الوقت الضائع مستمر ولا رئيس قبل ستة أشهر او أكثر من سنة!

طالما ان كل المعطيات والتطورات تشير الى ان انتخاب رئيس جمهورية جديد لا يزال بعيد المنال، فإن ما بدأ يُطرح في شأن الاستحقاق الرئاسي من مثل انتخاب رئيس جمهورية لمدة سنتين لا يعدو كونه مضيعة للوقت في انتظار حلول موسم التسويات الذي حدده نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بـ”ستة أشهر” أو “بعد اكثر من سنة”.

وتقول مصادر نيابية انه إذا كان من يروج لـ “رئيس السنتين” يريد استمالة العماد ميشال عون للقبول به، فإن الأخير لن يقبل به، فمثل هذا الاقتراح عرض عليه عام 2008 ليتم انتخاب العماد ميشال سليمان عندما كان آنذاك قائدا للجيش رئيساً لمدة سنتين على ان ينتخب هو بعده رئيساً للجمهورية، لكنه رفض هذا الاقتراح لأنه كان يدرك ان الطائفة المارونية التي تتبوأ رئاسة الجمهورية عِرفاً منذ الاستقلال عام 1943 لا يمكنها القبول بتجزئة او تقصير لولاية الرئيس البالغة ست سنوات ايا كان شخص هذا الرئيس.

وتضيف هذه المصادر أن ما اعلنه حزب الله على لسان نائب امينه العام يدفن هذا الاقتراح الذي شاع ولم يتبناه اي فريق او جهة داخلية او خارجية مهتمة بالاستحقاق الرئاسي، حيث تمسك “الحزب” بدعمه ترشيح عون طالما انه مرشح من دون ان يأتي على ذكر ترشيح حليفهما رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية الذي يؤيده فريق واسع من القوى السياسية في معسكري 8 و14 آذار.

وتتخوف المصادر النيابية من ان يكون مصير الاستحقاق الرئاسي قد رُبِط فعلاً بمصير التسوية الموعودة للأزمة السورية، بحيث لا ينتخب رئيس للبنان قبل تبلور الحل السوري، وكذلك ربما يكون قد رُبِط بإنتخاب الرئيس الاميركي الجديد في الخريف المقبل والذي سيخلف الرئيس باراك اوباما في البيت الابيض.

kassem00

ويبدو ان كلام الشيخ قاسم عن تسويات “بعد ستة اشهر، او بعد اكثر من سنة” مرتبط بالاستحقاق الرئاسي الاميركي، بحيث انه اذا انتخب رئيس من الحزب الديموقراطي كالرئيس أوباما فإن التسويات في لبنان والمنطقة ستأخذ طريقها للتنفيذ بعد ستة أشهر إستكمالاً للسياسة الخارجية الاميركية الحالية. أما إذا فاز رئيس من الحزب الجمهوري فإن هذه التسويات ستتأخر الى أكثر من سنة لأن “الجمهوريين” قد تكون لهم سياسة خارجية مغايرة لسياسة “الديموقراطيين” في المنطقة، إذ ربما استأنفوا السياسية نفسها التي اتبعها الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش التي قامت على شن الحروب وتغيير الانظمة في المنطقة.

ولذلك، تؤكد المصادر النيابية، ان اجواء من المخاوف بدأت تسود الاوساط السياسية من تأخر انتخاب رئيس جديد للجمهورية مطلع الصيف كما كان متوقعاً، وسيعبر يوم 24 ايار وهو موعد الذكرى السنوية الثانية للفراغ في سدة رئاسة الجمهورية من دون انتخاب رئيس، علما ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كان الاشد حماسة لهذه الانتخاب زار لبنان ولم يحمل اي بارقة امل للبنانيين بإقتراب موعد انتهاء “إقامة” الشغور في كرسي رئاسة الجمهورية اللبنانية.

ولذلك، تتوقع المصادر النيابية ان يحاول الافرقاء السياسيون تعبئة فترة الوقت الضائع التي تسود البلاد ولا يعرف احد مداها الزمني بالتحديد، بتقاذف ملفات خلافية من مثل قانون الانتخاب الى ملفات التشريع النيابي المعطل والوضع الحكومي “المسربل” بالمواقف السياسية والسجالات الدستورية المستدامة حول صلاحيات مجلس الوزراء الذي يمارس صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة، الى ما يمكن ان يطرأ، او يُستَحضَر، من ملفات حتى يحين أوان انتخاب رئيس الجمهورية الذي بات توقيته مضبوطاً على التوقيت الاقليمي والدولي بعدما استقالت غالبية القوى السياسية اللبنانية من قراراتها وخياراتها في شأنه، وجيرتها أو فوضتها الى العواصم والقوى الخارجية المؤثرة، بل التي باتت متحكمة بمصير لبنان والمنطقة.

——————————

(*) رانية غانم