أيُّ نصر، لِمَن وعلى مَن

وسام القاضي

رافق شعار “اللاغالب ولا المغلوب” لبنان في كافة المفاصل التاريخية وتحديدا عند تعرضه لزعزعة داخلية أو حروب من هنا ومن هناك، ومن أجل حماية صيغة التعايش لهذه الفسيفساء الطائفية والمذهبية المتعددة المنابع، كانت تطوى صفحات المآسي وتعقد جولات حوارية مع تدخلات وضغوط خارجية للملمة الأوضاع ووضع صيغ توافقية للمشاركة في وضع أسس للحكم في لبنان، بالرغم من أن تلك الأسس والصيغ لا تستمر لفترة طويلة بل تهتز نتيجة التركيبة اللبنانية المتأثرة دوما بالمحيط الإقليمي والدولي.

 لكن اللافت هذه المرة هو إستخدام أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لعبارة “النصر لفريقنا السياسي”، وقد إستند بذلك على أن الإنتخابات الرئاسية بمرحلتها الحالية تدور بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. فإعتبر السيد نصرالله على أن هذا الإختيار المحصور بمرشحين من فريق 8 آذار هو نصر لهذا الفريق. وهنا تكمن المفارقة الكبرى، حول ماهية النصر المجيد الذي تحقق، هل هو نصر لبنان بهذا الإنهيار الإقتصادي الذي يزداد يوما بعد يوم، أم نصر لبنان بترهل إداراته الرسمية، أم نصر لبنان بإقفال مؤسساته الدستورية، أم عن نصر الشعب اللبناني الذي يهاجر معظم شبابه لإيجاد عمل يليق بمستقبلهم في الخارج، أم نصر الشعب اللبناني الذي يعيش في دولة تحكمها الفوضى والخطف والسرقة والتعدي على كرامات الناس وإذلالهم يوميا عبر ما يعانونه في حياتهم اليومية.

للنصر معان وخصائص يتميز بها المنتصرون الذي يحصدون مكاسب إيجابية ويطورون بها بلادهم عند تسلمهم الحكم، ولا يمكن المزج بين النصر والمشاركة، لأن الحكم بعد النصر هو للأقوياء، ولا يوجد مكان لفيتو الآخرين عندما يتولى المنتصرون دفة الحكم. فعلى من إنتصر فريق الثامن من آذار، هل إنتصر على نصف الشعب اللبناني، فإذا كان كذلك ليتفضلوا بالنزول إلى مجلس النواب والتصويت للمرشحين الوحيدين لهذا الفريق، إلا إذا كانت الديمقراطية مرفوضة حتى داخل الفريق الواحد. وليحكموا على نصف الشعب الذي لا يؤيدهم بالعمالة والتخوين والترهيب والتخويف.

Hassan-nasrallah

وهنا لا بد من التساؤل حول هوية الفريق الذي انتصر، خاصة بعد خلط الأوراق الداخلية، فإذا كان فريق 8 آذار منتصرا فإنتصاره تحقق بعد تحالف التيار العوني مع القوات اللبنانية، وفي نفس الوقت يتمايز الرئيس نبيه بري عن 8 آذار بدعمه لفرنجيه للرئاسة، وبالتالي فإن النصر هذه مرة هو نصر إعلامي وليس إلهي، ولا يمكن إستثماره في مكاسب خاصة لأن اللعبة السياسية في لبنان تتقلب وفق الأهواء والمصالح، فالعداوة ليست دائمة والصداقة ليست دائمة.

 إلا أن ما لم يقله السيد نصرالله حول النصر بإعتقاده، هو نصر بقاء بشار الأسد في الحكم لغاية الآن، وكأن وصول مرشح 8 آذار هو نتيجة لصمود الأسد بالدعم الروسي، فإذا كان هذا ما يبتغيه فهو واهم جدا، لأن الصفقة التي تعقد بين الروس والأميركيين لن يكون فيها مكان للبنان فكيف سيكون فيها مكان لحزب الله.

إن ما تشهده المنطقة حاليا هو تجاذبات سياسية لرسم خطوط جغرافية جديدة تبصر فيها النور دويلات جديدة، وهذا المخاض ما بين الروس والأميركيين يتم وفق تقاسم الحصص والنفوذ فيما بينهم، ويتخذ هذا التجاذب منحى عسكري غير مباشر تارة، ومنحى سياسي تارة أخرى. ومن يعتمد بإنتصاره المزعوم على أنه حقق مكاسب فهو على أرض الواقع لم يحقق سوى بنود في أجندات خارجية وهو بالتالي سيرضخ إلى المعادلات الدولية الجديدة، وتبقى الساحة اللبنانية محكومة بالتوافق والمشاركة، والنصر هو أكذوبة كبرى في بلد كلبنان.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار