أكذوبة التفاوض السوري!

جليل الهاشم 

لن يكتمل نصاب المفاوضين في سوريا ما دام التفاوض يجري في صيغته الحالية وأثبتت تجارب جنيف1 وجنيف2 وأخيراً جنيف3 أن نصاب التفاوض غير قائم وغير متوفر حيث يذهب وفد ما يسمى بالنظام حاملاً الصفة الرسمية والشرعية مستقوياً على مجموعات أسهم في صنعها تتولى السيطرة على مناطق في البلاد لكنه لا يعترف بها كمفاوض وإنما يعتبرها تنظيمات إرهابية، فيقتصر الأمر على معارضين سُلبوا كل عوامل القوة ولم يبق لديهم سوى ذلك الإنتماء الضمني إلى مصالح الشعب السوري العليا وطنيا وديمقراطيا وإنسانياً. إلا أن هذا الإنتماء لا يكفي ليجعل من ممثله مفاوضاً قادراً على الأخذ والعطاء وعلى تحقيق المكاسب مقابل تقديم التنازلات.

مشكلة التفاوض السوري أن لا أحد من المدعوين إليه يملك سلطة القرار بما في ذلك خصوصاً النظام. هذا النظام يذهب إلى التفاوض مستنداً إلى جيوش وميليشيات جاءت من أقاصي الأرض لتدعم بقاءه.

إنه يمثل الطيران الروسي ويمثل الحرس الثوري الإيراني ويمثل إضافة اليهما ميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية نظمتها وجاءت بها إيران لتقاتل في سوريا.

وفد النظام يمثل كل هؤلاء وفي جزء صغير يمثل كل ما تبقى من جيش أنهكته الحروب والإنقسامات.

جنيف3

في المقابل، يصر الروس والأميركيون ومعهم في الخلفية إيران على نحو خاص على تحديد طبيعة وفد المعارضة فيقفون عند التفاصيل ويرفضون هذا أو ذاك باعتباره إرهابيا لا بل يذهبون إلى تنفيذ تصفيات وقضم مناطق، ثم يقولون: أين المعارضة؟ لا توجد معارضة؟ وإنما قطّاع طرق يسعى النظام إلى إنهاء أمرهم.

هذا المنطق أدّى حتى اليوم إلى مصرع مليون سوري حسب ما يقول المعارض السوري ميشال كيلو وهو واثق مما يعلنه والجميع يعرف أن فوق هؤلاء يجب أن نضيف مليون محاصَر في أنحاء سوريا وستة ملايين نازح إلى خارج البلد وأكثر منهم مهجرين داخل بلادهم.

لن تنتهي المأساة في سياق منطق جنيف الراهن وينبغي على العالم أن يكون أكثر صراحة ووضوحا فيتخطى تسويق جون كيري لمشاريع لافروف والإعلان الإيراني الثابت عن عدم التدخل والإكتفاء بإرسال مستشارين يعود أغلبهم جنرالات قتلى.

إن المطلوب إما أن يذهب وفد النظام وحلفاؤه إلى مفاوضات مباشرة مع الإرهاب أي مع وفد من “داعش” و”جبهة النصرة” وأمثالهما وإما أن تحضر الدولة المتخاذلة بالوساطة بدءا من روسيا وإيران إلى التفاوض في حضور مراقبين سوريين وتقَر صيغة تنهي المجزرة في هذا البلد التعيس.