لا قمة عربية!
رامي الريس
20 فبراير 2016
أعلن المغرب الذي كان من المفترض أن يستضيف القمة العربية الدورية العادية في السادس والسابع من شهر أيار المقبل إعتذاره عن عدم إستضافته لها وأوضح بأن هذا القرار جاء نتيجة الظروف الموضوعية التي “لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة قادرة على إتخاذ قرارات على مستوى ما يقتضيه الوضع ويستجيب لتطلعات الشعوب العربية”.
لا شك أن تجارب الشعوب العربية مع القمم العربية تاريخياً هي تجارب غير مشجعة إذ نادراً ما إستطاعت تلك القمم أن تحاكي التطلعات الحقيقية للشعوب وطموحاتها المشروعة في الحرية والديمقراطية والكرامة ونادراً ما إجتُرحت في تلك القمم الحلول لمواجهة المعضلات الكبرى التي تواجه المنطقة العربية ولعل أبرزها الصراع التاريخي حول إحتلال فلسطين من قبل الإسرائيليين.
فبإستثناء جبهة الصمود والتصدي ولاءات الخرطوم الشهيرة التي أعلنت في القمة العربية التي عقدت سنة 1967 والتي لم تكن سوى شعارات لم تشق طريقها إلى التنفيذ، فإن القمم العربية الأخرى لم توفق في تحقيق إختراقات بنيوية تذكر.
حتى في المجال الإقتصادي الذي من المفترض أن يكون من المساحات المشتركة بين الدول العربية أقله إنطلاقاً من الإعتبارات المصلحية وبصرف النظر عن الإعتبارات العقائدية حتى في هذا المجال لم توفق الدول العربية في تقديم نموذج من التعاون المشترك لتعزيز الإقتصاد البيني بين الدول العربية وتوسيع قواعد التكامل فيما بينها بما ينعكس إيجاباً على النمو الإقتصادي والتنمية البشرية في هذه البلدان.
ولكن بمعزل عن كل تلك الإعتبارات، فإنه يحق لأي مواطن عربي أن يسأل نفسه: إذا كانت النيران المشتعلة في سوريا واليمن والعراق وليبيا ليست كافية لعقد قمة عربية فما هي الظروف التي تعقد فيها قمة عربية ما؟ وإذا كانت الدول التقليدية والحدود الجغرافية على وشك التساقط والمنطقة العربية برمتها على مشارف التفتيت ليست كافية لعقد قمة عربية فما هي الظروف التي تدفع إلى عقدها؟
وإذا كانت سوريا على وشك الانهيار بعد أن هجّر أكثر من نصف شعبها داخل وخارج أراضيها وتحول إلى مجموعات من المهجرين واللاجئين الذين يركبون قوارب الموت المطاطية للهرب نحو أوروبا والعالم الخارجي في أكبر مأساة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ البشرية؛ ليس كافياً لعقد قمة عربية فما هي الظروف المطلوبة لعقدها؟
وإذا كان الإرهاب قد وصل إلى أقاصي العالم انطلاقاً من المناطق العربية وشوه الإسلام وضرب مفاهيمه الأساسية وتعرض لكل هذه التشوهات لا يكفي لعقد قمة عربية للنقاش في سبل الخروج من هذه الإزمات، فما هي الظروف التي تدفع إلى عقد قمة عربية؟
لا شك أن البعض قد ينظر إلى العروبة على أنها إنتهت وإنطوت صفحتها إلى الأبد، لا سيما مع صعود الحركات المتطرفة في مختلف المناطق العربية ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ألم تكن العروبة هي البديل الوحيد القادر على أن يعلو فوق الخلافات المذهبية والطائفية وأن يجمعها تحت مظلة واحدة تضمن المساواة بين جميع الشرائح والمكونات؟
من الواضح بأن هذه الطروحات قد عفى عليها الزمن والبدائل الوحيدة المتوفرة الذهاب نحو المزيد من التطرف والظلامية والتفتيت والتشرذم.
———————————
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة
Facebook: Rami Rayess II
Twitter: @RamiRayess