إلى الانتخابات البلدية دُر!

على رغم التحضيرات العملية الجارية في كل المناطق للانتخابات البلدية والاختيارية المقررة الشهر المقبل، لا يزال هناك مَن يرى أن هناك مؤشرات تثير مخاوف من إمكان تأجيلها، خصوصا أن بعض القوى السياسية البارزة ما تزال تضرب “الاخماس بالاسداس” وتنتهي إلى “بوانتاجات” سلبية لغير مصلحتها.

وتقول مصادر نيابية أن بعض القوى السياسية ينظر إلى هذه الانتخابات البلدية على أنها “بروفة” مصغرة للانتخابات النيابية التي تستحق مواعيدها في ربيع السنة المقبلة، بل إن هذا البعض يعتبر أن هذه الإنتخابات هي بمثابة “إختبار قوة” ستخضع له كل القوى السياسية قبل الذهاب إلى الانتخابات النيابية السنة المقبلة.

وتؤكد هذه المصادر أن جزءاً من هذه القوى متحمس جداً لخوض هذا الاختبار لكي يبني بنتيجته على الشيء مقتضاه في الانتخابات النيابية لاحقاً، فيما الجزء الآخر يتهيب خوض هذا الغمار، بل إنه لا يحبذ الأمر إطلاقاً لئلا يكشف له “عوراته” التمثيلية التي نجمت من تراجع شعبيته في شارعه، أو على المستوى الوطني السياسي العام في ضوء مواقفه وممارساته السياسية والنيابية وأدائه البلدي منذ العام 2009 وحتى اليوم، ولذا فإنه يفضل أن يتم التمديد للمجالس البلدية الحالية أسوة بالتمديد للمجلس النيابي، حتى يتسنى له الانصراف إلى ترميم وضعه التمثيلي والاستعداد للانتخابات النيابية ومن ثم للبلدية السنة المقبلة.

وعلى ضوء ذلك، فإن غالبية القوى السياسية تتصرف مع الاستحقاق البلدي على أساس أن إمكانية إجرائها تتساوى مع إمكانية تأجيلها على رغم إنغماس الجميع في التحضير لها والتصرف كأنها ستُجرى غداً. ولكن إظهار هذا الفريق أو ذاك الإهتمام بها إنما يُبطن، بل يُعلن أن هذا الفريق أو ذاك لا يريد أن يصنفه الآخرون في خانة من يريد تعطيل الانتخابات أو تأجيلها، ويكاد هذا الموقف أن يكون أشبه بمزايدات متبادلة على إجراء الانتخابات في مواعيدها، ولكن تمادي الأطراف السياسيين في هذه المزايدات جعلهم أسرى مواقفهم ووضعهم أمام امر واقع يقتضي إجراء هذه الانتخابات مهما كلف الأمر، فيما هم ضمناً لا يريدونها.

وتعتقد المصادر النيابية نفسها أن موقف زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري سيكون الحاسم في اللحظة المناسبة بالنسبة إلى مصير الإنتخابات البلدية، فإذا مال إلى تأجيلها فإنها ستؤجل، وإذا قرر خوضها فإنها ستحصل في مواعيدها، ولكن حتى الآن تصدر عنه مواقف تحض على خوض وغمار هذه الانتخابات.

وفي رأي هذه المصادر، فإن القوى السياسية والمواقع المسؤولة سيواجهون حراجة كبيرة أمام الرأي العام اللبناني، وكذلك أمام المجتمع الدولي، سيُعبّر عنها بأسئلة ستوجه إليهم ومنها كيف أنهم تمكنوا من إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية وكذلك الانتخابات النيابية الفرعية المقررة في جزين، ولم يجروا الانتخابات النيابية عام 2013 وذهبوا إلى تمديد ولاية مجلس النواب على دفعتين، مع العلم أن الانتخابات البلدية تعتبر أكثر خطورة أمنياً على البلد من الانتخابات النيابية لأنها تحاكي النسيج العائلي والاجتماعي في القرى والبلدات في ظل التوتر المذهبي والطائفي السائد؟

وفي هذا الاطار، ينقل نواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله أن الانتخابات البلدية ستجري في مواعيدها ولا رجعة عنها. ويؤكد أن هذه الانتخابات ستؤسس لإجراء الانتخابات النيابية التي كان يمكن إجراؤها في موعدها عام 2013 لولا الموقف الذي إتخذه الحريري وقدم فيه أولوية إنتخاب رئيس الجمهورية على الانتخابات النيابية مؤكداً أنه لن يشارك فيها إذا حصلت.

وينقل نواب عن بري قوله أيضاً “أن الانتخابات النيابية المقبلة حاصلة حتماً بغض النظر عن الانتخابات البلدية، وإذا لم يتم وضع قانون إنتخابي جديد فستجرى الإنتخابات على أساس القانون النافذ، أي قانون الستين، او قانون الدوحة، ولكن لا تزال هناك إمكانية للتوصل إلى قانون جديد”.

———————-

(*) رانية غانم