هذا ما تستطيع أن تفعله القنبلة الهيدروجينية!

فور الإعلان عن نجاح تجربة القنبلة الهيدروجينية التي قامت بها كورية الشمالية توالت ردود الفعل العالمية بالتعليقات والإنتقادات والإدانة الشديدة. كما تناول هذا الحدث العديد من التعليقات والمعارضات كما جذب اهتمام الإعلام وتعمّق في التحليل والأخطار معتبراً أن هذا العمل هو تحدياً خطيراً للسلام والأمن العالميين.

وإذا كانت القنبلة الهيدروجينية تندرج في مجموعة أسلحة الدمار الشامل إضافةً إلى شقيقاتها القنبلة الذرية والأسلحة الكيماوية وكذلك الأسلحة البيولوجية. فقد ظهر سلاح الدمار الشامل كعامل وإجراء ردع للدول العظمى في مسار تطور الأسلحة والسباق في غزو الفضاء. وتاريخياً إن أول تجربة للقنبلة الهيدروجينية قام بها الإتحاد السوفياتي في العام ١٩٥٣ من ضمن استراتيجية وقناعة بأن الولايات المتحدة الأميركية تمتلك هذه القنبلة. علماً بأن الإتحاد السوفيتي جعل من كزخستان حقل تجارب في هذا المضمار حيث أجريت في هذا الحقل ٤٠٠ تجربة كان آخرها عام ١٩٨٩.

الاتحاد السوفياتي

ومن المهم الإشارة إلى أن قدرة هذه القنبلة تساوي ٢٥٠٠ مرة قدرة القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي! ورغم أن هناك مجموعة من الدول تمتلك أسلحة الدمار الشامل من ضمنها الحائزة على الأسلحة النووية وهي: أميركا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، والصين. كذلك هناك دول معروفة بحيازتها لأسلحة الدمار منها الهند وباكستان وإسرائيل.

وهنا لا بد من التأكيد بأن مخاطر تلك الأسلحة هي مدمرة للإنسان وهذا الكوكب! عدا ما يسببه هذا السلاح من تلوث اشعاعي بيئي قاتل واحداث طاقة تفجيرية هائلة ويمتلك قدرة تدميرية لكل ما هو فوق سطح الأرض وتحته. ومن المؤكد بأن استخدام هذه الأسلحة في النزاعات والحروب عبارة عن دمار شامل فلن يبقى حكماً على الأرض لا غالب ولا مغلوب.

ومن المهم التأكيد بأن الجهد العالمي حاول وضع إتفاقيات دولية لحظر استخدام أسلحة الدمار الشامل وحظر تجارب الأسلحة النووية في الجو والفضاء الخارجي والبحار، كما حاول الجهد العالمي وما يزال نزع السلاح النووي الذي ما فتىء يمثل تحدياً صعباً لتلك الجهود المبذولة وترسيخ فكرة السلام العالمي.

download

وفي مقابلة لـ”الأنباء” مع الدكتور شفيق المصري أستاذ القانون الدولي قال: “اليوم أًصبح هناك نظام معولم لفرض الإنتظام الدولي العام ومن هذه الأنظمة المعولمة حظر انتشار السلاح النووي وحظر استخدام التجارب النووية. في الشق الأول صدرت المعاهدة وهي معاهدة متعددة الأطراف وتعتبر من مصادر القانون الدولي وهي الـNon-Proliferation of Nuclear Weapons NPT أي حظر انتشار السلاح النووي وقد تعزز اعتبار هذه المعاهدة نافذة دولياً إلى أجل غير محدد”.

وتابع المصري: “أما في موضوع التجارب النووية، فقد صدرت معاهدة أخرى دولية وهي ال  Comprehensive Nuclear Test Ban Treaty CTBT أي حظر التجارب النووية وهي أيضاً إلى أجل غير محدد وملزمة لكافة الدول حتى الدول التي اعتبرت قوى نووية في الأساس كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وسمح لها أن تكون قوى نووية ولكن حظرت عليها إجراء تجارب جديدة نووية. هاتان المعاهدتان تشملان في الواقع الركيزة الأساسية لنظام ضبط السلاح والتجارب النووية. ثم صدر عن مجلس الأمن في العام 2004 القرار 1540 وفيه أكد مجلس الأمن على منع اقتناء أو استخدام أو بيع مواد نووية أو مشعة. وكان بذلك قد أوجد الأداة القانونية الملزمة بذاتها حول هذا الموضوع”.

شفيق المصري

وأضاف المصري: “إذاً الموضوع النووي في القانون الدولي منضبط ولكن الممارسات تجاوزت هذا الإنضباط ويوجد اليوم ثلاث دول تمتلك سلاحاً نووياً وهي الهند وباكستان وإسرائيل وذلك بخلاف ما نصت عليه معاهدة الـNPT. أما مسألة الملف النووي الإيراني فالإتفاق حصل من أجل وقف المسار الذي كان متبعاً لتخصيب اليورانيوم وذلك لمدة عشر سنوات على الأقل، المهم في الموضوع أن ضبط السلاح النووي يقع ضمن مسؤولية الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA International Atomic Energy Agency والتي تتحقق من حسن تنفيذ المعاهدتين المشار إليهما التي تكلف بإعداد تقارير لمدى انضباط الدول في التزام هاتين المعاهدتين”.

وختم المصري: “بالتالي يمكننا القول أن القانون الدولي حرص منذ أكثر من عقدين على ضبط السلاح النووي وحصره في القوى النووية الخمس المعترف بها أي دول الفيتو مع أن المخالفات لهذا الضبط تحصل وقد تحصل أيضاً في المستقبل إذا لم يكن هناك مناخ حاسم دولياً في تطبيق المعاهدات”.

حبذا لو تتضافر الإمكانيات والموارد والقدرات التي تصرف على الحروب والنزاعات من أسلحة متطورة ومدمرة وأن تصوب في اتجاه حلّ معضلات الإنسان المعاصر ومشكلاته من تلوث البيئة والفقر والأمراض والتوجه نحو خير الإنسان وسعادته وسلامه على أمل أن ننقذ الإنسان ونحافظ عليه وننقذ هذا الكوكب المهدد فعلاً بالدمار!

———————–

(*) علا كرامة