سعد الحريري: الخطاب المفصليّ.. ولبننة انتخاب رئاسة الجمهورية

محمود الأحمدية

“عندما يتعرض الوطن الى الخطر يتحول كل أبنائه الى جنود” (لابرويير).

بالأمس كان مهرجان البيال…وللحظة تخيلت كأن شتات الوطن قد تجمعت…وقطع البازل التحمت…والثقة بمنطق الدولة قد كبرت… الوطن بكل شرائحه كان على موعد مع تفاصيل اللقاء التاريخي مع الشيخ سعد الحريري بمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري…وبنظرة بسيطة الى الحضور نتلمس أهمية هذا اللقاء بالبعد الوطني الجامع… وعند وصول الشيخ سعد الى المنبر وبدأ بالحديث وبطريقة تقنية مدروسة جيداً وبنبرة ارتفاعاً وانخفاضاً وكأنك أمام خطيب من عصور الرومان… فجاءت الكلمات غلق التسعة باللغة الهندسية… وباختصار يخدم المقالة يسرني ترقيم أهم ما جاء في خطابه:

1- التشديد على عروبة لبنان بطريقة تدغدغ مشاعر كل من ينبض في شرايينه دم العروبة وهذه قصة جديدة قديمة تأكدت وتعمدت منذ نال لبنان استقلاله مستنداًعلى معادلة لبنان الوطن النهائي العربي الهوية واللسان.

2- تسليط الضوء على تراجع الوطن منذ اللحظة التي انتهت فيها مدة رئاسة الرئيس ميشال سليمان حتى تاريخه وفي مختلف الاتجاهات وعلى كل الأصعدة الاجتماعية والسياسية والدولية والمعيشية.
3- الأهمية القصوى لأولوية انتخاب رئيس للجمهورية يشكل البوصلة الحقيقية التي تدير وتوجه شراع الحكم وحسب الدستور واتفاقية الطائف واعلان بعبدا.

4- تأكيد مقولة عدم دستورية مقاطعة حضور جلسات انتخاب رئيس للجمهورية لأن لغة التعطيل تناقض الأساس الذي بني عليه الدستور اللبناني والذي يشدد على أن اولى واجبات النائب اللبناني ممارسة حقه في التصويت سلباً أم ايجاباً أم ورقة بيضاء ولكن عدم الوجود هو حركة تعطيلية لمسيرة البلد وغير موجودة في كل دساتير العالم.

5- سرد تاريخي لمسألة المرشحين الأربعة (الأقوياء) حسب التعبير المتبع بمعية ورعاية نيافة البطريرك الراعي وعلى مدى واحد وعشرين شهراً لم يتم الوصول الى حل لايصال أحدهم بالرغم من تبني قوى 14 آذار ترشيح الدكتور سمير جعجع ولكن بدون طائل أو حل.

6- عند ظهور نوايا بابقاء البلد في جموده تحركت عند الشيخ سعد لعبة تحريك وجه البحيرة حتى لا يأكل الصدأ مجلس النواب وتتعطل المسيرة ويبقى كل شيء في تراجع وانهيار مدمّر وعندما انسدّت الأبواب في وجه الجنرال عون والدكتور جعجع والرئيس الجميل لم يبقَ الا الأستاذ سليمان فرنجيه وكانت الخطوة الحريرية التي زلزلت كل الواقع وحرّكته ايجابياً وكان التجاوب التاريخي الواعي والحاضن للأستاذ وليد جنبلاط الذي تبنى هذا الترشيح وهو صاحب النظرة الثاقبة التوحيدية لكل مفاصل الوطن بدون استثناء….وقالها الشيخ سعد بصوت عال: لنا الشرف ان نكون سبب المصالحة التاريخية بين القوات والتيار الوطن الحر وهذه المصالحة ينشدها ويشجعها كل لبناني وطني مخلص ولكن وعلى طريقته قالها الشيخ سعد: بس يا حكيم قديش كنت وفرت على المسيحيين لو اخذت هالخطوة منذ زمن بعيد؟؟! وهنا اسمح لنفسي بالقول ان الشيخ سعد انفعل عندما حمل القوات اللبنانية كامل مسؤولية التوفير على المسيحيين لان هذه المسؤولية لم تكن حكرا على القوات بقدر ما كانت مسؤولية الجميع وانا على يقين ان الهاجس الاساسي للشيخ سعد كان ايجابيا ولم يرد الاساءة الى القوات وخاصة في حضورهم القوي في البيال…. والموضوع قابل للنقاش وخاصة ترشيح جعجع لعون قلب مبادئا ومعطيات وثوابتا.

7- التأكيد على مراجعة ذاتية لقوى 14 آذار وأولها تيار المستقبل وان هذه القوى التي نشدت الى الحرية والسيادة والاستقلال ستبقى يداً واحدة بالرغم من بعض التباين في وجهات النظر ودعى الى ورشة عمل حقيقية تقوم بها اللجنة المسؤولة في 14 آذار وتقويم كل اعوجاج وخطأ حصل عبر هذه السنين.

8- شدد الشيخ سعد على الأهمية القصوى للنزول الى مجلس النواب والانتخاب وهناك ثلاثة مرشحين الأستاذ هنري حلو والجنرال ميشال عون والأستاذ سليمان فرنجيه وصحتين على قلب الربحان وكلنا (منقلو مبروك) اما اذا لم يتم ذلك فانه يعني فقط وفقط المرشح الوحيد هو (الفراغ) وردد هذه الكلمة الجمهور الحاضر كلّه… حصيلة اللقاء التاريخي كانت زيادة بثقة الناس بالوطن وموجة جارفة بالتشديد على الشيخ سعد الحريري بالبقاء في لبنان وتشبع جو البلد بروح ثقة عادت فجأة مع عودة الشيخ سعد…

أخيراً الصورة التي دعا اليها الشيخ سعد لمسؤولي 14 آذار على قدر ما كانت جامعة ومؤثرة ولكن كانت تحمل بعض الفولكلورية على مضض عندما كثرت الضمات والعبطات مع الشيخ سامي وتحت أعين القوات وعندما كان هناك غصة من تحميل المسؤولية للقوات فقط… أقول ذلك بخلفية نظيفة وهنا أقولها بثقة وايمان كبيرين أن الدور التاريخي الذي قام به وليد جنبلاط وما زال لاعادة اللحمة لجميع الشرائح السياسية اللبنانية أصبح هذا الدور مطلوباً أكثر فأكثر وزيارته الصباحية مع الأستاذ تيمور جنبلاط للشيخ سعد وحضور الأستاذ تيمور المهرجان وعلاقة الأستاذ وليد بمختلف الفرقاء تبني جسوراً وتحلحل عقداً حتى يسلم الوطن ومعينه في ذلك العقلانية التي طبعت مسيرته…كلمات أقولها بدون أي غاية ولا عاطفة بل العقل والرزانة ومصلحة الوطن.

9- المفصل الأساسي في خطاب الشيخ سعد كان اصراره على مشاركة نواب المستقبل في الجلسات الانتخابية لرئاسة الجمهورية مهما كانت الظروف والالتزام بعدم المقاطعة مما يؤكد لبننة مسألة انتخاب الرئاسة وابعادها عن التجاذبات الاقليمية والدولية.

رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأطال بعمر الشيخ سعد الحريري الذي أعاد للوطن بسمته وللثقة مساحة كبرى

اقرأ أيضاً بقلم محمود الأحمدية

القلم الحر والانتصار في زمن القهر

عصام أبو زكي… الرجل الأسطورة… بطل من بلادي

انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ونتائجه الكارثية

في الذكرى 43 معلومات جديدة مذهلة عن عالمية فريد الأطرش

كمال جنبلاط البيئي: سابق لعصره

من كمال جنبلاط إلى الربيع الصامت إلى فرنسا

مَنْ أَحقّ من فريد الأطرش بنيل جائزة نوبل للفنون

كمال جنبلاط البيئي سابق لعصره

كيف لوطن أن يشمخ وفيه كل هذا العهر في مسلسلاته

حرش بيروت تحت رحمة اليباس… والتاريخ لن يرحم

مواسم التفاح بين الحاضر والماضي… قصة عزّ وقهر!

مصنع الإسمنت في عين داره ونتائجه الكارثية على البيئة والإنسان

كمال جنبلاط البيئي  وثقافة المواطن الحر والشعب السعيد

أولمبياد الريو والحضارة وعرب ما قبل التاريخ

مصنع الإسمنت في عين دارة: جريمة بيئية موصوفة

هل أحسنت؟ هل أخطأت؟ لا أعرف!!

حكايتي مع كرة القدم وفريق ليستر الانكليزي الذي هز اعتى الامبراطوريات

شكراً مسيو هولاند… أعطيتنا درساً في الحضارة والأخلاق!

غسان سلامة و”اليونسكو” وزواريب السياسة اللبنانية!

أنا علماني ولكني لي ملاحظاتي!