كيف تستعد “بتعبورة” لتنصيب إبنها ميشال تامر رئيساً للبرازيل؟

تتحضر قرية بتعبورة اللبنانية (قضاء الكورة شمالي لبنان) للإحتفال الكبير في البلدة يوم تنصيب إبنها ميشال الياس ميغيل رئيسا لجمهورية البرازيل خلفاً للرئيسة المعزولة ديلما روسيلف.

جريدة “الأنباء” زارت مسقط رأس جدّ تامر في القرية النائية في جرود الكورة، وجالت في أرجائها متحدثةً إلى بعض أهلها الذين عبّروا عن إعنزازهم بإبن قريتهم الذي زارها في العام 2011، تلبية لدعوة من رئيس جمهورية لبنان السابق ميشال سليمان، وتواصل مع سكانها البالغين 400 نسمة هم مقيمين دائمين، وانه حين وصل قريته زار بيت جده المميز بقرميده وقبل أحجار البيت وبكى من فرحته، ووعد اهلها بمشاريع إنمائية حينذاك، لا سيّما أن القرية تعاني من بعض الإهمال كونها صغير جداً ومعظم أهلها مهاجرين إلى الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين. وكان تامر قد سبق وزار مسقط رأس عائلته في العام 2004، وفي العام 1997 زار وطنه الأم أيضاً بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري.

ميشال تامر

ويقول أحد مخاتير البلدة الياس الخوري للـ “الأنباء” أن جدّ تامر، هاجر خلال الحرب العالمية الأولى بسفينة كانت تقلّ عدداً كبيراً من المسيحيين في الشمال هرباً من وطأة الحرب والحكم العثماني آنذاك، ومن مدينة طرابلس إنطلقت السفينة نحو مرسيليا في إيطاليا ولم يكن معظم المهاجرين على علم إلى أي دولة سيتجهون، كان همهم الوحيد الهرب من وطأة الحرب والحكم العثماني.

ومن مرسيليا إنقسم المهاجرون منهم من توجه إلى الأرجنتين وآخرون إلى الولايات المتحدة فيما جدّ تامر توجه مع آخرين إلى البرازيل ومن هناك إنطلق لتأسيس حياة جديدة وعمل في تجارة القماش وأنجب والد تامر نخول الذي تزوج فيما بعد من مرشة بربر، وكان نخول حريصاً جداً على زرع حب الوطن في نفوس اولاده الثلاثة بينهم ميشال الذي ولد في العام 1940 في سان باولو البرازيل، وكان حريصاً كل فترة على زيارة قريتهم والتواصل مع أهلها”.

تامر3
وكان نخول تامر قد زار قريته لأخر مرة في العام 1963، وكان معه اولاده الثلاثة، حينها كان ميشال في سن الـ23، إلا انه لم يعد إلى لبنان بتاتاً، فيما عاد ميشال إلى لبنان عدة مرات أبرزها في العام 1997 وفي العام 2004 و2011.

ويضيف الخوري بأن “ميشال تامر وعدهم عدة مرات بأنه سيجعل قريته بلدة نموذجية في حال أصبح رئيساً للجمهورية وبانه سيزور لبنان قريباً ويقيم عرساً كبيراً فيه بعد تنصيبه رئيساً، كونه محب جداً لوطنه ولقريته، وان والده لعب دوراً إيجابياً في حياته وحياة إخوته الثلاثة من خلال ثنيهم على محبة أرضهم وأرض أجدادهم، وقد طلب من أهل بتعبورة أن يطلقوا إسم والده نخول تامر، خلال زيارته الأخيرة لها، على أحد أحياء القرية وهذا ما حصل.

تفتخر “بتعبورة” بميشال متأملة فوزه بمنصب رئيس الجمهورية، ويغمز الخوري مازحاً “هكذا يصبح لطائفة الروم الأرثوذكس أول رئيس جمهورية بعدما عجز لبنان من إختيار رئيساً له، كما أن هذه الطائفة تعتبر مهمشة سياسياً في لبنان، ولعل بفوز تامر يعود الأمل قليلاً، ونتوقع أن يقدم للقرية الكثير كما وعدنا سابقاً”.

تامر

يعيش في هذه القرية التي ترتفع عن سطح البحر حوالي 450 مترا حوالي 400 شخص معظمهم من كبار السن، كون الشباب ينزحون إلى العاصمة بيروت بهدف التعلّم والعمل، كما ان بتعبورة تعاني من بعض المشاكل في البنى التحتية بإعتبار أن لا نائب في البرلمان اللبناني يمثلها وبالتالي لا أحد يلتفت إليها، إلا انها مؤخراً أصبحت حديث الإعلام المحلي والعربي والعالمي بفضل ميشال تامر.

وعلى الرغم من صغرها وقلّة سكانها، إلا انها تتميز بوجود مختلف الأطياف السياسية الحزبية (مؤيدين للقوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ)، غير أن نسبة كبيرة من أهلها ينتمون للحزب السوري القومي الإجتماعي، ومعظم أهلها يعملون في وظائف بالدولة وبعضهم في الزراعة وهناك قلّة من التجار الأثرياء في لبنان لكنهم لا يعيشون فيها بشكل مستمر.

بإستثناء ميشال تامر لم يخرج من هذه القرية أسماء لامعة، إلا ان هناك بحسب المختار خوري، إسم الثري الأميركي مظهر الياس الذي يسكن في ولاية بوسطن الأميركية وهو رجل أعمال ثري جداً ولديه علاقات مع السياسيين الأميركيين لكنه لم يزر سابقاً بلدته ولا يوجد له منزل او عقار آخر فيها.

taaboura

تتميز قرية “بتعبورة” بزراعة العنب والتين والزيتون، وأهم عائلاتها: الخوري، تامر، الياس، كنعان. وأهلها منقسمون بين العمل الزراعي او المهاجرين في دول الإغتراب. أما إسم البلدة فهو مشتق من اللغة السريانية ومعناه “مجسّد للإله الاموري”، حيث كانت القرية كما غيرها من قرى الكورة تعتبر بروجاً لمراقبة سفن العدو القادمة إلى لبنان في عهد الأموريين. وكانت “بتعبورة” مركزاً لعبادة هذا الإله ومن أجله تم تسمية القرية بهذا الإسم.

تستعد إذن “بتعبورة” لإقامة الإحتفالات الكبيرة في كافة أرجاء القرية، وسيقيمون على مدى أسبوع حفلات الدبكة فرحاً بإبنهم البار كما يطلقون عليه، كما ينتظرون زيارته لهم عند تنصيبه كما وعد، إذ يعتبرونه الأمل الوحيد لإنقاذهم من الإهمال القسري التي تتعرض له القرية، لا سيما أن هناك أقاويل تفيد بان ميشال تامر يعتزم في حال فوزه توأمة بلدية “بتعبورة” (وحالياً لا توجد بلدية مستقلة بل هي تابعة لبلدية كفرحلدا)، مع بلديات برازيلية لإنعاش المشاريع التنموية والبيئية في القرية.

——————-

(*) ربيع دمج- الأنباء