطمين لإسرائيل في آن معا.. على أساس “الحساب المؤجل.. فيما “المقدّم” هو في حلب والغوطة وإدلب واللاذقية..

وإعتبر أن الثأر الحقيقي لمصطفى بدر الدين سيكون بـ”مواصلة” وتعاظم “حضورنا” العسكري في سوريا لمواجهة المزيد من الشعب السوري الإرهابي بالتعاون والتكافل والتضامن مع الروسي والإيراني.. لكن أحدا لم يفهم معنى إستثناء الروسي عندما تحدث السيد نصرالله عن “إفشال المشروع التكفيري – الأميركي – الصهيوني – السعودي”؟؟.. فهل “القيصر” بعيد عن هذا “المثلث”؟؟!!.

فالروسي الذي تباركون تحالفكم معه لقتل المزيد من الشعب السوري.. لا يقل أبدا عن الأميركي في حرصه على الكيان الصهيوني ودولة إسرائيل.. فأنتم حلفاء حليف إسرائيل.. ونذكركم أن روسيا “الإتحاد السوفياتي” سبقت أميركا بساعات، بالاعتراف بقيام دولة إسرائيل!!..

واللافت أيضا، تعداد “السيد” لمحطات نضالية “مضيئة” رافقت حياة “ذو الفقار”..

السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير

السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير

وقد كان للشهيد الكثير من الإنجازات وتعاون وثيق بين أمن المقاومة والأجهزة الأمنية اللبنانية.. من عام 1996 إلى الـ2000 ليقفز فورا إلى العام 2006، متجاهلا محطة مفصلية بتاريخ لبنان عام 2005، علما أنه إتهم وقتها فوراً إسرائيل بجريمة العصر.. وعاب على فريق كبير من اللبنانيين إتهام النظام السوري بالجريمة “الزلرال”، وتبرئة إسرائيل.. فيما هو اليوم يتهم بعد ساعات من جريمة إغتيال بدر الدين المعارضة السورية “الإرهابية” ويبرىء إسرائيل.. التي كانت في عصر مضى “العدو” الأول والأخير.. والذي حلّ محلها اليوم “الشعب السوري” العدو رقم واحد؟؟!!…

وهنا لا بدّ من سؤال الأجهزة الأمنية التي أشار إليها “السيد” حول التعاون الوثيق بين الأجهزة الأمنية اللبنانية ومصطفى بدر الدين فيما هو متهم ومطلوب من المحكمة الدولية..

نعم، يا “سيد” المقاومة التي طردت الاحتلال الإسرائيلي من بيروت”.. هي ذاتها التي تطرد الشعب السوري من أرضه وقراه ومن وطنه وذبحت وقتلت من هذا الشعب الأبي أضعافا مضاعفة مما قتل من الجيش الإسرائيلي!!..

لا وألف لا، فشهداء المقاومة ضد إسرائيل هم فعلا وحقيقة شهداء.. أما من يسقطون في سوريا والعراق واليمن ومصر هم قتلى. وغير صحيح أن القتلى ضد العدو والقتلى ضدّ الشقيق هم سواسية أينما سقطوا.. فاتقوا الله.. إلا إذا كان الهكم هو غير إله الشعب السوري؟؟..

بعد إغتيال مصطفى بدر الدين يجب أن لا يكون كما قبله.. أخرجوا من كذبة إتهام المعارضة السورية.. والمصيبة أن تُصدّقوا كذبتكم.. لكثرة تكرارها.. من يرتكب مثل هذه الجريمة وبمثل هذه الدقة والحرفية اكبر من قدرات المعارضة..

فتشوا عن دور المخابرات الروسية وعن دور مخابرات النظام السوري او حتى الاميركي.. الذين ينسقون ساعة بساعة مع إسرائيل ومخابراتها.. وسوريا تعجّ اليوم بأجهزة المخابرات الدولية والإقليمية بما في ذلك الإيرانية… ولا يفيد توزيع الاتهامات جزافاً حول إستدراج الجماعات التكفيرية إلى سوريا.. والنظام السوري شكل “المغناطيس” الأول لاستدراج الإرهابيين.. وهو أول من أطلق الارهابيين من سجونه الذين شكّلوا “خميرة الإرهاب”.. الذي نعاني منه اليوم، بعد أن صدّرهم الأسد إلى العراق لمحاربة الأميركيين هناك، واكتسبوا الخبرات “الانتحارية” فيها.. وصدّرهم أيضا إلى مخيم نهر البارد تحت إسم “فتح الإسلام” وإعتبر يومها حزب الله هؤلاء الإرهابيين “خطا أحمر”.. وبالنتيجة كل من يقاتل الشعب السوري هو إرهابي.. و”البادي أظلم”..

فيا “سيد” لا تُخطئوا العنوان.. قد لا تكون إسرائيل هي من اغتالت.. وكلامكم صادق.. لكنكم تقولون نصف الحقيقة – ليست إسرائيل – لكن حتما ليست المعارضة.. قولوا النصف الثاني من الحقيقة.. وفتشوا بين الأصدقاء “الممانعين” ودعوا المعارضة وشأنها.. فحساب الحقل، حتى مع “الحلقاء”، يختلف في الغالب عن حساب البيدر..

نعم، يجب أن يلعب “الفأر في عبكم” ولا يفيدكم خداع الذات وجماهيركم عبر تغطية “السماوات بالقبوات”.. إغتيال مصطفى بدر الدين رسالة سياسية بالدم موجهة لإيران وحزب الله.. وتقليم أظافر إيران ليست “هدفا” إسرائيليا ولا عربيا فحسب!!.. ولكن على الحزب أن لا يضع الأمر “في دائرة النسيان”، كما وضع المحكمة الدولية.. وتبقى مهمته الكشف عن المرسل الحقيقي..

وليطمئن حزب الله والنظام السوري أن المتهمين بقتل رفيق الحريري قد يصبحون في “ذمة الله” قبل إنتهاء المحكمة من اعمالها.. كما فعلت العدالة الإلهية بقتلة كمال جنبلاط..