حين يستعين البعض بأقلامٍ مراهقة

بقلم هلا أبو سعيد

إعتدنا على سيمفونية التجني على المنابر الحية والإلكترونية بلسان أغبياء يعبِّرون عن مدى خلقهم وأخلاقهم ويتحدثون بقدر ذكائهم، ثم يستعينون غالباً بمن يحملون القلم زوراً بلا مناقبية فيدينون مهنة الصحافة بالإعتداء على مفهوم النقد بهدفه البناء.

ها هم يقرعون الطبول صياحاً فينتقدون السبّاق بانتقاد نفسه، يفتحون سجلات كان قد سبقهم بذكرها عبر تغريداته حيث اعتاد ممارسة النقد الذاتي معترفاً بأخطاءٍ وقع هو ضحيتها ولا ينفك يواجه تداعياتها ويتعب جاهداً لإبعاد مستقبل الوطن وشبابه عنها!

من نافل القول أن الأقزام يتطاولون على الكبار، وليست ردود الفعل المشينة غريبة على لسان السفهاء، فمن لا تعينه القيم على حفظ الود باختلاف الرأي، لا يستحق منا العناء. ومن يقلب دلو الوفاء على أرض المصالح بسبب انزعاجه من تغريدة لا شك أنه ضحية مسلة حرّكت الرعب تحت إبطه خشية من انكشاف المستور!

والحقيقة أننا ما عدنا نستغرب الإتهامات الموجهة ضد النائب وليد جنبلاط، وربما ما عادت تعنينا بقدر ما لا تعنيه، بل أصبحنا نفخر بها لكونها بمثابة الضريبة المعنوية التي يدفعها بكل رضى في حربه على الفساد بمواقفه وعبر وزرائه عند كل استحقاق وفي كل ملف يعرقل فيه الصفقات المشبوهة فيقطع الطريق على مصالح ملائكة العصر الجدد.

ويبقى العجب سيد الموقف حين ينطلق الشتامون بأبواقهم ليهاجموا تاريخ جنبلاط وهم جزء منه بكل فئاتهم وتقسيماتهم الحزبية والطائفية والمذهبية. ثم يفتحون الملفات ليدينوا أنفسهم بدفاعهم المستميت عن لصوص المؤسسات العامة، فكيف لمدان أن يدين قبل أن يثبت براءته؟!

لهؤلاء نقول، ينتابنا الشعور بالشفقة عليكم وأنتم تحولون أنفسكم لسخرية بلسان حالكم. وفي الحقيقة يفرحنا جداً أنكم لم تجدوا في ملف وليد جنبلاط إلا قصة إبريق الزيت القديمة لتقصوا علينا فصولاً جديدة من سياسة غبائكم. أتحاولون النيل من وليد جنبلاط بملفات الأمس بينما يقلِّب هو صفحاتكم اليوم؟!

أما المضحك المبكي، فهو أن تصيب أحجار حديثي النعمة تاريخ الرئيس الشهيد الحريري بهجومهم على جنبلاط، وعلى غفلةٍ منهم! كيف لا، ولنا الفخر بالحلف الشهير بين جنبلاط والرئيس الشهيد وهو الذي تابع معه مشوار طي صفحة الحرب المؤلمة والتي ما كانت لتقفل لولا دفع أموال المهجرين لبلسمة ما أمكن من الجراح ولملمة أشلاء التواصل بين أبناء هذا الوطن الذي يستمر نزفه بفضل أحقادهم..!

نعم، نقولها على الملأ. نفخر بملف المهجرين فهو إنجاز وطني لا زلنا نعمل عليه سعياً لتحقيق المصالحة الشاملة بين أبناء الوطن، لكنهم لا يفهمون معنى الصلح حتى مع ذاتهم! فملف المهجرين كانت إداراته تسير بقرارات دولية وإقليمية قبل أن تكون محلية. ووجهة صرف أمواله توزعت على جميع المناطق وعلى كل الفئات والطوائف والمذاهب، وعمليات الدفع لم تتم إلا بموافقة الرئاسات الثلاثة الأولى لأن هذا الملف وطني بامتياز وعابر للطوائف، ولا بد من أن نقولها واضحة دُفِعَت الأموال كـ”جنية حرب”، أما الفعل بتذليل العقبات وتحقيق المصالحات في هذا الملف الشائك فهو لجنبلاط وفريقه وحلفائه، لكن، في مسألة توزيع الأموال كان الصيت له والفعل لغيره!”

وعليه، فإن هجوم البعض وأتباعه على جنبلاط، لا يُصنّف إلا بخانة المحاولات البائسة لإحداث شرخٍ بينه الرئيس الشهيد حتى بعد رحيله! لكنهم عبثاً يحاولون تضليل الرأي العام الذي لم ينسَ مدى أهمية وجود جنبلاط إلى جانبه، من مؤتمر البريستول قبل رحيله مروراً بمواقفه إبان استشهاده وصولاً إلى موقفه التاريخي بشهادته في المحكمة الدولية. أما محاولات “سيوفي” للنيل من سمعة جنبلاط فهي شخابيطٍ لم تعلِن إلا جهلها المدقع لعمق العلاقة بينه وبين من كان عرّاب ملف المهجرين معه! ويبدو أن هذا البعض يجهلان أن العتب عليهما سينطلق من بيئتهما الرافضة للفساد المستشري والمتلطي بصفقاتهم.

لقد أطلنا حيث لا حاجة للرد، فلن نعطي الأقلام المراهقة في السياسة أكثر من حجمها، فإنجازات جنبلاط الوطنية واضحة بعين الوطنيين، أما أهل الفساد فيبحشون بحقد دفين ليبرروا فسادهم! جنبلاط حقق مصالحةً تاريخية في جبل لبنان وطوى عبر المهجرين ملف صفحة الحرب المؤلمة، فما هي قيمة مآخذكم قياساً بمنجزاته؟! أتحاولون النيل من موقعه وإبعاده عن السلطة؟ ها هو قد سبقكم بالأمس معلناً عزمه على تقديم استقالته..

وهل ستستمرون بنقدكم باتهامه بالتوريث السياسي؟ فقد استدرك الموقف وأجابكم “تيمور سيكون زعيماً بقدر ما يريده الناس وله الحق باختيار سياسته”،..

أما بعد، فحريّ بكم أن تلملموا أشلاء ديمقراطيتكم. لقد مللنا روتين الإتهامات، وما همنا من حجار مرمية من بيوت زجاجية، وما هم جنبلاط من عويلكم بينما تسير قافلته نحو الصلح مع الذات أولاً، مع تأكيده المستمر على أن حربه على الفساد ورفضه لعودة الصدامات الأهلية خطان متوازيان يرسمان طريقه التي لن تتعثر بحقد أمثالكم!