هل يصمد المسرح اللبناني أمام هجمة التطور التكنولوجي؟

فرض التطور التكنولوجي تقنياته على معظم المجالات المهنية واليدوية والزراعية والصناعية وحتى الفنية ومنها الفن المسرحي الذي بات يستخدم التقنيات الحديثة في الإضاءة والصوت والموسيقى والإخراج والعروض المرئية وغيرها…

ولكن لا يخفى أن المسرح في لبنان بوضع غير ثابت رغم التطور التقني الحاصل وهذا يعود لعدّة أسباب رئيسية منها أن الأعمال المسرحية تتم بمبادرة فردية، علماً بأن المسرح يجب أن يشجع من قبل وزارتي الثقافة والتربية ومؤسسات معنية وفعالة. فلبنان يفتقر لمسرح وطني أو حتى دعم من الجهات الرسمية، رغم أنه كان قبل الحرب الأهلية بداية نشوء مسرح وطني راقٍ ومتطور!

في المقابل، فإن معظم الدول الغربية وحتى العربية تشجع الفنون وخصوصاً المسرح حيث يوجد فيها مسارح وطنية مدعومة تشجع هذا الفن الراقي والمميز بخصوصيته كالتواصل المباشر والتفاعل الذي يحدث بين عتبة المسرح والجمهور المتفرج فهناك علاقة صدق وتأثر وتأثير بينهما.

ولكن السؤال المطروح إلى متى سيبقى لبنان “رمز الثقافة” يفتقد لبناء ودعم مسرح وطني يحافظ على هذا الفن الذي بات مهدداً ومهمشاً؟

image-1

ولأهمية الموضوع والتعرف على كافة جوانبه حاورت “الأنباء” أستاذ مسرح في الجامعة اللبنانية الدكتور هشام زين الدين الذي قال: “إن واقع المسرح اليوم في لبنان هو امتداد لسنوات ما بعد انتهاء الحرب أي هو نفس الواقع في صعود وهبوط وفي إحدى السنوات يكون هناك حركة ملحوظة وسنة أخرى يكون أقل، أي ليس هناك ثبات في الحركة المسرحية وليس هناك انتظام في العمل وهذا سببه أن المسرح في لبنان قائم على المبادرة الفردية وليست هناك أي جهة تمول أو تدعم أو تنتج أي مسرح في لبنان ليس هناك دولة أو وزارة ثقافة كباقي دول العالم تهتم بالمسرح مما يعني أن الإنتاج المسرحي يقع ضمن حراك عشوائي وليس منظماً ضمن خطة معينة. فخضوع المسرح في لبنان للمبادرة الفردية هو سبب أساسي في عدم انتظام العمل المسرحي وأكبر مشكلة هي عدم دعم الدولة المتمثل بعدم وجود مكان للمسرحيين اللبنانيين. لو أن لدينا بناء مسرح وطني كباقي دول العالم كنا تخطينا هذه المشكلة وكان هناك تشجيع للحراك المسرحي ويصبح يدفع الفنانين للقيام بأعمال مسرحية وتنشط عندها الحركة”.

هشام زين الدين

وتابع زين الدين: “علاقة المسرح بالتطور التقني الذي يحصل أن المسرح يستخدم التقنيات الحديثة في عمله بالإضاءة، بالعروض المرئية، وشاشة السينما، وتقنيات الصوت الحديثة ضمن العرض المسرحي، فمن جهة يتم استخدام التطورات التقنية ومن ناحية أخرى يعتبر البعض أن التطور التقني ممكن أن يضر بالمسرح لأن المسرح فن حي. وليس هناك خوف على المسرح لأنه خاص له خصوصيته، والتلفزيون لن يلغي المسرح لأنه شاشة باردة كلوح زجاجي طريقة عمله تختلف كلياً وليس هناك صدق في العلاقة بينه وبين الجمهور على عكس المسرح الذي هو عبارة عن علاقة مباشرة بين الممثل والجمهور بكل صدق بعيداً عن الكذب. فمهما تطورت التقنيات المسرحية سيبقى لأنه حاجة إنسانية وروحية للإنسان كالموسيقى والفن التشكيلي. التطور التقني ممكن أن يؤدي إلى تراجع الجمهور ولكن لن يقضي على المسرح لأن المسرح باق بقاء الإنسان في مجتمعاتنا”.

وأمل زين الدين على “الدولة أن تهتم بالسمرح وأن تضعه في اهتماماتها ففي لبنان الدولة ومنذ الإستقلال إلى اليوم لم تهتم به. إذن، بداية التغيير والتطوير تبدأ باهتمام الدولة لهذا الموضوع وأن يتم وضع بوزارة الثقافة سياسة ثقافية مسرحية لدعم المسرح والكتاب والعروض وإقامة مهرجانات محلية وعربية”.

مسرح

وذكر زين الدين أن “وزارة الثقافة في الدول العربية تؤمن المسرح الوطني وكل ما يحتاجه المسرح كما تبني منظومة علاقات مسرحية ليبقى على الفنان فقط أن يبدع ويفكر بعكس وضعنا في لبنان إذن مفتاح الخروج من هذا المأزق هو اعتماد الدولة سياسة مسرحية وثقافية لدعم المسرح فعلياً وليس شكلياً وإعلامياً فقط”.

————————-

(*) علا كرامة