بين المساواة والعدالة، فرقٌ كبير!

بقلم سامر بو كروم

أنباء الشباب

لا يمكن لأحدٍ أن ينكُر أهمية المساواة والعدالة كأساس لمُقوِّمات الوطن ونموِّه. ومع ذلك، لا يجبُ أن نتمسَّك بهاتان الصِّفتان بشكلٍ أعمى، أو أن نوافق عليهم في كلِّ الأحوال دون أن نتمعَّن في المعنى المقصود والنَّتائج المتعمَّدة، خصوصًا أنَّ تعريف كل من المساواة والعدالة مبهم وغامض إلى حدٍّ ما.

فهل يمكن لنا أن ننسى كتاب “الجمهورية” الذي حاول فيه سقراط تعريف العدالة، وتطرق عبرها إلى أهمية العدالة ليس فقط في بناء المجتمع والدولة، بل لبناء شخصية الفرد وتطوير الذَّات والوصول للراحة النَّفسية…

بالعودة إلى وقتنا الحاضر، يختلط مفهومي العدالة والمساواة، وهذا ما يظهر بشكل واضح في الحركات النِّسائية المُطالبة بالمساواة بين الرَّجل والمرأة. طبعًا، لستُ من الرَّاضين عن الوضع الحالي للمرأة في لبنان والوطن العربي بشكلٍ عام، بغياب القوانين التي تحميها، ووجود الضغوطات الاجتماعية التي تقوِّضها.

لكن، في الوقت نفسه، لا يمكن أن ننكر الفروقات البيولوجية بين الرَّجل والمرأة. فالرَّجل، بشكلٍ عام، يمتلك القدرة الجسدية، والمرأة مجهَّزة ومؤقلمة نفسيًّا وجسديًّا، بحسب نظرية داروين، لتربية الأطفال، خصوصًا في أوَّل سنوات حياتهم.

كلامي ليس تقليديًّا ورجعيًّا. إذ أنني أعي الاتجاه العالمي حول مفهوم “الرَّجل” و”المرأة”. ويمكن أن نجد اليوم من يعتبر نفسه ينتمي إلى أحد الجنسين، أو إلى كلاهما، أو لا ينتمي إلى أيٍّ منهما، أو ينتمي إلى جنسٍ ثالث… وهنا يجبُ أيضًا أن نفرِّق بين حالة الشخص البيولوجية وما يختار الشخص أن يكون اجتماعيًا وهذا ما يتخطى قدرة هذه المقالة وغايتها.

women vs men

بالرَّغم من تطوُّر مفهوم الجنس، لا يزال يتمحور حول فكرتي الرَّجل والمرأة. وخلال القرن الأخير، بعد أخذ المرأة الكثير من حقوقها المسلوبة، واستمرار ثورتها تجاه المجتمع الذكوري، إختلط مفهوم المساواة بالعدالة. فالمساواة في هذه الحالة ليست بعدالة، إذ يجب أن نعترف بالاختلاف الموجود. طبعًا، إنَّ التَّعليم وظروف العمل اليوم يقلِّلون من أهمية هذا الاختلاف، إلا أننا، بخلاف ما يظن البعض، لا يمكننا الاستهتار بهذا الإختلاف لدرجة المساواة بين الرَّجل والمرأة.

ففي الحقيقة، لتحقيق العدالة، لا يجب أن نساوي بين الرَّجل والمرأة. يجبُ أن ننتبه هنا، أنني لا أقصد التَّقليل من شأن المرأة، ولا التَّعظيم في قيمة الرَّجل، إنَّما أعترف بالاختلاف بينهما، لهذا، يكمن الحلُّ في تحقيق العدالة التي تأخذ بعين الاعتبار هذا الاختلاف، لا المساواة التي تعتبر بأن المرأة مجهزة بيولوجيًّا ونفسيًّا بذات القدرات التي يملكها الرَّجل. وتعتبر كذلك أنَّ الرجل يملك ذات الصفات والقدرات التي تملكها المرأة.