“يديعوت أحرونوت”: لا يمكن الاستخفاف ببوتين

 من الصعب عدم رؤية العلاقة بين حادثين جريا هذا الأسبوع نجمهما رئيس الحكومة. الحادثة الأولى عقد جلسة استعراضية للحكومة في هضبة الجولان، والحادثة الثانية اللقاء المتوقع اليوم بين نتنياهو وبوتين.

 من الصحيح القول إن هضبة الجولان يجب أن تبقى جزءاً من دولة إسرائيل، وممنوع الموافقة ضمن إطار أي اتفاق للحل مع سورية على التعهد بإعادة هذه المنطقة المهمة إلى الأسد. لا تستطيع إسرائيل التنازل عن الجولان، قبل كل شيء لأنه من غير الممكن الدفاع عن الدولة من دون الجولان. ومن السهل إثبات ذلك من خلال حوار مهني، ولم أسمع أحداً استطاع أن يثبت العكس.

 في الماضي كان هناك عدد غير قليل من الإسرائيليين وبينهم رؤساء حكومات، اعتقدوا أنه من الأفضل الدفع قدماً باتفاق سلام مع سورية والتنازل في إطاره عن الجولان، خاصة عندما كانت المفاوضات مع الفلسطينيين عالقة. وأظهرت وجهة النظر هذه عجزاً مطلقاً في فهم الفارق بين الموضوع الفلسطيني والموضوع السوري. يطلب العالم منا التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين ليس بسبب الأرض، وإنما لأن الأمر يتعلق بواقع يحتل فيه شعب شعباً آخر. وهذه ظاهرة لم تعد مقبولة في القرن الحادي والعشرين. في المقابل، هناك في هضبة الجولان نزاع جغرافي بين دولتين، ويوجد العشرات مثل هذا النزاع في العالم معظمها من دون حل.

 إن المشكلة والحال كذلك، لا تكمن في الموقف الإسرائيلي حيال مستقبل الجولان بل في التكتيك الذي جرى اختياره: أي طرح الموضوع على جدول الأعمال بصورة علنية واستفزازية. من يرغب في هذا؟ إذا كان هناك أساس للتخوف من أنه في إطار اتفاق بين الدول العظمى بشأن سورية يمكن أن ندفع نحن الثمن، فإنه بالتأكيد يجب مناقشة ذلك في واشنطن وموسكو. لقد رأينا قبل عامين أنه عندما اتفقت الدول العظمى على تجريد سورية من السلاح الكيميائي لم يمنعها شيء عن القيام بذلك. إن الاجتماعات في موسكو وواشنطن ضرورية، لكن ما الفائدة من الادلاء بتصريحات مسبقة؟

 في سنة 2004، بعد أن اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة على خطة الانفصال [عن قطاع غزة] وجرى نشر ذلك، أُرسلت من جانب رئيس الحكومة شارون كي أعرض الخطة على الروس. والتقيت وزير الخارجية لافروف الذي عاتبني بكلام قاس وقال: “لماذا تأتي لتخبرني بما أعلن ونُشر، أستطيع أن أقرأ هذا في الصحيفة. لماذا لم تفكروا في التشاور معنا قبل اتخاذ القرار؟”.

 لافروف ما يزال هو نفسه، وبوتين هو بوتين نفسه. وإذا كان هناك شيء يكرهانه فهو وضعهما أمام أمر واقع. يكثرون عندنا الخلط بين الدعاية والتحرك الدبلوماسي. فالمقصود هنا هو الشيء ونقيضه. نستخدم الدعاية كي نقول بصوت عال كم نحن جيدون وكم أعداؤنا أشرار. وللدعاية الناجحة ثقل معين لكنه هامشي. في المقابل التحرك الدبلوماسي يجري من وراء الكواليس والغرض منه إقناع لاعبين دوليين بأنه من الأجدى لهم ومن الأفضل لمصالحهم، اختيار موقف يخدم مصالحنا نحن أيضاً.

 وعندما يجري التحرك بصورة سرية لا يكون من الأسهل على الطرف الثاني القيام بالخطوة المطلوبة (حتى بالنسبة لنا) فحسب، ولكن تقديمها أيضاً بوصفها قراراً صادراً عنه وليس نتيجة الضغط والتأثير. وإذا لم يكن مثل هذا التحرك السري حيال روسيا قد جرى، فلماذا إغضابها بتصريحات من على منبر في هضبة الجولان؟ ليس هناك أسوأ من وضع روسيا أمام أمر واقع.

——————-

(*) مؤسسة الدراسات الفلسطينية