لماذا  تفريغ “الديمقراطية اللبنانية” من مضمونها؟

رامي الريس

إذن، السيناريو الممل المتكرر لجلسات إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية وقد بلغ عددها حتى الآن 36 جلسة دون تحقيق نتيجة تذكر بات يثبت الوجهة الفولكلورية للدستور اللبناني ومؤسساته السياسية ويؤكد مرة أخرى أن التفاهمات السياسية ترسم حدودها في أطر وأماكن أخرى، داخل وخارج الحدود، ثم يتم إسقاطها على المؤسسات وتظهيرها من خلالها!

من يذكر الإنتظار اللبناني العقيم، أثناء حقبة الوصاية السورية، لقرار الرئيس السوري حافظ الأسد إختيار إسم رئيس لبنان سنة 1998 وإبلاغه الى الرئيس الياس الهراوي، الذي بدوره كان قد صدر القرار السوري الآحادي بالتمديد له ثلاث  سنوات من خلال إعلان الرئيس السوري إياه “القرار” في مقابلة مع صحيفة “الأهرام” المصرية إذ لم تراع حينئذٍ حتى الاعتبارات الشكلية أو طرق “الإخراج المؤسساتي” لهذا القرار أو ذاك.

ومن يذكر أن الرئيس ميشال سليمان إنتخب سنة 2008 في أعقاب أحداث السابع من أيار المشؤومة وإتفاق الدوحة في تسوية عربية- دولية أنقذت لبنان من السقوط في فخ الحرب الأهلية المقيتة؟

انتخاب سليمان

اليوم، السؤال الذي يطرح نفسه هو: من هي الجهة العربية أو الإقليمية المستعدة لبذل الجهود لمساعدة لبنان على إنتخاب رئيس جديد بعد مرور أكثر من سنة وثمانية أشهر على إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان؟

إن أزمة العلاقات اللبنانية – العربية هي أزمة غير مسبوقة لناحية حجم التدهور والتقهقر، إذ لطالما نظر لبنان الى الدول العربية على أنها دولة شقيقة فيما نظرت هي بعين المحبة والتقدير. واللبنانيون لعبوا أدواراً هامة في المجتمعات العربية وإندمجوا فيها وساهموا في إعمارها ونموها وتطورها. وهذه العلاقة المتبادلة شكلت متنفساً هاماً للإقتصاد اللبناني ولسعر صرف العملة الوطنية وثباتها.

لذلك، فإن هذا القدر من الترهل السياسي والمؤسساتي الذي بلغ ذروته في الفراغ الرئاسي لم يعد مقبولاً، والمبررات التي تساق في إطار تبرير التعطيل ومحاولة الإيحاء أنه حق دستوري مشروع، تجافي الحقيقة والمنطق والقانون بشكلٍ كبير! فما هي هذه الديمقراطية التي يتم إشتراط نتائجها سلفاً بما يناسب هذا الطرف أو ذاك للموافقة على تسهيل تنفيذ أصولها؟ أليس في هذا تشويه منهجي لكل الفكرة الديمقراطية ومندرجاتها ومضامينها؟

البرلمان

صحيح أن الديمقراطية اللبنانية تميزت بهشاشتها على مدى سنوات طويلة وبخصوصيتها في الوقت ذاته، ولكن الصحيح أيضاً ان المحاولات المنهجية لتطويعها وضربها وإضعافها تحولها رويداً رويداً الى ما يماثلها من أنظمة ديكتاتورية عربية قمعت شعوبها وفرضت عليهم خيارات سياسية لا تتلاءم مع طموحاتهم وتطلعاتهم السياسية او القومية او الوطنية.

ختاماً، وكي لا يسقط هذا التحليل في فخ التبسيط، لا شك أن ثمة لاعب (أو أكثر من لاعب) إقليمي يريد أن يقبض ثمن ورقة الانتخابات الرئاسية اللبنانية في مكانٍ ما، في إطار صفقةٍ ما، وها هي الصفقات بالمليارات من الدولارات توقع عقودها بين “محور الشر” و “الشيطان الأكبر”. أليست هذه هي الأوصاف المتبادلة بين إيران والغرب في السنوات القليلة الماضة؟

إنها من عجائب السياسات الدولية!

———————————

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!