في ذكرى تأسيس حزب البعث

بسام الحلبي

 في الذكرى السبعين لتأسيس حزب البعث الإشتراكي العربي كتب الدكتور عبد المجيد الرافعي، النائب السابق عن طرابلس وهو البعثي العراقي القديم بقدم انقسام هذا الحزب الى بعث قومي (عراقي) وبعث قطري (سوري) والذي غادر لبنان عند دخول الجحافل السورية ليعيش في ظل صدام في بغداد، مقالة وجدانية في صحيفة النهار مستوحاة من شعارات حزب البعث الإشتراكي العربي أضاء في خاتمتها شعلة بمناسبة هذه الذكرى، التي اعتبرها خالدة. وشعرت برغبة كلبناني تقدمي إشتراكي، مارس العمل الحزبي برعاية أمير الشهداء كمال جنبلاط، وآمن بقائد العروبة العظيم عبد الناصر، أن أحذو حذو الدكتور الرافعي وأقول كلمة بهذه المناسبة.

 لا بد بهذه المناسبة من تذكر أفضال الحزب الذي رفع شعار “وحدة حرية إشتراكية”، التي خلّدها الدكتور الرافعي في مقالته دون ذكرها، فكان لا بد من التذكير بهذه بالأفعال التي قام بها و المنبثقة من هذا الشعار، فنضيء جميعا بدورنا شعلة للحزب الخالد.

منذ توقيع أكرم الحوراني وميشال عفلق  وصلاح البيطار على وثيقة إندمـاج حزب البعث والحزب الإشتراكي العربي تمكن الحزب الناشئ من القيام بأعمال تاريخية لم يتمكن أعرق الأحزاب الدمقراطية من تحقيقها. فقد ساهم هذا الحزب بخلق الأجواء المتفجرة في سوريا في منتصف خمسينات القرن الماضي وأصر على إنقاذ سوريا بوحدتها مع مصر ضاعطاً على الرئيس عبد الناصر الذي كان يعتبر الظروف لمثل هذه الوحدة غير ناضجة بعد، فقامت دولة الوحدة وبدلا من السعي إلى تصحيح الأخطاء التي وقعت بها الدولة الناشئة الفتية تآمر مع الرجعية و الإقطاع والرأسمال السوري، التي كانت تمثلهما الشركة الخماسية، ساعياً وراء إستلام الحكم وأعلن الإنفصال وانتهى حلم “الجمهورية العربية المتحدة”.

Untitled

وفي فترة حكمه في منتصف ستينات القرن الماضي، وفي ظل حكم البعثي الشهير اللواء أمين الحافظ، كاد الجاسوس الإسرائيلي إيليا كوهين أن يصبح وزيراً للدفاع، كما كان الحزب من المسببات الرئيسية التي أدت إلى حرب 1967 بمواقفه غير الصادقة التي خلقها حول إمكانية هجوم إسرائيلي على سوريا. و لما شنّ حرب 1973 وصلت إسرائيل إلى مسافة ثلاثين كيلومتراً من دمشق، رغم رفع رايات النصر وتحويل المناسبة إلى عيد وطني. وقد ساهم في إشعال الحرب الأهلية اللبنانية وتأجيجها وتوصل الى إحتلال لبنان،  بمظلة قوة ردع، في صفقة الطائف.

0368ff0f2eb2cdf48b169870a9dcca5c

إنقسم على نفسه وباتت العداوة بين القيادة القومية (العراق) والقيادة القطرية (سوريا) أشد من العداء لإسرائيل التي كان ينادي هذا الحزب بأن نهايتها على يده بين يوم وآخر.

العراق

حكم العراق فتسبب بإحتلاله وتدميره وسبيه من الأميركيين وشذاذ الآفاق وإنقسامه الظاهر الى ثلاث دول.

حكم سوريا فدمرها وهجّر أهلها وحوّلهم إلى لاجئين وغرقى في البحار ومتسولين في شوارع عواصم العالم.

بدلاً من تحرير فلسطين حرر سوريا من شعبها وكان يهدد إسرائيل وهو في سوريا لم ينتصر على المجموعات الإرهابية التي سلبت أجزاء منها  لتقيم عليها كيانات طائفية متخلفة منهزماً أمامها، وإذا إنتصر عليها في بعض المعارك فكان ذلك بفضل مساندة الحزب اللبناني الحليف والغطاء الجوي الروسي.

01

أما ممارسـته للدمقراطية فكانت بمنتهى الحضارة، خاصة في لبنان، عن طريق القتل والإغتيال، فبعد التصفيات الداخلية في صفوفه طيلة النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، بدأ نشاطه الدمقراطي الحضاري بإغتيال أمير الشهداء كمال جنبلاط، ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقف عن ممارسة هذه الدمقراطية، والقائمة ليست بحاجة للسرد.

اما إسرائيل فهو لم يجرأ على الرد على إعتداءاتها مرة واحدة، رغم الإعلان من الأبواق، في لبنان قبل سوريا، أن تحرير فلسطين سيتم على يده، وكان يُصدر البيانات المستنكرة للتعديات الوحشية الغاشمة ويحتفظ بحق الرد وكأنه يوجه إنذاراً لا ينقصه سوى توقيع محام ٍ.

نوافق بالمطلق على وجوب إضاءة شعلة بمناسبة الذكرى السبعين لولادة هذا الحزب التاريخي، ولكن ليس على شرفه بل ترحماً على أرواح شهداء الدول العربية التي حكمها وتدخل في شؤونهـا، وعلى روح الأمة العربيـة التي كانت في صلب شعاره “أمة عربية خالدة ذات رسالة خالدة” فهل يستأهل مثل هذا الحزب شمعة بمناسبة ذكرى تأسيسه؟