راشيا تودع المهندس الراحل محمود دلال في مأتم مهيب

راشيا- عارف مغامس

إعتبر وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أن “المبادرات الاخيرة التي حصلت لم تدخل تعديلاً جوهرياً في وتيرة تسريع إنتخاب رئيس للجمهورية لافتاً إلى أن الفراغ الرئاسي قد يكون مديداً وفق الشروط السياسية الموجودة حالياً”.

2 (1)

وأعرب عن خشيته في ما يتعلق بإعترافات نعيم عباس أن يتم إستغلال عنوان “القاعدة” العريض لأي أعمال إجرامية ممكن أن يقوم بها النظام السوري في لبنان.

2 (2)

كلام الوزير أبو فاعور جاء خلال تمثيله رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في تشييع رجل الأعمال المهندس محمود سلمان دلال في مأتم مهيب أقيم في قاعة المرحوم محمود دلال، “حي الكواسبة” في مسقط رأسه راشيا، حضره النائبان أنطوان سعد وأمين وهبي، النائب السابق فيصل الصايغ، القاضي المذهبي الدرزي الشيخ منير رزق ممثلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، الشيخ علي الجناني ممثلا المفتي خليل الميس، ممثل عن رئيس الحزب الديمقراطي الأمير طلال إرسلان، ممثل عن النائب أنور الخليل، وممثل عن النائب السابق فيصل الداوود، نائب حاكم مصرف لبنان سعد عنداري، ممثل عن مدير عام الامن العام اللواء عباس إبراهيم،جبهة التحرر العمالي ممثلة بنائب الأمين العام أكرم العربي، وكيل داخلية التقدمي رباح القاضي،  مسؤول التيار الوطني الحر في راشيا طوني حداد، وفد كبير من أعضاء المجلس المذهبي الدرزي، مشايخ ورجال دين رؤساء اتحادات وبلديات ومخاتير وفعاليات، ووكلاء داخلية سابقون وقادة الأجهزة الأمنية في راشيا، عائلة الراحل دلال أشقاؤه منير وزياد وبسام، ولداه كريم وريان ومازن رجا دلال.

5 (1)

تحدث في التشييع بهاء دلال، ثم ألقى رئيس بلدية راشيا سعد مهنا كلمة أهالي راشيا، ثم ألقى الشيخ سامي ابو المنى كلمة المجلس المذهبي الدرزي فكلمة لنجل الراحل ريان دلال أشادت جميعها بمسيرة الراحل الإنسانية في حقل العطاء وخدمة المجتمع وأياديه البيضاء في حقل التربية والتعليم الجامعي ومساعدة الفقراء والمؤسسات الانسانية والاجتماعية والرعائية.

الوزير أبو فاعور أشار إلى أن “إفادة نعيم عباس أمام المحكمة العسكرية إستوقفتنا كثيراً خاصة بما تناوله حول ما يتعلق برئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط فطلبنا نسخة عن التحقيقات وإفادة عباس، ونسخة عن التحقيق الأصلي الذي جرى مع المجموعة التي تحدث عنها عباس، لأن الأمر خطير وجدي ولا يمكن المرور عليه مرور الكرام”، معتبراً أن “القاعدة عنوان عريض ليتم إستغلالها، وربما جرى إستغلالها سابقاً في أحداث أمنية وتفجيرات واغتيالات، لذلك نخشى أن يتم إستغلال هذا العنوان العريض لأي أعمال إجرامية ممكن أن يقوم بها النظام السوري في لبنان”.

ولفت أبو فاعور، أن “المبادرات الأخيرة التي حصلت لم تدخل تعديلاً جوهرياً في وتيرة تسريع إنتخاب رئيس للجمهورية”، لافتاً إلى أن “الفراغ الرئاسي قد يكون مديداً وفق الشروط السياسية الموجودة حالياً، مؤكداً “أننا في وطن بات كل شيء يضيع فيه في معركة الألقاب والمواقع والمناصب من رئاسة الجمهورية إلى أصغر موقع إداري وهذا الصراع الذي نعيش فيه اليوم في بلد تحتضر فيه المؤسسات بدءاً من رئاسة الجمهورية وفي بلد تنحصر فيه الإمكانيات ويكاد يضيع فيه الإقتصاد في حمأة صراعاتنا التي لا تنتهي، ونحن في هذا السبات العميق نكاد لا نلمح “وأنت من رجال الإقتصاد يا محمود”، كم يتراجع الإقتصاد ومعيشة اللبنانيين وكم يشعر اللبناني بالضيق والحاجة وبالتدهور الذي لا يتوقف في حياتنا السياسية والدستورية والاقتصادية والمالية..

5 (2)

وفي مآثر الراحل دلال، قال أبو فاعور: “لقد أخذتك أحلامك وطموحاتك بعيداً في دنيا الاغتراب والأعمال فكنت إسماً بارزاً ولكنها لم تأخذك بعيداً عن إلتصاقك بهذه الأرض فافتخرت بأنك تنتسب إلى هذه المنطقة وإلى هذا المجتمع وعبّرت عن هذا الانتماء والالتصاق بالفعل والعمل بإرادة الخير التي طالما عبّرت عنها وعملت لأجلها”.

وتابع: “أخذتك أحلامك إلى أعلى المواقع والمراتب لكنها ما أخذتك من قناعاتك الأساسية أن إنتماءك إلى هذه الأرض وإلى هذه البلدة هي المرتبة الأعلى والاسمى، فأرادتك المواقع وما أردتها أنت، وسعت إليك المناصب وما سعيت إليها، رغبت بك الألقاب وأنت أشحت بنظرك عنها. كنت وبقيت إلى آخر يوم تنحاز إلى ثقافة العمل لا إلى ثقافة اللقب”.

6

وكان رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبو المنى ألقى كلمة المجلس وجاء فيها:

حكم القضـا،  والحُكـمُ  فينـا  سيِّدُ     نرضى كما رضيَ الأميرُ السيِّــدُ
الموتُ حقٌّ   والحيــاةُ   تواصُــلٌ            والعمــرُ يَمضي  والمدى  يتجـدّدُ
بالصبر نلقــاهُ   ﭐختبـاراً   دائمـاً     يَحيــاهُ،  مُرتاحَ  الضميـر، مُوحِّـدُ
بإرادةِ اللهِ  الحيــاةُ  ولحظــةُ  الـ     موتِ  المُبينِ  وما  يَليــه  ويُولَـدُ.

إنّه الشعورُ الواحدُ المشترَكُ يخالجُنا اليومَ وفي كلّ يوم، من الجبل إلى الوادي، ومن المعروف إلى المعروف… من الجبلِ المُفعَمِ بالمجدِ والكرامة، إلى التيمِ النابضِ عزّةً وشهامة… من الباروك إلى حرمون، بما يعنيه من تاريخٍ وتراثٍ وأصالة، وله أقول:

  حرمونُ شيخَ الكلِّ، مجدُك ماثلُ                

في كلِّ مَكرُمةٍ، وشيخُكَ فاضلُ

فكلاكُما جبلٌ تحدّى الرِّيحَ، لم                   

يَرضَخْ، وكلّلَه البياضُ الشاملُ

 والفرقُ أنَّ عمامةَ الشيخِ  اكتمالُ                 

دائمٌ، لكنّ ثلجَك زائلُ

حرمونُ، يا ذا العزَّ، يشهدُ أنّ وادي التَّيمِ               

لا يَقوى عليه الجاهلُ

 وبأنّ هذي الأرضَ  أرضُ محبةٍ          

فيها  من  التوحيد  سرٌّ   كاملُ

حرمونُ  ودِّعْ  من رجالِكَ  سيِّداً           

له في العطاءِ  منابرٌ  ومَحافلُ

واذكرْه وجهاً من وجوهِك،  قلْ له                

لك في  قلوبِ الأوفياءِ منازلُ

 محمودُ  تعرفُه  الريادة  أوّلاً                  

بين  الرياديين،  وهْو  يناضلُ

ويراهُ   في  عينِ  القيادة  قدوةً                  

يَروي  محاسنَه  ويفخرُ  وائلُ

متمسكٌ بتراثِه، متألّمٌ               

ممّا   اعتراهُ،  وقلبُه   مُتفائلُ

محمودُ،  لولا  غابَ عنهُ   دلالُهُ،                

باقٍ،  وصوتُ  الأريحيةِ  قائلُ:

مَن يَعطِ يُعطَ، وعند ربِّك لم يَضِعْ         

يوماً، عطاءٌ،  إنّ  ربَّكَ  عادلُ

بهذا الوفاء وبهذه المحبة نأتي إليكم، لنُودِّعَ وجهاً مشرقاً معروفاً من وجوه هذه المنطقة، وعلماً رفيعاً من أعلامها، وأحدَ أبرزِ أربابِ العطاء والأريحية فيها، ورجلاً من رجالات الكرمِ والجودِ والمعروف، المأسوفَ عليه “أبا كريم” محمود دلال، وقد عرفه وادي التيمِ والجبلُ والوطن، كما عرفه كلُّ مَن تعاملَ معه من أبناء الوطن، رجلاً مندفعاً سخيّاً، ومناضلاً شهماً أبيّاً، مُتمسِّكاً بقيَمِه الوطنيةِ الأصيلة، وشِيَمِه الإنسانية النبيلة.

نُودّعُك يا أبا كريم، والطائفةُ، كما الوطنُ، أحوجُ ما تكونُ إلى أمثالك في المكرُمات، وقد عرفناك مساهِماً في أكثرَ من مؤسسةٍ اجتماعية وخيرية، وليس آخرَها اللجنةُ الاجتماعية في المجلس المذهبي ومجلةُ الضُّحى التابعة للمجلس، حيث تركتَ الأثرَ الناصعَ الطيّب، وسجّلتَ اسمَك المحمودَ في صفحاتِها الذهبية، وسيظلُّ أبناءُ راشيا الأوفياءُ، يَحفظون لك الجميلَ والعرفان، ويذكرونَ سيرتَك الغنيةَ بالإنسانية، يا مَن نجحتَ في مؤسساتِك، ولمعتَ في حياتِك العملية، فكرّستَ عملَك ونجاحَك لخدمة المجتمع، وكنتَ قدوةً في ما عملتَه وما نجحتَ به وما أنفقتَه في سبيلِ الخير.

إنّ القاعدةَ الاجتماعيةَ الأساسَ في مجتمعِنا التوحيديِّ تقضي بالوفاءِ والتقدير لكلِّ مَن يُقدِّمُ ويُضحّي، وقد  كنتَ واحداً من أُولئكَ الكرماء الأسخياء الذين يستحقُّونَ التقديرَ والثناء، ولذا سيفتقدُك جبلُ الشيخ وجبلُ لبنانَ فارساً معروفيّاً نبيلاً، وسيشتاقُ أهلُه لوجهِك الأنيس، وللهفتِك على الناسِ والأحبّة، سيحتاجُ إليك عند كلّ عمل خيرٍ وعند كلّ مُلِمّة، وسيتذكّرُ حضورَك في كلّ مناسبةٍ اجتماعية، لأنّك كنتَ قريباً من القلوبِ، متواضعاً في تعاطيكَ، سائلاً عن الفقراء، متفقّداً الأهلَ والأصدقاءَ، محافظاً على العلاقات الطيبة مع الجميع، مساهماً في تثبيت ركائز العيش المشترَك في هذه المنطقة الموحَّدةِ النموذجية من الوطن، مُدرِكاً أن المالَ مالُ الله، وأنّ الميسورَ هو مَن يُنفِقُ منه في سبيلِ الخير والإحسان، فيكونُ ذلك زاداً له، عند الناس الأوفياءِ، وعند الله سبحانه وتعالى، وقد صدقَ الإمامُ عليٌّ عندما قال:

لا دارَ للمرءِ بعـدَ المـوت يَسكُنُهـا           

إلا التي كـان قبـلَ المـوتِ يَبنيهـا

فـإنْ بناهـا بخيـرٍ  طـابَ  مَسكَنـُه           

وإنْ بناهـا  بِشَـرِّ  خــابَ  بانيـهـا

مشايخَنا الأجلّاء، أهلَنا وأصدقاءَنا جميعاً، أبناءَ راشيا الأعزّاء، عائلةَ الفقيد الغالي، أتقدّمُ منكم جميعاً، باسمي وباسم المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، بأحرّ التعازي وأخلصِها، سائلاً لفقيدِنا الغفرانَ والرحمة، ولكم طيبَ البقاء. عظّم الله أجرَكم. وإنّا لله وإنّا إليه راجعون”.

وبعدها، رفع الصلاة الشيخ أبو وسيم صالح القضماني ووُري الراحل الثرى في مدافن العائلة في راشيا.