جنبلاط: آن الأوان لكي أنكفئ!

قال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لـ”إيلاف” إن “الوضع غير ملائم اليوم لانتخاب رئيس جمهورية في لبنان، داعيًا إلى الكف عن مقاربة حزب الله مقاربةً إقصائية، متوقعًا أن يطول أمد النزاع السوري 10 أعوام على الأقل”.

أضاف: “حزب الله مكون أساسي في لبنان، “ويخطىء من يعتمد مقاربة عزله سياسيًا”، مؤكدًا أن “الظرف السياسي لإنتخاب رئيس غير متوافر حاليًا، “ولو كان ميشال عون لما وافق على ولاية رئاسية من عامين”.

وتوقع النائب جنبلاط أن يستمر الصراع في سوريا عشر سنوات على الأقل، منتقدًا في المقابل أداء المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لأنه يتجاهل المفاصل الأساس في محادثات جنيف، كالمفقودين والأسرى والمحاصرين بالجوع.

ورفض جنبلاط الإقرار إن كان الإبقاء على سوريا الموحدة ممكنًا اليوم، لكنه رأى أن أحد أخطاء المعارضة هو تجاهل الأكراد، وأن المنطقة العربية في بداية طريق طويل ربما تنتج عنه إعادة رسم خريطة المنطقة، والعراق خير مثال على ذلك.

وأقر جنبلاط لـ “إيلاف” بإرتكاب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بعض الخطأ في السياسة الخارجية، ما أدى إلى أزمة مع دول الخليج. لكن لبنان لا يستيطع أن يتحمل عبء الخلاف الخليجي – الإيراني، لذا دعا إلى حوار جديد خليجي – إيراني يتعلق باليمن ولبنان، وتمنى على السعودية استقبال رئيس الوزراء تمام سلام.

وهذا نص الحوار: 

 

-نحن مقبلون في لبنان على إنتخابات بلدية، كيف يمكن أن ينعكس ذلك على باقي المواعيد الإنتخابية؟ ولم لا نرى هذا الإصرار على إجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية؟

لا علاقة للإنتخابات البلدية بالإنتخابات النيابية المرتبطة بانتخابات رئاسة الجمهورية التي تمنع الأوضاع السياسية حصولها. من هنا نحن في حلقة مفرغة: لا رئيس جمهورية ولا إنتخابات نيابية.

-حزب الله وميشال عون يعطلان انتخاب رئيس. كيف ترون دور حزب الله سياسيًا؟ هل تدخله في سوريا جنّب لبنان – كما يقول – ويلات الأزمة السورية أم جر البلاد إلى آتون الصراع السوري؟

إن لحزب الله حسابات سياسية خاصة، لكنه يظل مكونًا أساسيًا في لبنان، شئنا أم أبينا، ولا نستطيع أن نستبعد حيثية حزب الله. لذلك تظل المقاربة الهادئة الحوارية مع الحزب أفضل. أما الذين يريدون عزله وتحميله مسؤولية كل التعطيل، فأقول لهم هذه مقاربة غير منطقية. فحزب الله يتحمل مسؤولية التعطيل في شق معين، وهم يقولون إنهم يريدون رئيسًا مضمونًا. في الوقت الحاضر هناك مرشحان لهما صفات الرئيس، هما سليمان فرنجيه وميشال عون. لكن لماذا لا يفرجون عن الإنتخابات النيابية؟ لا مفر إلا الصبر والحوار. على الرغم من أن الضغط الإقتصادي على لبنان سيزداد، كالتهديد الأميركي بالعقوبات الإقتصادية على المصارف، وهذا أمر يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار.

-هل تؤيدون طرح البطريرك الماروني بإنتخاب ميشال عون رئيسا لعامين؟

 لم أسمع بهذا الطرح. وإن كانت هناك وثيقة تتضمن ولاية رئاسية من سنتين فهذا خطأ وبدعة، لأنه في النهاية الولاية الرئاسية مدتها ست سنوات، ولو كنت ميشال عون فلن أوافق، فإما ان تكون ولاية كاملة أو لا تكون.

-وفقًا للتحالفات المسيحية، هل ترون أن ثمة حظوظ بعد لسليمان فرنجيه بالوصول إلى الرئاسة؟

هناك حظوظ لسيلمان فرنجية وميشال عون، ولمرشح اللقاء الديمقراطي الأستاذ هنري حلو أيضًا، لكن هذا مرهون بظرف سياسي معين. وهذا الظرف السياسي غير موجود في الوقت الحاضر، يعني علينا أن نقرأ أوضاع المحيط. إذا توحدت الجهود او التسوية السياسية، فلا أمانع أن ينتخب عون إذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي إنتخابه رئيسًا، إذا تنازل سليمان فرنجيه، فالمهم إنتخاب رئيس. أنا أقول إذا اقتضت الظروف، لكني لست من يقرر.

-النزاع السوري طويل بعد خمس سنوات على الحرب في سورية، يبدو وضع النظام أفضل بعد التدخل الروسي. هل جنّب التدخل الروسي المنطقة ويلات التنظيمات المتطرفة؟ وأيهما كان جادًا: المحور الروسي أو الأميركي؟

أولًا، النظام السوري ليس أفضل. صحيح أن ظروفه تحسنت نتيجة التدخل الروسي، لكن في النهاية بعد خمس سنوات على اندلاع الصراع في سوريا، على ماذا يسيطر النظام السوري؟ على قسم من سورية… هناك بدعة جديدة يسمونها سوريا “المفيدة”، وجعل من الباقي ركامًا. دُمرت سورية. كلفة إعمارها إذا انتهت الحرب 300 مليار دولار، وهناك 12 مليون سوري مهجر في الداخل والخارج. من هنا، وضع النظام السوري ليس أحسن. النزاع طويل، وإذا ظن أحدٌ أن النزاع انتهى فهو مخطىء. النزاع الطويل وربما يستغرق أعوامًا، وربما عشرة أعوام على الأقل.

-أليس هناك من بوادر أمل مع إتفاق وقف الأعمال العدائية المعمول به في سوريا منذ شباط (فبراير)؟

ليس هناك وقف لإطلاق النار. نرى يوميًا عشرات القتلى في حلب وغير حلب. كيف يكون وقفٌ لإطلاق النار وأحياء بأكملها محاصرة، مئات الآلاف من السوريين تحت الحصار يجوعون. ماذا عن المطلب الأساسي وهم المفقودون؟ أين مصير المفقودين في الثورة السورية؟ هذا لا يناقش اليوم في جنيف. نسمع نظريات سخيفة للمبعوث الرسمي أو ما يسمى دي ميستورا، هو لا يحدد المسؤول عن خرق وقف النار، ويحمل أحيانًا المعارضة اكثر من طاقتها، ولا يحدد المفاصل الأساسية كالمفقودين والأسرى والمحاصرين بالجوع، فهو لا يحددها فقط بل يتجاهلها أحيانًا دي يستورا وطبعًا عندما ننزل من مستوى الأخضر الإبراهيمي المبعوث السابق إلى مستوى دي ميستورا فهذه كارثة.

-أما زال الإبقاء على سوريا موحدة ممكن اليوم؟

كلا طالما أن النظام موجود ولم تنضج أي صيغة إنتقالية أو أي حل سياسي لسورية الجديدة، وأحد أخطاء المعارضة أنها لم تأخذ بعين الإعتبار المكونات السورية الأخرى، فهم لم يتوجهوا إلى الأكراد بكلام واضح، ولا بد من الحفاظ على الحقوق الثقافية للأكراد ولم يتوجهوا حتى للعلويين بأن مصير العلويين بعد التغيير مضمون، ولا نستطيع أن نضع كل العلويين في خانة النظام والمسيحيين والأكراد، فالمنطقة الكردية هي أغنى منطقة في سوريا، وتبلغ مساحتها تقريبًا ثلاث مرات مساحة لبنان فيها أراضٍ زراعية ونفط. ولم تتوجه المعارضة بكلام واضح بأن المكون الكردي سوري بالأساس، لكن ليس عربيًا. وإن كانت المعارضة تتجاهل الأكراد حذرًا من إغضاب تركيا، فهذا خطأ أيضًا. ليس دروز سوريا عرقًا سوريًا. ليسوا عرقًا منفصلًا. الدروز سوريون، وليسوا المشكلة، فالمشكلة اليوم عند الأكراد والعلويين لأن النظام بإسم العلويين ارتكب مجازر دموية بحق الشعب السوري ولا بد من توفير طمأنينة معينة لهم.

-هل ترون إتفاق سايكس – بيكو جديد في المنطقة؟

 نحن في بداية الطريق. هذا العام نحتفل بمئوية سايكس – بيكو. نحن في بداية طريق طويل جدًا، قد يتبين منه إعادة رسم المنطقة من الداخل، من قبل مكونات المنطقة بمساعدة دول خارجية. وخير مثال على ذلك اليوم الوضع في العراق.

الحوار خليجي – إيراني جديد

-أين أخطأت الحكومة اللبنانية في سياستها الخارجية؟ هل من إتصالات مع السعودية لترطيب الأجواء؟

أخطأ وزير الخارجية قليلًا، لكن لا نستطيع أن نتحمل عبء الخلاف الخليجي – الإيراني. كلامي صريح، إذ لا بد من حوار جديد خليجي – إيراني يتعلق باليمن ولبنان وسواهما..

 -رأينا سياسة أميركية جديدة في المنطقة في عهد اوباما. هل صبت سياسته سلبًا أم إيجابًا في صالح الدول العربية؟

بالنسبة إلى مصالح الولايات المتحدة، يبقى الرئيس الأميركي من القلائل الذين لم يورطوا الولايات المتحدة في حروب. إنه يتمتع برؤية استراتيجية هائلة في الدقة لعدم توريط أميركا في الصراعات، وقام بالكثير لصالح الإقتصاد الأميركي بعد الكارثة الإقتصادية، لكن في ما يتعلق بالمنطقة، له منطق خاص يقوم على أن لا بد من إصلاح ثقافي. قالها سابقًا في القاهرة، وفي عقيدته التي أرساها في مجلة ذي أتلانتيك قال لا بد من إصلاح ثقافي، لا بد من إصلاح الإنسان العربي كي يكون على استعداد لمواجهة التحديات السياسية الإقتصادية التنموية، لكن حالة العرب اليوم وفق نظرة اوباما اليوم غير كافية.

-ما الموقف اللبناني الذي يرضي السعودية؟ 

نتمنى على المملكة أن تستقبل رئيس الوزراء تمام سلام، وكما سبق وذكرت بلادنا صغيرة جدًا وهي نافذة للخليج على البحر الأبيض المتوسط. في الوقت الحاضر وبحكم الأمر الواقع، لبنان نافذة أيضًا لإيران، ولبنان لا يستطيع أن يتحمل صراعًا خليجيًا – إيرانيًا على أراضيه.

آن أوان الانكفاء

 -ستقدمون إستقالتكم من المجلس النيابي فور إنعقاد جلسة تشريعية. أليست الإستقالة في هذا التوقيت ترك للسفينة كي تغرق؟

بعد 39 عامًا من العمل السياسي، والعمل الصاخب خلال أزمات عسكرية، أرغب بشيء من الراحة، أترك مجالًا لنجلي تيمور بأن يكون له شخصيته المستقلة ونهجه المستقل، لأنني لا أستطيع أن أبقيه في ظلي… آن الأوان كي أنكفىء.

-هل تلاشت الأحزاب السياسية في لبنان مع اضمحلال الصيغة الوطنية الجامعة؟

 ليس هناك أحزاب في لبنان. هناك حزب واحد له أيديولوجية معينة هو حزب الله. أما باقي الأحزاب فقد إنغلقت على نفسها مذهبيًا وطائفيًا ونلاحظ التجديد وهذا تجديد إيجابي في الحزب الشيوعي اللبناني بإنتخابهم حنا غريب رئيسًا، وسيطل الحزب بطلة جديدة على الساحة اللبنانية، وقد بقي هذا الحزب متمسكًا بتراث نقابي مطلبي معين ولي أمل كبير في هذه الطلة الجديدة للحزب الشيوعي.

– نرى إنتخابات في الشيوعي وتوريث في الأحزاب الأخرى؟

 صحيح. لم أر هذا الأمر في الأحزاب الأخرى، فالإنغلاق الطائفي أكبر من التجديد الإجتماعي المطلوب.