“يديعوت أحرونوت”:منذ عودة نتنياهو إلى السلطة ارتفع عدد المستوطنين بنحو 55%

في نهاية سنة 2008 بلغ عدد المستوطنين في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وفقاً لأرقام مكتب الإحصاءات المركزي، نحو 260 ألف يهودي. لا يشمل هذا العدد اليهود في المناطق التي ضُمت إلى القدس سنة 1967، ولا المواقع الاستيطانية غير القانونية. حالياً يعيش في المستوطنات في يهودا والسامرة قرابة 400 ألف يهودي. وبحسب تقديرات مبنيّة على معطيات معهد القدس لدراسة إسرائيل، يعيش قرابة 220 ألف يهودي في المناطق التي ضمت إلى العاصمة.

 في ظل حكومات نتنياهو الثلاث الأخيرة، ارتفع عدد المستوطنين قرابة الـ55 % بمعدل سنوي يبلغ 6.5% . وخلال هذه الفترة، ازداد تعداد السكان اليهود في إسرائيل 13% فقط، أي بمعدل 1.8% في السنة. وكان حجم الزيادة السكانية في المستوطنات أكبر بثلاث مرات ونصف من زيادة السكان اليهود في إسرائيل، وضعف الزيادة وسط السكان الفلسطينيين. وأسباب هذه الزيادة بحسب وزنها في الميزان الديموغرافي ترجع إلى: زيادة طبيعية مرتفعة، أزمة سكن (وهوية) في القطاع الحريدي وهجرة داخلية إيديولوجية.

 لقد كانت هذه سبع سنوات سمينة للمشروع الاستيطاني كرست واقعاً وطنياً جديداً، أصبحت فيها صيغة دولتين لشعبين غير قابلة للتحقيق. وحتى الفصل بين اليهود والفلسطينيين والانفصال عنهم أصبحا تقريباً غير ممكني التحقيق.

إن زيادة قرابة 150 ألف مستوطن- ما يساوي خمس بلدات جديدة عدد سكانها 30 ألف نسمة في النقب والجليل- يتطلب استثمارات حكومية كبيرة جديدة في البنى التحتية المادية والاجتماعية، وفي مؤسسات الدولة والخدمات العامة في يهودا والسامرة. وهذه الأرقام المالية ليست علنية.

 هناك من يرى في الحركة الاستيطانية بركة، وهناك من يراها خطراً. ومهما كان الأمر، فإن الزيادة المتسارعة في المستوطنات لم تجذب اهتمام الرأي العام ولم تحتل العناوين الأولى في الصحف ولم تُشعل الأجواء. فخلال هذه السنوات السبع اشتعلت الأجواء بقضايا أخرى مثل تركز ملكية الشركات في البورصة، وعمولات المصارف، وأسعار الأجبان ومنتجات الحليب، والضرائب على الأرباح [….] وخطة الغاز الطبيعي، وأسواق التكنولوجيا المتقدمة الهاي – تك وغير ذلك. لقد كان الاهتمام الاجتماعي- السياسي بهذه المسائل كثيفاً واستهلك جميع الطاقات بحيث لم يبق لليسار واليمين المعتدل الوقت والطاقة كي يرفعا رأسيهما للنظر إلى ما يجري وراء الخط الأخضر ورؤية ما الذي تغير في المستوطنات اليهودية هناك. وهكذا مرت السبع سنوات السمينة هناك من تحت الرادار.

 هل حدث ذلك مصادفة؟ لو كنت من الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة لكتبت أن هذا ليس مصادفة، ولكتبت أن هناك مؤامرة من السلطة تهدف الى تحويل الحديث الإسرائيلي نحو موضوعات استهلاكية – اقتصادية شعبية كثيرة، كي لا يُثار موضوع المستوطنات الكبيرة. ولكنت كتبت أن الذين يقودون هذا الخطاب خدموا – بعضهم عن وعي وبعضهم الآخر من دون وعي- مؤامرة تحويل الأنظار. لكنني لا أؤمن بالمؤامرات بل بالاختيار الحر: لم ير الرأي العام في إسرائيل الزيادة في سكان المستوطنات لأنه لم يشأ أن يراها.

في المستقبل القريب لن يكون هناك خيار، فإذا استمرت وتيرة الزيادة في عدد سكان المستوطنات سبع سنوت أخرى، سيعيش في نهاية 2022 في هذه المستوطنات 620 ألف يهودي. وسيكون في المنطقة الجغرافية التي كانت سابقاً الضفة الغربية، وفي القدس الشرقية مليون يهودي، أي نحو 14% من مجموع يهود إسرائيل. وكل إسرائيلي من سبعة إسرائيليين سيسكن في مناطق خارج حدود حزيران/يونيو 1967.

قولوا وداعاً للصهيونية، وأهلاً وسهلاً بالدولة الثنائية القومية.

—————————-

(*) مؤسسة الدراسات الفلسطينية