“يسرائيل هَيوم”: مصر.. علاقات ثنائية كاملة

ناطقون إسرائيليون يشيدون بالعلاقة الوثيقة الموجودة حالياً بين مصر وإسرائيل على الصعيدين الأمني والعسكري، وبالفعل فإن هذه العلاقة هي الأوثق حتى الآن. ويعود ذلك إلى الوضع غير المستقر والخطر في الشرق الأوسط عامة، وإلى الحرب ضد الجهاديين في شبه جزيرة سيناء بصورة خاصة، لكن هذا ليس سوى وجه واحد للعملة.

 على الوجه الآخر من العملة توجد صورة مختلفة قلما يجري التطرق إليها علناً، وهي عدم وجود مضمون في العلاقات الثنائية بيننا وبين مصر. خلال فترة حكم الرئيس مبارك جرى إفراغ العلاقات المتبادلة من مضمونها كجزء من مساعي مبارك للعودة إلى حضن العالم العربي بعد عزل مصر في حقبة السادات.

 برر مبارك مساعيه هذه بعدم تحقيق تقدم على صعيد القضية الفلسطينية. وعندما ننظر إلى الوراء، نرى أن مبارك استغل هذه الذريعة إلى الحد الأقصى. ويمكن القول اليوم إن تفريغ العلاقات الثنائية مع إسرائيل من مضمونها، كان سياسة مقصودة من جهته. فقد سمح للإخوان المسلمين بالسيطرة تقريباً على جميع النقابات التي كانت تقاطع إسرائيل مقاطعة كاملة. كما ضيق على تحركات الدبلوماسيين الإسرائيليين الذين خدموا في القاهرة. ونحن غضضنا النظر.

 اليوم، وبعد مرور خمسة أعوام على سقوط مبارك، فإن وضع العلاقات الثنائية بيننا وبين مصر لم يتحسن بل ازداد سوءاً على الرغم من أن الإخوان لم يعودوا عنصراً معرقلاً بين الدولتين، فهم مطاردون ومنفيون أو معتقلون في السجون. وعلى الرغم من ذلك، تواصل مصر تجميد العلاقات المتبادلة.

منذ الهجوم على السفارة الإسرائيلية في القاهرة في نهاية 2011، ليس لدى إسرائيل مبنى بديل. والتوجيهات المعطاة للسفارة الإسرائيلية في القاهرة التي تقضي بعدم السماح لها بإقامة علاقة مباشرة مع أي طرف رسمي مصري إلا من خلال قسم إسرائيل في وزارة الخارجية المصرية، ما تزال على حالها. ويستمر منع زيارات مثقفين وكتاب إسرائيليين. كما أن العلاقات التجارية والزراعية غير موجودة باستثناء الـQUIZ، الاتفاق الثلاثي بين إسرائيل ومصر والولايات المتحدة، والذي يستفيد منه المصريون. حتى هنا تريد مصر تغيير شروط الاتفاق في غير صالحنا.

 وما يجدر ذكره، أن إسرائيل وافقت عملياً ونظرياً على تغيير الملحق العسكري في اتفاق السلام استجابة لطلب مصر كي تمكّنها من إدخال قوات قتالية وسلاح ممنوعين بحسب الملحق، وكل ذلك لمحاربة الإرهاب في سيناء. ماذا أعطتنا مصر في المقابل؟ لا شيء. كما أن إسرائيل لم تطلب شيئاً. إن سفارة مصر في إسرائيل لا تعاني من أي مقاطعة أو فرض قيود، وجميع الأبواب للاتصال بأي طرف ترغب فيه مفتوحة أمامها على مصراعيها.

 هناك عدم توازن وعدم تبادلية بيننا وبين مصر. حالياً، ومع اختيار إسرائيل سفيراً جديداً لها في مصر، فإن الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط، ورغبة مصر في أن تصبح لاعباً إقليمياً وحتى دولياً، يتيحان فرصة ملائمة لإسرائيل للحديث مع الرئيس المصري من أجل ملء العلاقات الثنائية بمضمون فعلي. إن العلاقة الاستراتيجية الحالية جيدة، لكنها غير كافية لتعزيز الصلات الدبلوماسية. وملء العلاقات بمضمون يشكل دعامة إضافية تساهم في تعزيز العلاقة الاستراتيجية ولا تضعفها.

——————————-

(*) مؤسسة الدراسات الفلسطينية