ما البدائل عن إعادة الزخم إلى عمل الحكومة؟

لا يختلف أحد من المراقبين للوضع اللبناني المضطرب على أن الرئيس تمام سلام نجح في جلسات مجلس الوزراء الأخيرة  في تجاوز المطبات التي كادت تعيد عمل الحكومة إلى شرنقة التعطيل والشلل من دون ان يعني ذلك بان محاولات البعض لتفخيخ جلسات مجلس الوزراء وانتاجيتها لن تتوقف سواء بخلفية مزايدات بعض الوزراء الشعبوية أو بخلفية حسابات بعض القوى السياسية التي لا تتوانى عن استخدام ورقة تعطيل عمل الحكومة لغايات مرتبطة بمصالحها السياسية العابرة لحدود لبنان والتي تتجاوز قدراته وامكانياته على تحمل تداعياتها وعواقبها الشديدة السلبية على أمنه واستقراره وانتظام عمل مؤسساته الدستورية.

كما يجمع المراقبون بأنه في المدى المنظور وحتى اشعار آخر لا يلوح في الأفق أي أمل باجتراح حلول أو ولادة اعجوبة سياسية على صعيد  حلحلة العقد الكثيرة التي تمنع وتحول دون انتخاب رئيس جديد للبنان خصوصا أن العالمين بخفايا الأمور يدركون جيدا  بأن هذه المراوحة وحالة العجز المتمادية التي تكبل وتكربج عملية انجاز الاستحقاق الرئاسي مرتبطة بشكل وثيق بالمشهد الإنقسامي الداخلي الذي يزداد عمقا وحدة وتوتراً يوما بعد يوم، وبالكباش الدولي – الإقليمي في سوريا والذي يكاد يدخل في منزلق أشد خطورة في الأيام القليلة الماضية فيما لو استمر الهجوم الذي ينفذه النظام السوري في حلب تحت جناح التقصير الدولي والعربي المفضوح وغير المبرر.

وفي هذا الإطار، تؤكد اوساط متابعة بأن تفاهم إعادة الحياة والزخم  إلى عمل ونشاط الحكومة السلامية هناك حرص قوي وجدي في كواليس الأروقة السياسية في الحفاظ عليه لا سيما بعد مضي حوالي سنتين على الفراغ الرئاسي المتمادي في قصر بعبدا من دون أي تتمكن جميع المبادرات من تقدم خطوة واحدة باتجاه الهدف المنشود، لا بل أن المعطيات المحيطة بعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية باتت اليوم أكثر تعقيدا وصعوبة من اليوم الذي انطلق فيه الفراغ بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، خصوصا في ظل الأوضاع الإقليمية المأزومة لا سيما في سوريا والتي تزداد تأزما وتعقيدا مع ما تجر ورائها من انعكاساتها وارتدادات السلبية تزيد من ارباكات وتخبط الوضع اللبناني بشكل عام موضوع الاستحقاق الرئاسي بشكل خاص في ظل حالة الترقب والإنتظار التي تعيشها المنطقة بأسرها على وقع تعثر مؤتمر جنيف3 المترافق مع زيادة حجم قوة  البركان الدولي والإقليمي المتفجر في سوريا.

وتشير الأوساط بأن خلفية تفعيل العمل الحكومي ترتكز على أنه إذا كانت القوى السياسية عاجزة على حلحلة القضايا الوطنية الكبرى في البلاد كمواضيع: انتخاب رئيس جديد للجمهورية، اقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية، والأزمة السورية وغيرها من القضايا الأخرى، فأن المطلوب بالحد الأدنى في ظل براكين المنطقة المشتعلة من كل حدب وصوب وقف  حالة المراوحة التقهقر والتراجع مع ما تحمل من انعكاسات سلبية كبيرة على صعيد تآكل واهتراء وجود الدولة وهيبتها وفعالية عمل مؤسساتها والتي بعضها وصل إلى حد الإنهيار والإندثار.

 إذ لا شيء يحول دون تنظيم الإختلاف بين مكونات القوى السياسية  حول كل هذه المواضيع المرتبطة بشؤون وأوضاع الناس المعيشية والإجتماعية والإقتصادية كملف الكهرباء وغيرها من الملفات، وذلك على قاعدة فصل القضايا الكبرى عن بعض  القضايا الجانبية  الملحة التي لا تقل أهمية عن تلك، وأبرز هذه القضايا الملحة هو موضوع القضايا الحياتية ومسألة تشغيل الدولة بمرافقها ومؤسساتها من أجل توفير الحد الادنى من الحياة الكريمة للمواطن اللبناني، هذا بالإضافة إلى مسألة الحفاظ على أمن واستقرار لبنان من خلال خلال الخطاب السياسي الذي يعزز التضامن الوطني الداعم لوحدة لبنان وسلمه الأهلي وعيشه الوطني المشترك.

______________

(*) هشام يحيى