جريدة الجامعة الأميركية “أوتلوك”: 67 سنة من التعبير الطلابي الحر!

تُعتبر من أقدم الجرائد الجامعية التي ينتجها الطلاب داخل حرمهم الجامعي، بدأت مسيرتها كصوت طلابها المستقل. فتحت صفحاتها لأنامل مستقبلية ولتكون الناطقة بإسمهم والتعبير عن أرائهم وأفكارهم، ولتلامس جميع قضاياهم الطلابية اسبوعياً.

إنها “اوتلوك” الجريدة الطلابية لطلاب الجامعة الاميركية في بيروت، متى تأسست؟ ما هو دورها على مستوى التواصل داخل الجامعة؟ وما هي أهم اهتماماتها والمواضيع التي تتضمنها؟ وهل نجحت بأن تُشكل المنبر الأهم لأصوات تشق طريقها نحو المستقبل؟ وأن تستمر المشعل المضيء للجامعة؟ وكيف كانت تجربة بعض من رسى بقلمه على صفحاتها فعبروا ونشروا آرائهم؟

جريدة “الأنباء” كان لها حديث خاص مع رئيس تحرير “اوتلوك” دانا عابد لتخبرنا عن مسيرة هذه الجريدة الطلابية العريقة، ومع بعض الطلاب الذين كتبوا فيها.

في البدء حدثتنا عابد عن “اوتلوك”، فقالت: “أَوتلوك تأسست سنة 1949 وهذه السنة تكون قد بلغت مسيرتها السابعة والستون، ولقد بدأت مشوارها لتكون صوت الطلاب المستقل في الجامعة الأميركية ولا زالت مستمرة في هذا النهج، ولقد حافظت “اوتلوك” على طابعها منذ بدء صدورها إلى الآن أي من 66 سنة كجريدة طلابية مستقلة، وكل الذين يعملون فيها ويكتبون ويحررون هم من الطلاب والقرار الأول والأخير بشأن ما يتعلق بمواضيعها وكيفية نشرها يعود لهم، طبعاً بإشراف مكتب عميد شؤون الطلاب الدكتور طلال نظام الدين، ودائما نعود لاستشارته وأخذ رأيه بكل أمر”.

dana

اضافت: “دورها الأساسي هو إيصال صوت الطلاب لنطاق أوسع بين الطلاب مع بعضهم وبين الطلاب والإدارة، ونحن حين نكتب بـ “أوتلوك” نحاول أن نكتب من منظار الطلاب وما يتعلق بأرائهم واهتماماتهم، وبماذا يفكرون، لذا دائما نفكر بأهمية دورهم في المجتمع فهم اعمدته المستقبلية، فحين يتخرجون سينخرطون في الحياة العملية ويقدمون للمجتمع ما لديهم من الخبرة وينطلقون بطموحاتهم التي تؤثر عليهم بشكل كبير”.

واشارت عابد الى ان “هذه الجريدة تصدر بجزئيها العربي والانكليزي وتغطي كل ما يحدث في الجامعة من أحداث وندوات واحتفالات وانشطة طلابية، كما تقوم بتغطية الانتخابات الطلابية التي تحدث بالجامعة، فضلاً عن نشر مختلف المواضيع التربوية والإجتماعية التي يرغب الطلاب بنشرها والتحقيقات المتنوعة، وغيرها من المقالات والمواضيع المتعددة”.

وفيما يتعلق بإختيار هيئة التحرير، قالت عابد: “كل سنة يتغير طاقم العمل في الجريدة لأنه لا نعرف من يتخرج كل عام، فعلى سبيل المثال “انا في السنة القادمة سأتخرج وبالطبع لن استطيع الكتابة بالجريدة الطلابية بعد ذلك”، ولفتت إلى أن “الطالب الذي يريد أن يتقدم ليصبح رئيس تحرير أو ينخرط ضمن الهيئة الإدارية عليه أن يقدم طلب يكتب فيها رأيه ومقترحاته بشأن جريدة “أوتلوك”، وبعد ذلك يقوم عميد الجامعة مع رئيس التحرير السابق بقراءة الطلبات وإجراء مقابلة مع صاحب الطلب لإتخاذ قرار حول من سيتولى رئاسة هيئة التحرير، ومن ثم يًشكل فريق التحرير”.

وأكدت عابد: بأن “كل طالب مُتاح له الكتابة بالجريدة ولكي يصبح طالب الجامعة الأميركية كاتباً صحفياً في “أوتلوك” يُقدم طلباً يذكر فيه رغبته بنشر كتابات له في جريدة الجامعة، ومن ثم نحن نقرر حسب كتاباته ما أذا بإمكانه المشاركة في الكتابة بجريدتنا أم لا، فنحن لا نُقفل الباب بوجه أي طالب رغِبَ بأن يُشارك في الكتابة على صفحاتها حتى ولو لمرة واحدة فقط”.

وايضاً نحن على صلة تواصل مع أساتدة الجامعة فلا يمكن أن نقفل الباب بوجههم أذا رغبوا بالكتابة فيها ويمكنهم ذلك، وبالتأكيد أي مقال يُكتب نذكر بأن هذا المقال يُعبّر عن رأي صاحبه فقط”.

ورداً على سؤال حول عدد النسخ التي يتم طباعتها، قالت: “نحن نطبع ألف وخمسمائة عدد كل اسبوع، وهذه الاعداد تنفد في أول يومين من طباعتها، ويتم نشر المقالات على الموقع الالكتروني، وتتميز صفحاتها على الموقع الالكتروني بالغزارة أكثر نظراً لتراجع الإهتمام بالصحف الورقية والإتجاه نحو الوبسايت على نطاق واسع”.

team out look

وفيما يخص مصدر تمويل “اوتلوك” أشارت دانا عابد إلى انه “من ضمن الأقساط التي يدفعها الطالب عند التسجيل مبلغ مخصص للنشاطات الطلابية يُقسم على مختلف النشاطات من ضمنها جزء يُخصص لتمويل جريدة “اوتلوك”.

أضافت: “لدينا قراء دائمون كل أسبوع يقرأونها ويعطونا رأيهم ويتواصلون معنا وأكثرهم بالإجمال من طلاب السياسة والاعلام واللغة الانكليزية، وأكثر المواضيع التي يتم الإطلاع عليها من قبل الطلاب هي تلك التي تتعلق بما يحدث في قلب الجامعة”.

وعن المشاريع والأفكار المستقبلية للجريدة، قالت: “كل سنة يتم تغيير بسيط بالجريدة، وبالطبع لن تبقى المواضيع ذاتها منذ 66 سنة بل ستطور وتتنوع المواضيع والأفكار، فهذه السنة اضفنا قسماً عن بيروت نكتب فيه قصص وخفايا بيروت، والسنة القادمة لن أكون موجودة ولكن أعتقد وفق العمل الإعتيادي لطاقم الجريدة سيتم إعادة نظر بالأمور التي حدثت ويتم إضافة أفكار مقترحات جديدة”.

تابعت: “دائماً نحاول أن نكون على المستوى المطلوب لنستمر مثال الجريدة الطلابية لأننا أقدم جريدة طلابية في لبنان وأتصور الجريدة الوحيدة التي تصدر بانتظام كل أسبوع فقط نتوقف في فصل الصيف”.

aub outlook

ورداً على سؤال ما اذا لديهم تعاون مع صحف أخرى، لفتت إلى انه “لدينا تعاون مع صحف من خارج الجامعة، مثلاً جريدة “السفير”، فنحن نتعاون مع شباب “السفير” بحيث ينشرون لنا كل مقالاتنا على الموقع الالكتروني التابع لهم، طبعا القسم العربي للجريدة ونحن بالمقابل ننشر مقال لشباب “السفير” في جريدتنا، وهذا دليل على غنى الجريدة وأنها مثال لحرية الصحافة وللطالب الذي يطمح ويسعى للإنخراط في مضمار الكتابة الصحافية”.

وفي كلمة أخيرة عبرت عنها عابد، قالت: “أتمنى بأن تبقى “اوتلوك” بعنوانها العريض جريدة طلابية مستقلة متألقة، فكل ما يتم نشره على صفحاتها هو صوت طالب الجامعة الأميركية في بيروت وكل مقال أو موضوع يعبِّر عن رأي كاتبه”.

في حين اعتبرت الطالبة تاله القاضي مسؤولة الاعلام في منظمة الشباب التقدمي أن ” تجربة الكتابة في “أوتلوك” هي تجربة مهمة ومفيدة، ومن التجارب الأكثر أهمية ومدتنا بخبرة العمل الصحفي الميداني، فمنذ سنتين حين كُلفت أنا وبعض زملائي بتغطية أحداث اعتصامات طلاب الجامعة الأميركية لرفضهم قرار الجامعة بزيادة الأقساط، وما يُحكى ويتم تداوله حول هذا الموضوع سواء داخل أو خارج الجامعة، فكان عملنا ميدانياً على الأرض”.

image

اضافت: “هذه التجربة أكدت لي أن للإعلام دوراً كبيراً ومؤثراً، بحيث استطعنا بأن نؤثر على الطلاب للإستمرار بمطالبهم، ونقلنا الصورة العامة للأجواء التي تحدث بالجامعة”.

وختمت القاضي قائلة: “الأمر الآخر المميز هو أن “اوتلوك” تجمع مختلف الأفكار السياسية، وخلال المناقشات التي كانت تدور في مكاتب الجريدة اثناء اجتماعاتنا، كانت في الكثير من الأحيان مناقشات قوية ودسمة وعكست هذا التنوع والإختلاف بالرأي على صفحاتها التي حوت أراء كل الإتجاهات، “أوتلوك” هي جريدة التنوع ونافذة الإنفتاح على الجميع”.

تجارب الطلاب

وفي هذا السياق، حاورت “الأنباء” الطالب سامر أبو كروم حول تجربته في “أوتلوك”، فقال: “كانت الكتابة في “أوتلوك” أول تجربة كتابية لي ولقد احببتها واستفدت منها لأن فيها الكثير من التنوع، هناك اشخاص من كل الطوائف ومن كل الأفكار ينشرون في صفحاتها، ننتقد بعضنا بكل حرية واحترام، فالقارئ يجد رأيين ضد بعضهما ضمن الجريدة وأحيانا ضمن الصفحة الواحدة”.

samer

اضاف: “فضلاً عن جو العمل الممتع فيها من الإجتماعات التي نقيمها بين وقت وآخر لنقاش المواضيع التي يمكن طرحها في الجريدة وغيرها من المسائل المتعلقة بها، إنها جريدة تُعنى بشؤون الطلاب بحيث تُعطي مساحة كبيرة من الحرية لإبداء الرأي. فكل المواضيع متاح نشرها عدا المواضيع السياسية التي تكون خارج إطار احترام الآخر، وتتخطى الحدود المعقولة والمقبولة”.

ختم ابو كروم: “الكتابة عبر صفحات أوتلوك، وخصوصاً انني أكتب فيها منذ سنتين جعل معظم طلاب أو قراء الجريدة يعرفوني ويسألوني في الكثير من الأحيان عن مواضيع وجب نشرها، ونصبح أيضاً صلة وصل بين الطلاب والإدارة”.

haifa

أما الطالبة هيفاء الخشن، فقالت: “أكتب في الجريدة منذ سنة ونصف، لقد كانت تجربة مميزة واعطتنا خبرة لا بأس بها في مجال الكتابة الصحافية، إنها جريدة تخاطب التلاميذ ومتنوعة المواضيع. وأشارت “بإمكاننا الكتابة في مختلف المواضيع من فن ورياضة وعلوم وتربية وغيرها من المواضيع باستثناء المواضيع السياسية التي فيها تجريح بالآخر أو تسبب المشاكل داخل الجامعة”.

وقد بينت بدورها الطالبة هنادي أبو علي رأيها قائلةً “كنت نائب تحرير سابقاً للقسم العربي في الجريدة، وكنت اكتب بعض المواضيع فيها السنة الماضية، وبالفعل كانت تجربة رائعة جداً، “أوتلوك” التي فسحت مجال من الحرية للكتابة فيها في مختلف المواضيع، واتسمت بتنوع أقلامها من مختلف الإنتماءات السياسية والفكرية، فالكل يُبدي رأيه ضمن نطاق إحترام الآخر وعدم التجريح فيه، فنلاحظ بأن الطلاب يكونون على ترقب لقراءة ما كتبته جهة معينة ورأي الجهة الأخرى المخالفة لها”.

من جهته، عبر الطالب محمد نزر عن رأيه حول الكتابة في صفحات “أوتلوك” قائلاً: “بدأت العمل الصحفي “بأوتلوك” كمحرر في القسم العربي، وهي تجربة رائعة جداً مدتني بخبرة وإفادة كبيرتين في كيفية العمل الصحفي بحيث نتعلم من خلالها مهنة التحرير ونُحسّن شيئاً فشيئاً في اسلوبنا وأدائنا الصحفي.

“أوتلوك” جعلتنا نعيش تجربة العمل الصحفي باكراً في مقاعد الجامعة وعلى صفحاتها الحرة، وبالطبع الكتابة فيها يسلّط الضوء علينا من خلال ما نكتبه، بحيث يطلِّع طلاب الجامعة وقرائها من خارج الجامعة على هذه الكتابات، سواء ما ننشره على الموقع الالكتروني أو بالجريدة الورقية فتكون هذه الكتابات موضوع حوار ونقاش ومحور جدل بين القراء”.

laudy

أما الطالبة لودي عيسى رأت أن “العمل في جريدة “أوتلوك” كمحررة قسم الأخبار في اللغة الإنجليزية له تأثير سيدوم طويلاً في حياتي الشخصية والعملية معاً “أوتلوك” اعطتني فرصة للتعبير عن شغفي للكتابة والتحرير، بل أيضاً أكدت لي بأنني أريد العمل في المستقبل في مجال الصحافة، وخاصة التحرير”.

ولفتت بأن “أوتلوك” فرضت نفسها كقوة إعلامية مهمة جداً، وهدا أمر أعتبره مذهلاً. وكما أنني كطالبة في اختصاص الإعلام وعلم النفس فإن ضغط الدراسة لا يمنع اني من نشر مقالات مهمة فيها كل اسبوع”.

“أعشق العمل في “أوتلوك” حتى ولو أن الكثير من الطلاب لا يدرون من يدير الجريدة، أو الوجوه خلف الأسماء التي تُحرر فيها ومدى الجهد والتعب الكبيرين الدي نتكبده من أجل اصدار الجريدة”.

وتابعت “طبعاً العمل في “أوتلوك” هو مسؤولية وأيضا تحضير لمستقبلي في الصحافة، فلا يزال لي سنتين لأتخرج لذا أُخطط خلال هذه الفترة في الجامعة على البقاء في “أوتلوك” وربما التقديم للحصول على منصب تحريري أعلى”.

outlook AUB

والجزء الأفضل من العمل في أوتلوك” بالإضافة إلى الخبرة في مجال التحرير، هو العمل الجماعي وبنائي لصداقات متينة من خلال العمل مع فريق عظيم هو فريق “أوتلوك” وقد أصبح جزءاً من أُسرتي”.

لا شك أن هذه التجربة الصافية الرائدة هية واحدة من عشرات التجارب الإبداعية التي تقدمها الجامعة الأميركية في بيروت لطلابها وقد إحتفلت بمرور 150 عاماً على تأسيسها منذ مدة قصيرة.

——————————

(*) تحقيق: عبير ريدان