“إعلان مراكش” يعيد التذكير بالمسلمات الدينية الأساسية ويحذر من تشويهها

خاص- “الأنباء”

 تشهد الأمة الإسلامية والبلاد العربية تغييرات جذرية على عدة صعد، أدت الى مسّ نسيج بعض الأوطان وتهديد التنوع الذي يتميز به الشرق. وترى بعض الأوساط إن سرعة وتيرة هذه التغييرات لم تسمح للمؤسسات الدينية بمواكبتها وضبْط إيقاعها كما يجب، فكثُر الإجتهاد وانتشرت الفتاوى التي تخدم المشاريع السياسية، خصوصا ما يساهم منها في تفتيت المنطقة وتهجير بعض الفئات أو مسّ وجودها والإعتداء على كرامتها. أمام هذا المشهد أخذ الأزهر الشريف زمام المبادرة ودعا إلى إطلاق وثيقة في غاية الأهمية في العام الماضي، وقد ساهم في إطلاق هذه الوثيقة حشد كبير من علماء الامة ورؤساء طوائفها.

اعلان مراكش 6

وفي السياق نفسه، وسعيا من المؤسسات الرسمية والجمعيات الموثوقة إلى ضبط الأمور وكشف المغرضين، ولتصحيح الخلل الذي أحدثه التطرف، إرتأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة المغربية بالتنسيق والتعاون مع “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” الذي يرأسه العلامة الشيخ “عبدالله بن بيّه” وتدعمه دولة الإمارات بشكل أساسي، وهو وزير سابق في جمهورية موريتانيا، إرتأت أن تؤكد على نهج الإعتدال الذي هو خيار معظم المسلمين، وقد أثبت التاريخ هذا النهج خصوصا بالمقارنة مع تاريخ غير العرب والمسلمين منذ أكثر من 1400 عام. وقد جاء هذا التأكيد عبر تنظيم مؤتمر في مدينة مراكش تمت دعوة نحو 300 عالم ورجل دين إليه من مختلف الديانات من 120 دولة في القارات الخمس بتاريخ (25-27 كانون الثاني).

اعلان مراكش5

وقد كان لبنان حاضرا في هذا المؤتمر عبر مشاركة عدد من الشخصيات منها: مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، العلامة السيد علي الأمين ونجله السيد حسن الأمين، الدكتور رضوان السيد وكان له مداخلة حول آفاق المواطنة في الفكر الإسلامي المعاصر، الدكتور محمد السماك مستشار مفتي الجمهورية، الأب فادي ضو رئيس مؤسسة أديان ومستشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الشيخ دانيل عبد الخالق مستشار شيخ العقل نعيم حسن، وقد كان له مداخلة تطرق فيها الى عدة نقاط أساسية منها الحَثّ على إقران القول بالفعل واستحسان التركيز على الآيات الإحتوائية في القرآن الكريم وهي كثيرة ومتنوعة، استبدال مصطلح الأقليات بمصطلح التنوع وعدم التفريق بين الأقليات الدينية والأقليات المذهبية واعتبارهم تنوعا متساويا من الناحية الإنسانية، وتطرق إلى دور الإعلام الذي يركز على تغطية الأفعال أكثر من الأقوال.

وفي نهاية المؤتمر تلا وزير الأوقاف في المملكة المغربية الدكتور أحمد توفيق نص الإعلان الذي اعْتُبر تاريخيا، وقد ذُكر في بدايته أسباب عقد المؤتمر كقيام جماعات خرجت عن القانون وأضعفت السلطات المحلية دون أي شرعية سياسية أو دينية، ونسبت نفسها للإسلام وأخرجت المفاهيم عن سياقاتها ولجأت إلى العنف والسلاح والإجرام فشوهت صورة الإسلام وكوت بنار ظلمها كل شرائح المجتمع.

اعلان مراكش2

وركز بشكل أساسي على جمع الآيات البينات التي تكرم بني آدم ليس على أساس الدين أو المذهب، وغيرها من الآيات التى تحث على السلم والقبول بالتّنوع. وكذلك ركز على صحيفة المدينة واعتبارها دستورا لا يزال صالحا حتى وقتنا هذا ويتماشى ويتناغم مع شرعة الأمم المتحدة حيث تكفل حرية التدين وحرية التنقل والتملك ومبدأ التكافل العام والدفاع المشترك والعدالة والمساواة أمام القانون، وهي بذلك مرشحة لتقدم للمسلمين الأساس المرجعي المبدئي للمواطنة. وفي ختامه توجه بعدة توصيات إلى علماء الأمة والمؤسسات الدينية والتربوية والساسة والمثقفين وقيادات المذاهب والسياسات المتنوعة، ولمن يرغب في قراءة كامل الإعلان فإليه الرابط التالي:

http://goo.gl/C1Z6fU

يمكن القول أن هذا الإعلان هو خطوة أساسية في الدفاع عن صورة الإسلام على المستوى النظري، إذ أنّ التحدي هو في القدرة على تحويله إلى مناهج وسياسات، وإنّ أبرز إيجابياته هي أنه أوصل رسائل إعتدال إلى من هم داخل الديار الإسلامية وخارجها.