استراتيجية لإسرائيل في الثمانينات

بقلم عوديد يِنُون

تعيد “الأنباء” نشر هذا النص القديم الذي يعود الى الثمانينات وقد حصلت عليه من مؤسسة الدراسات الفلسطينية  والذي كتبه الصحافي الاسرائيلي عوديد ينون وهو ايضاً موظف سابق في وزارة الخارجية الاسرائيلية. واللافت في هذا النص أن الرهان الإسرائيلي على الصدام السني – الشيعي هو رهان قديم، وأن العمل الحثيث على تغذية الخلافات والانقسامات السياسية يقع في صلب السياسة الاسرائيلية التي إرتكزت الى التنوع الطائفي والمذهبي في عدد من الدول العربية لضرب الاستقرار أو لتوقع إنهياره. ويقدّم الكاتب في هذا النص قراءة متكاملة لكل دول العالم العربي والإسلامي وتوقعاته بإنهيارها رويداً رويداً.

تحتاج دولة إسرائيل في مستهل الثمانينات إلى إلقاء نظرة جديدة على موقعها وتوجهاتها وأهدافها القومية في الداخل والخارج. فقد أصبح هذا الأمر أكثر حيوية بفعل عدد من المسارات الرئيسية التي تمر بها الدولة والمنطقة والعالم. إننا نعيش اليوم إرهاصات عهد جديد من تاريخ البشرية، لا يشبه مطلقاً العهد الذي سبقه، وتختلف سماته تمام الاختلاف عما ألفناه حتى الآن. لذا، فنحن بحاجة إلى فهم المسارات الرئيسية التي تميّز هذه الحقبة التاريخية من جهة، كما نحتاج إلى نظرة استراتيجية وعمليانية وفقاً للظروف الجديدة من جهة أخرى. إذ إن وجود الدولة اليهودية وازدهارها وصمودها، سيعتمد كلية على قدرتها على تبنّي نهج جديد، وأسلوب جديد يحكمان حياتها الداخلية والخارجية.

يتميز العهد الحالي بعدد من السمات التي نستطيع تشخيصها منذ الآن، وهي ترمز إلى انقلاب فعلي في نهج حياتنا الحالي. والمسار السائد حالياً هو انهيار النظرة الإنسانية والعقلانية كمدماك أساسي لحياة الحضارة الغربية وإنجازاتها منذ عهد النهضة. فالنظريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نجمت عن هذه السمة لعالمنا، تثبّت بعض “الحقائق” التي أخذت تختفي اليوم. وثمة مثال على ذلك، هو المفهوم القائل: إن الإنسان كفرد هو مركز الكون، وكل ما فيه مرهون لحاجاته المادية الأساسية. وقد أصبحت هذه النظرة باطلة في العهد الحالي، إذ أصبح من الواضح أن كمية الموارد في هذا الكون لا تلبّي طموحات الإنسان ولا حاجاته الاقتصادية ومشكلاته الديموغرافية.

ففي عالم يعيش فيه أربعة مليارات من البشر، ويفتقر إلى موارد اقتصادية وطاقوية كبيرة، بالنسبة إلى حاجات البشرية، لا يمكن من الناحية الواقعية توفير الشرط الأساسي للمجتمع الغربي،[1] أي التطلع نحو الاستهلاك والتهافت عليه بلا حدود. إنّ حرب الموارد في العالم،­ ناهيك باحتكار العرب للنّفط، بل وأيضاً حاجة الغرب كلّه إلى استيراد معظم مواده الخام من دول العالم الثّالث­، تحدث تحوّلاً في العالم الذي نألفه. ولا سيّما أنّ أحد الأهداف السياسيّة للاتحاد السوفياتي هو دحر الغرب بواسطة السيطرة على الموارد الهائلة للخليج الفارسي وجنوب القارّة الأفريقيّة، حيث تتوافر معظم المعادن في العالم اليوم. وبالتالي، نستطيع أن نتصوّر أبعاد المواجهة العالميّة التي سنواجهها في المستقبل. فالنظرة القائلة بأنه لم يعد للأخلاق أي دور في تحديد نهج الإنسان بل حاجاته المادية وحسب، هذه النظرة تنهار اليوم عندما نشاهد عالماً تكاد القيم تتلاشى فيه. إذ إننا نفقد القدرة على تقييم أبسط الأمور، وخصوصاً فيما يتعلق بالسؤال البسيط، ما هو الخير وما هو الشر؟

الاتحاد السوفياتي1

إن الرؤية القائلة بأن لا حدود لطموحات الإنسان وقدراته، تتقزّم أمام حقائق الحياة، عندما نشاهد انهيار النظام العالمي حولنا. أما الرؤية القائلة بأنه لا يكفي منح كل فرد الحرية والانعتاق، تبدو اليوم سخيفة في ضوء الحقيقة المحزنة المتمثّلة في كون ثلاثة أرباع البشرية تعيش تحت حكم أنظمة توتاليتارية، وتختفي سوية مع رؤية المساواة والعدالة الاجتماعية التي جعلتها الاشتراكية، وخصوصاً الشيوعية، محط سخرية ومهانة. ولا اعتراض على حقيقة هاتين الفكرتين. ولكن من الواضح أنه لم يتم تطبيقهما، لأن أكثرية البشرية فقدت الحرية والانعتاق وفرص المساواة والعدالة. وفي هذا العالم النووي الذي نعيش فيه (حتى الآن) في هدوء نسبي منذ ثلاثين عاماً، لم يعد لمفاهيم مثل أخوة الشعوب والسلام والتعايش أي مغزى، في الوقت الذي تؤكد فيه دولة عظمى كالاتحاد السوفياتي في عقيدتها العسكرية والسياسية على أن الحرب النووية ليست ممكنة وضرورية لتحقيق أهداف الماركسية وحسب، وإنما في الإمكان استمرار البقاء بعد هذه الحرب، ناهيك بأنه يمكن الانتصار فيها.[2]

إن المفاهيم الأساسية للمجتمع البشري، وخصوصاً الغربي، تتغير اليوم نتيجة لتحوّلات سياسية وعسكرية واقتصادية جذرية. وهكذا، فإن القدرة النووية والتقليدية التي يملكها الاتحاد السوفياتي تجعل من هذا العهد الذي هو على وشك الانتهاء، آخر حقبة من الهدوء قبل الطامة الكبرى التي ستهدم جزءاً كبيراً من عالمنا وستدمّره في حرب كونية متعددة الأبعاد، إذ تعتبر الحروب العالمية الماضية مجرد لعبة أطفال بالنسبة إليها. حيث أن قوة السلاح النووي والتقليدي كماً ودقة ونوعاً، سوف تقلب معظم عالمنا رأساً على عقب، بكل المفاهيم، وفي غضون سنوات معدودة. لذا،علينا في إسرائيل أيضاً، التأهب لذلك وبسرعة. وهذا هو التهديد الرئيسي لوجودنا نحن، وللعالم الغربي أيضاً.[3]

isreal-middle east

إنّ العالم العربي- الإسلامي ليس هو إذن المشكلة الاستراتيجيّة الأساسيّة التي سنواجهها خلال الثمانينات، وذلك على الرّغم من أنّ له النّصيب الأوفر في تهديد إسرائيل بسبب قوّته العسكريّة الآخذة في الازدياد. وهذا العالم، بطوائفه وأقليّاته الإثنية وفئاته وأزماته الداخليّة التي تؤول إلى دمار ذاتي داخلي بصورة مذهلة، كما نشهد اليوم في لبنان وإيران غير العربيّة، والآن في سوريا أيضاً، غير قادر على التصدّي لمشكلاته الأساسيّة الشاملة، وبالتالي فإنّه لا يشكّل تهديداً فعليّاً لدولة إسرائيل في المدى البعيد، وإنّما في المدى القصير، إذ إن ثمّة أهميّة كبرى لقوّته العسكريّة الآنيّة. ففي المدى البعيد، لا يستطيع هذا العالم البقاء ببنيته الحاليّة في المناطق المحيطة بنا، من دون تغيرات ثورية حقيقية. إنّ العالم العربي- الإسلامي مبنيّ مثل برج عَرَضي مبني من أوراق لعب، شيّده أجانب (فرنسا وبريطانيا في العشرينات)، من دون اعتبار لإرادة السكّان وتطلّعاتهم. فقد تمّ تقسيمه إلى 19 دولة، كلّها مكوّنة من جماعات إثنية وأقلّيّات وطوائف مختلفة تناصب بعضها بعضاً العداء. ولهذا، فإن كلّ دولة عربيّة إسلاميّة، هي عرضة اليوم لخطر التفتّت ­الاجتماعي في الدّاخل، لدرجة أنّه تدور في بعضها الآن حروب أهليّة.[4] إن معظم العرب، 118 مليوناً من مجموع 170 مليوناً، يعيش في إفريقيا،وأكثريتهم في مصر (45 مليوناً حالياً) وباستثناء مصر، فإنّ جميع دول المغرب مؤلّفة من مزيج من العرب والبربر الذين هم ليسوا عرباً. وتدور في الجزائر فعلاً حرب أهليّة في جبال القبائل بين شعبي هذا البلد. والمغرب والجزائر يتصارعان على الصحراء الإسبانية، علاوة على الصراع الداخلي في كل منهما. ناهيك عن الإسلام الأصولي الذي يهدّد وحدة أراضي تونس، والقذّافي الذي يخوض حروباً مدمّرة للعرب أنفسهم، من بلد يكاد لا يكون فيه سكان حقيقيون يمكن تحويلهم إلى أمة قوية مقتدرة. ومن هنا بالذات، جاءت محاولاته لإقامة وحدات مع دول أكثر أصالة، مثل مصر في الماضي وسوريا حالياً. وأما السودان، أكثر دول العالم العربي – الإسلامي تفسخاً، فإنه قائم على أربع مجموعات سكانية غريبة عن بعضها البعض أقلية عربية – إسلامية – سنية تسيطر على أكثرية غير عربية – إفريقية، وأفغانيون ومسيحيون. وفي مصر أكثرية سنية إسلامية، في مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين تشكل غالبية فى صعيد مصر بأسره، وتعدادها 7 ملايين تقريباً. حتى أن السادات أعرب في خطاب له في أيار/مايو 1980 عن تخوفه من أن يتطلع هؤلاء إلى إنشاء دولة خاصة بهم، على غرار لبنان مسيحي “ثان” في مصر.

إن جميع الدول العربية الواقعة شرقي إسرائيل، مجزّأة وممزّقة ومفكّكة وغارقة في نزاعات داخلية أكثر ممّا هي عليه الحال في دول المغرب. فسوريا لا تختلف من حيث الجوهر عن لبنان الطائفي، إلاّ بنظام الحكم العسكري القويّ فيها. بيد أن الحرب الأهلية الفعلية الدائرة اليوم بين الأكثرية السنيّة والأقلية الشيعية – العلوية الحاكمة (12 %فقط من مجموع السكان)، تشهدعلى خطورة المشكلة الداخلية.

 والعراق، مرة أخرى، لا يختلف جوهريّاً عن جارته، لكن الأكثرية فيه شيعية، والأقلية الحاكمة سنيّة. فهناك نسبة 65 % من السكان ليس لها تأثير في السياسة، إذ إن نخبة مكوّنة من 20 % هي التي تمسك بزمام السلطة. بالإضافة إلى ذلك، هناك الأقلية الكردية الكبيرة فى الشمال. ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول، لما اختلف مستقبل العراق في خطورته، عما آلى إليه لبنان في الأمس وعن وضع سوريا حالياً.

 العراق

إن براعم النزاع الداخلي والحرب الأهلية تبرز فيه منذ اليوم، وخصوصاً بعد تسلّم الخميني السلطة في إيران، إذ يعتبره الشيعة في العراق زعيمهم الطبيعي، وليس صدام حسين.

إن جميع إمارات الخليج والسعوديّة قائمة على بناء واه من الرمل ليس فيه سوى النفط. ففي الكويت يشكل الكويتيون ربع السكان. وفي البحرين يشكّل الشيعة الأكثرية، لكنهم محرومون من السلطة. ويشكل الشيعة في دولة الإمارات العربية الأكثرية، بيد أن الحكام هم من السنة. وكذلك أيضاً في عُمان، واليمن الشمالي، وحتى في اليمن الجنوبي الماركسي، هناك أقلية شيعية كبيرة. أما في السعودية، فإن نصف السكان أجانب: مصريون ويمنيون وغيرهم، وأقّلية حاكمة من السعوديين.

إن الأردن في واقعه فلسطيني، ولكن تحكمه أقلية بدوية شرق أردنية، في حين أن معظم الجيش الأردني أصبح مكوناً من الفلسطينيين، وكذلك أيضاً حال البيروقراطيا الأردنية. وفي الحقيقة إن عمّان فلسطينية مثل نابلس. وفي جميع هذه الدول جيوش قوية ذات قدرة كبيرة، ولكن هنا أيضاً توجد مشكلة. فالجيش السوري سنّي بعديده وعلوي بقيادته. والجيش العراقي شيعي بعديده وسنيّ بقيادته، ولهذا دلالة مهمّة في المدى البعيد. وبالتالي، لن يكون من اليسير المحافظة على ولاء الجيش لوقت طويل، باستثناء العامل المشترك الموحّد الوحيد: العداء لإسرائيل ،وحتى هذا لم يعد كافياً.[5]

إلى جانب العرب المنقسمين فيما بينهم، هناك أيضاً سائر الدول الإسلامية التي تواجه مأزقاً شبيهاً. فإيران مكوّنة من سكان نصفهم ناطقون بالفارسية، والنصف الآخر تركي من حيث الأصل الإثني واللغة والطباع. وتركيا منقسمة إلى نصفين: نصف إسلامي – سني – تركي من حيث الأصل واللغة، ونصف مكوّن من أقليتين كبيرتين، 12 مليون شيعي – علوي، 6 ملايين كردي – سني. وفي أفغانستان 5 ملايين شيعي يشكّلون نحو ثلث السكان. وفي باكستان السنيّة نحو 15 مليون شيعي يعرضون كيان الدولة للخطر.[6] إنّ صورة وضع الأقليات القوميّة­ الإثنيّة­ الطائفيّة هذه، الممتدة من المغرب حتّى الهند، ومن الصومال حتّى تركيا، تدلّ على انعدام الاستقرار، وعلى التفتّت السريع في جميع أنحاء المنطقة المحيطة بنا. وعندما نضيف إلى ما تقدّم الصورة الاقتصاديّة، ندرك إلى أيّ حدّ تقوم المنطقة بأسرها فعلاً على برج من ورق اللعب، من دون أيّة فرص للتصدّي لمشكلاتها الحادة.

فى هذا العالم الكبير والمفكك، ثمة جماعات قليلة جداً من الأثرياء وجماهير غفيرة من الفقراء. إذ يبلغ متوسط الدخل السنوي (الفردي) لأغلبية العرب نحو 300 دولار، وهكذا في مصر، وفي معظم دول المغرب العربي، باستثناء ليبيا، ودول المشرق باستثناء العراق.

أما لبنان فإنه مفتت وهو ينهار اقتصادياً، كونه دولة تفتقر إلى سلطة مركزية واحدة، وإنما فيه خمس سلطات مستقلة فعلاً ( مسيحية في الشمال يدعمها السوريون وتسيطر عليها أسرة فرنجيه، وفى الشرق منطقة احتلال سورى مباشر، وفى الوسط جيب مسيحي واقع تحت سيطرة الكتائب، وإلى الجنوب منها وحتى نهر الليطانى دولة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي مكوّنة فى معظمها من الفلسطينيين، ثم دولة الرائد سعد حداد من المسيحيين وحوالى نصف مليون من الشيعة.

وفي سوريا وضع أكثر خطورة، حتى المساعدات التي ستحصل عليها، في المستقبل بعد الوحدة مع ليبيا، لن تكفي للتصدي لمشكلات الوجود الأساسية، والاحتفاظ بجيش كبير لاقتصاد منهار. أما مصر فوضعها هو الأفدح، إذ إن الملايين فيها على حافة الجوع، ونصف القوى العاملة من العاطلين عن العمل. وهناك ضائقة سكنية في منطقة أكثر كثافة سكانية في العالم. وباستثناء الجيش، لا يوجد أي قطاع آخر يؤدي وظيفته بكفاءة، والدولة تعاني حالة إفلاس دائمة لولا المساعدات الخارجية الأميركية التي منحت لها في أعقاب السلام.[7]

oil-556

تحتوي دول الخليج والسعودية وليبيا على أكبر خزانات النفط ومصادر التمويل في العالم، ولكن المستفيدين منها هم شرائح محدودة من نخب لا تملك قاعدة واسعة من الدعم وتفتقر إلى ثقة بالنفس، ولا يستطيع أي جيش قادر ضمان بقائها. والجيش السعودي بكل ما يملك من عتاد، لا يستطيع أن يحمي النظام الحاكم من أخطار فعلية داخلية وخارجية. وماحدث فى مكة عام 1980 ليس سوى مثال على ذلك.

هذه صورة وضع كئيب وعاصف جداً يحيط بإسرائيل، وهو يضع أمامها تحديات ومشكلات وأخطاراً وفرصاً أيضاً للمدى البعيد، للمرة الأولى منذ حرب 1967.[8] فالفرص والإمكانات التي أهدرت في ذلك الحين، قابلة للتحقيق خلال الثمانينات، على نطاق وأبعاد لا نستطيع تخيّلها اليوم.

إنّ سياسة “السلام” وإعادة مناطق عن طريق الاعتماد على الولايات المتّحدة، تحول دون تحقيق الخيارات الجديدة التي تنشأ أمامنا. فمنذ عام 1967، أخضعت جميع الحكومات الإسرائيليّة أهدافنا القوميّة لأغراض سلطوية ضيقّة من جهة، وآراء هدّامة في الدّاخل من ناحية أخرى، وهذه عطّلت إمكاناتنا في الخارج والدّاخل على السواء. إنّ الفشل في اتّخاذ أية خطوات إزاء السكّان العرب في المناطق الجديدة، التي حصلنا عليها بالحرب التي فرضت علينا، هو الخطأ الاستراتيجي الأساسي الذي ارتكبته إسرائيل غداة حرب الأيّام الستة (1967). إذ كان في مقدورنا، أن نوفّر على أنفسنا خوض هذا النزاع المرير والخطر منذ ذلك الوقت، لو كنا قد أعطينا الأردن للفلسطينيّين الذين يقطنون غربيّ نهر الأردن. وبذلك كنّا سنحيّد المشكلة الفلسطينيّة التي نواجهها اليوم، والتي وجدنا لها حلولاً ليست بحلول، مثل الحلّ الوسط الإقليمي، أو الإدارة الذاتيّة التي هي في الواقع الشيء نفسه.[9] واليوم تنشأ أمامنا فجأة فرص من أجل تغيير هذا الوضع من أساسه، وعلينا أن ننجز هذا عمليّاً خلال العقد القادم. ومن دون ذلك لن نتمكّن من البقاء كدولة.

خلال الثمانينات، ستضطر دولة إسرائيل إلى اجتياز تغييرات بعيدة المدى في نظامها السياسي والاقتصادي الداخلي، علاوة على تغييرات راديكالية في سياستها الخارجية، لتتمكن من التصدّي للتحديات الكونية والاقتصادية والإقليمية خلال الحقبة الجديدة. إذ إن فقدان حقول النفط في خليج السويس، علاوة على فقدان الطاقة الكامنة من النفط والغاز والموارد الطبيعية في شبه جزيرة سيناء، التي يتطابق تكوينها الجيولوجي مع تكوين الدول الغنية بالنفط، سوف يؤديان بنا إلى اختناق في مجال الطاقة خلال المستقبل القريب، وإلى انهيار اقتصادي في الداخل، إذ إن ريع الناتج القومي القائم وثلث الميزانية، سوف ينفقان على شراء النفط.[10] واكتشاف مواد خام ونفط وغاز، في النقب وفي السهل الساحلي، لن يتمكن في المستقبل القريب من تغيير هذه الأوضاع.

إن استعادة شبه جزيرة سيناء بمواردها القائمة والكامنة، هي إذن أولوية سياسية أساسية اليوم. إلاّ أن تسويات كامب ديفيد ومعاهدة السلام تحولان دون تحقيق ذلك. ومن يتحمّل تبعة ذلك بالطبع هو حكومة إسرائيل الحالية، وحكومات المعراخ (التجمّع العمالي) التي مهدّت الطريق منذ سنة 1967 أمام سياسات إعادة المناطق. فالمصريون لن يضطروا إلى الالتزام باتفاقية السلام بعد إعادة سيناء لهم، وسوف يفعلون كل ما فى وسعهم لكى يعودوا إلى حضن العالم العربي نظراً لأهميته بالنسبة إليهم، وإلى حضن الاتحاد السوفياتي نظراً لأهمية تزويدهم بالمساعدات والدعم العسكري. كما أن ضعف الولايات المتحدة نفسها في الداخل والخارج، سيجعل استمرار المساعدات الأميركية قصير المدى، مدى السلام. ومن دون النفط ومداخيله، ونظراً لحجم النفقات الهائلة التي تصرف عليه اليوم، لا نستطيع البقاء في الوضع الحالي بعد سنة 1982، وسوف نضطر إلى العمل على إعادة الوضع الذي كان سائداً في سيناء حتى قدوم السادات (إلى القدس) واتفاق السلام الخاطئ، الذي وقع معه في آذار /مارس 1979.[11]

إن أمام إسرائيل سبيلين أساسيين لتحقيق هذا الهدف: الأول مباشر والآخر غير مباشر. والخيار المباشر هو الأقل واقعية بسبب طبيعة النظام السياسي في إسرائيل من جهة، وحكمة السادات، الذي حقق الانسحاب من سيناء بعيد حرب 1973، كان انسحابنا من سيناء إنجازه الرئيسي منذ تسلّمه سدة الحكم باستثناء حرب 1973. ثم أن إسرائيل لن تبادر إلى خرق الاتفاق لا اليوم ولا في سنة 1982، إلاّ إذا وقعت تحت ضغط اقتصادي وسياسي شديد، وإذا وفّرت لها مصر ذريعة للاستيلاء على سيناء من جديد للمرة الرابعة خلال تاريخنا القصير.

بقي إذن الخيار غير المباشر. فالوضع الاقتصادي في مصر من جهة، وطبيعة نظام الحكم وسياسته العربية من جهة أخرى، سوف يؤديان إلى وضع ستضطر فيه إسرائيل، بعد نيسان /أبريل 1982، إلى التحرك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من أجل إعادة سيناء إلى حضن إسرائيل مرة أخرى، كونها تشكّل احتياطاً استراتيجياً واقتصادياً ومصدراً للطاقة للمدى البعيد. مع أن مصر لا تشكل مشكلة عسكرية استراتيجية في المدى البعيد، وذلك بسبب ضعفها الداخلي، وفي الإمكان إعادتها إلى وضعها الذي كان سائداً بعد حرب حزيران /يونيو 1967 في يوم واحد.[12]

مصر

إن أسطورة مصر القوية وقائدة العالم العربي، كانت قد تحطمت منذ عام 1956، وطبعاً في عام 1967، لكنّ سياستنا، مثل إعادة سيناء، جعلت هذه الأسطورة اليوم “حقيقة”. فمن النّاحية الواقعيّة، فإنّ قوّة مصر بالنّسبة لإسرائيل وحدها، أو بالنّسبة إلى العالم العربي بأسره، قد انخفضت منذ عام 1967 بنسبة 50 % تقريباً. ولم تعد مصر القوّة السياسية القائدة في العالم العربي، وقوتها الاقتصادية قائمة على أسس هشّة، وإذا ما توقفت المساعدات الخارجية عنها،[13] فستنهار في اليوم التالي. أما في المدى القصير وبعد أن استعادت مصر سيناء، فإنها تسجّل بعض النقاط على حسابنا. ولكن في هذا المدى القصير، حتى سنة 1982، فإن الأمر لن يغير ميزان القوى لمصلحتها، وربما يؤدي إلى انهيارها. إنّ مصر بطابعها وصورتها السياسيّة الداخليّة القائمة، تعتبر منذ اليوم جثّة هامدة حقّاً بسبب انهيارها، وبسبب الانقسام الإسلامي­ – المسيحي الذي سيزداد شدّة وتأزّماً في المستقبل. إنّ تجزئة مصر، إقليميّاً، إلى مناطق ّجغرافيّة متمايزة تشكّل هدف إسرائيل السياسي في الثمانينات في جبهتها الغربيّة.

 إنّ مصر مفكّكة ومنقسمة إلى عناصر سلطويّة كثيرة، خلافاً لما هي عليه الحال اليوم لن تشكل أيّ تهديد لإسرائيل وإنّما ستكون ضمانة للأمن والسلام لوقت طويل. وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا. إن دولاً مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منهما، لن تبقى على صورتها الحالية، بل ستقتفي أثر مصر في انهيارها وتفتتها. ومتى تفتّتت مصر تفتّت الباقون. إن رؤية دولة قبطية – مسيحية في صعيد مصر، إلى جانب عدد آخر من دول ضعيفة ذات سلطة إقليمية – مصرية، لا سلطة مركزية كما هو الحال حتى الآن، هي مفتاح هذا التطور التاريخي الذي أخّرته معاهدة السلام، لكن لا مفرّ منه في المدى الطويل.[14]

إن الجبهة الغربية (المكونة من مصر أساساً – المترجم) التي تبدو ظاهرياً أنها أكثر إشكالية، هي في الحقيقة أقلّ تعقيداً من الجبهة الشرقية، التي أخذت الأحداث فيها تحتل حالياً العناوين الرئيسية. ذلك أنّ تفتّت لبنان كلية إلى خمس مقاطعات إقليميّة هو بمثابة سابقة للعالم العربي بأسره، بما في ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربيّة التي أخذت تنحو منحى مشابهاً منذ اليوم. إنّ تفتيت سوريا والعراق لاحقاً إلى مناطق ذات خصوصيّة إثنيّة ودينيّة على غرار لبنان وارد، وهو هدف من الدرجة الأولى بالنّسبة لإسرائيل في الجبهة الشرقيّة في المدى البعيد، في حين أن تشتيت القوّة العسكريّة لهذه الدول هو اليوم الهدف المرسوم في المدى القصير. فسوريا سوف تتفتت وفق تركيبها الإثنيّ والطائفيّ، إلى عدّة دول مثل لبنان حاليّاً، بحيث تقوم على ساحلها دولة علويّة­ شيعيّة، وفي منطقة حلب دولة سنّيّة، وفي منطقة دمشق دولة سنّيّة أخرى معادية للدولة الشماليّة، والدروز سيشكّلون دولة، ربّما أيضاً في الجولان عندنا، وطبعاً في حوران وشماليّ الأردن، وسيكون ذلك ضمانة للأمن والسلام في المنطقة بأسرها على المدى الطويل، وهذا الأمر في متناول أيدينا منذ اليوم.[15]

إن العراق الغني بالنفط من جهة، والذي يكثر فيه الانشقاق والأحقاد في الداخل من جهة أخرى، هو أحد أهداف إسرائيل المرشحة المضمونة. وتفتيت العراق أهم بكثير من تفتيت سوريا. وذلك لأن العراق أقوى من سوريا، وتشكّل قوته في المدى القصير خطراً على إسرائيل أعظم من أي خطر آخر. وحرب عراقية – سورية، أو عراقية – إيرانية، سوف تفتّت العراق وتؤدّي به إلى انهيار في الداخل، قبل أن يصبح في إمكانه التأهب لخوض صراع على جبهة واسعة ضدنا.

إن كل مواجهة بين الدول العربية وبين بعضها بعضاً تساعدنا على الصمود في المدى القصير، وتختصر الطريق نحو الهدف الأسمى، وهو تفتيت العراق إلى شيع مثل سوريا ولبنان. وفي الإمكان تقسيم العراق إلى مقاطعات ذات سمات إثنية ودينية ، كما كان الوضع في سوريا خلال العهد العثماني. وهكذا يمكن أن تقوم ثلاث دول ( أو أكثر) حول المدن العراقية الرئيسية: البصرة، و بغداد، والموصل، بينما تنفصل المناطق الشيعية فى الجنوب عن الشمال السني الكردي فى معظمه. ولعل المواجهة الإيرانية –العراقية ستؤدي إلى ازدياد حدة هذا الاستقطاب اليوم.[16]

إن شبه الجزيرة العربية بأسره مرشح طبيعي للانهيار، وهو أقرب إليه من غيره، بفعل ضغط داخلي وخارجي، وهذا أمر حتمي في معظمه، خصوصاً بالنسبة إلى السعودية، وسواء بقيت القوة الاقتصادية القائمة على النفط، أم انخفضت في المدى البعيد، فإن النزاعات والانهيارات في الداخل هي تطور طبيعي واضح  في ضوء التركيبة السياسية الحالية القائمة في هذه الدول.

يشكّل الأردن هدفاً استراتيجياً آنياً في المدى القصير، ولكن ليس في المدى الطويل، لأنه لن يشكّل أي تهديد فعلي في المدى الطويل، بعد انحلاله وتصفية حكم الملك حسين الطويل، وانتقال السلطة إلى الفلسطينيين في المدى القصير.[17]

الاردن

ليس هناك أي إمكان بأن يبقى الأردن قائماً على صورته وبنيته الحاليتين في المدى الطويل. ويجب أن تؤدي سياسة إسرائيل، حرباً أم سلماً، إلى تصفية الأردن بنظامه الحالي، ونقل السلطة إلى الأكثرية الفلسطينية. فتبديل نظام الحكم شرقي النهر، سوف يؤدي أيضاً إلى تصفية مشكلة المناطق الواقعة غربي النهر المأهولة بالسكان العرب بكثافة. وسواء بالحرب أو بحكم شروط السلام، فالهجرة من المناطق ( العربية المحتلة منذ سنة 1967 – المترجم) والجمود الاقتصادي الديموغرافي فيها، هما الضمانة للتغيير الوشيك على ضفتي النهر. وعلينا أن ننشط من أجل تسريع هذا المسار في أقرب وقت ممكن. ولا ينبغي علينا الموافقة على مشروع الإدارة الذاتية، أو على أي حل وسط، ولا على أي تقسيم للمناطق، لأنه بناء على خطة م.ت.ف. وخطة عرب إسرائيل أنفسهم، خطة شفاعمرو، إيلول/سبتمبر 1980، ليس في الإمكان العيش بعد الآن في هذا البلد في الوضع الحالي، من دون الفصل بين الشعبين، (انتقال ) العرب إلى الأردن واليهود إلى مناطق غربي النهر. فالتعايش والسلام الحقيقيان لن يسودا في البلد إلاّ متى أدرك العرب أنه من دون سلطة يهودية بين نهر الأردن والبحر، لن يكون لهم أيضاً أي وجود أو أمن، ولن تكون لهم (هوية) قومية وأمن خاصان بهم إلاّ في الأردن.[18]

وفي داخل حدود إسرائيل، لم يكن هناك دوماً أي معنى للتمييز بين مناطق 1967 ومناطق 1948. ففي نظر عرب البلد، وكذلك الأمر بالنسبة إلينا اليوم أيضاً. وبالتالي، ينبغي النظر إلى المشكلة بشموليتها من دون أية تجزئة لها، كما هي الحال منذ سنة 1967. ويجب أن يكون واضحاً أنه في أي وضع سياسي أو عسكري سينشأ في المستقبل، لن يكون حل مشكلة عرب البلد ( السكان الأصليين)، متاحاً إلاّ بعد قبولهم قيام إسرائيل في حدود آمنة حتى نهر الأردن وما بعده، وفقاً لمتطلبات وجودنا في هذه الحقبة الصعبة، الحقبة النووية الوشيكة. فلم يعد في الإمكان العيش مع وجود ثلاثة أرباع السكان اليهود في الشريط الساحلي المكتظ والخطر جداً في الحقبة النووية.

إنّ توزيع السكّان هو، إذن، هدف استراتيجي داخلي أساسي، وإلاّ فلن تقوم لنا قائمة في المستقبل ضمن أيّ حدود كانت. إنّ السّامرة ويهودا (الضفّة الغربيّة) والجليل، هي الضمانة الوحيدة لوجود الدولة، وإذا لم نصبح أكثريّة في المناطق الجبليّة، فلن نسيطر على البلد، وسوف نصبح مثل الصليبيّين الذين فقدوا هذا البلد الذي لم يكن لهم بطبيعة الحال وكانوا فيه أغراباً منذ البداية. إنّ إعادة توازن البلد ديموغرافياً واستراتيجياً واقتصادياً، تشكّل الهدف الرّئيس والأسمى اليوم. فالسيطرة على كامل المرتفعات الجبلية الممتدة من بئر السبع حتى الجليل الأعلى هي الهدف القومي المستمد من الهدف الاستراتيجي الأساسي، وهو استيطان المناطق الجبلية من البلد، الخالية من اليهود حالياً.[19]

إن تحقيق جميع أهدافنا في الجبهة الشرقية يتوقف على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الداخلي. كما أن تغيير البنية السياسية والاقتصادية الداخلية، بما يتلاءم وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، هو الوسيلة الرئيسية لتحقيق التغيير برمته. إننا بحاجة إلى الانتقال من اقتصاد مركز فيه تدخل زائد للحكومة، إلى اقتصاد مفتوح وحر. كما يجب الانتقال من اعتماد مالي على دافع الضرائب في الولايات المتحدة، إلى تطوير بنية تحتية اقتصادية حقيقية وإنتاجية في الداخل بقوانا الذاتية. وإذا لم يكن في الإمكان تحقيق هذا التغيير بإرادة حرة وبمبادرة منا، فإن التطورات العالمية، وخصوصاً المسارات الاقتصادية والطاقوية والسياسية والمتعلقة بالطاقة، هي التي ستجبرنا عليه، ناهيك بعزلتنا المتنامية.[20]

ومن الناحية العسكريّة­ الاستراتيجية، فإنّ الغرب عامّةً بقيادة الولايات المتّحدة، غير قادر على مواجهة ضغط الاتّحاد السوفياتي في جميع أنحاء العالم. وبالتالي، ستضطر إسرائيل إلى البقاء وحدها خلال الثمانينات بلا مساعدة خارجيّة، لا عسكريّة ولا اقتصاديّة. وهذا ما نحن قادرون عليه من دون أية حلول وسط. [21] إن تغييرات سريعة في العالم سوف تؤدّي إلى تغيير وضع يهود الشّتات، ولذا لن تبقى إسرائيل ملاذاً أخيراً بالنسبة إليهم فحسب، وإنّما أيضاً الخيار الوجودي الوحيد. عندها لا يمكن الافتراض أن يهود الولايات المتحدة والجوالي ( اليهودية ) في أوروبا وأميركا اللاتينية، ستتمكن من العيش في المستقبل بالنمط نفسه.[22]

إن وجودنا داخل البلد نفسه مؤكّد، ولا توجد قوة قادرة على إخراجنا من هنا لا عنوة ولا بالخديعة (أسلوب السادات). وعلى الرغم من الصعوبات التي تنطوي عليها سياسات “السلام” المضللة، ومشكلة عرب إسرائيل والمناطق (المحتلة) فإنه يمكن التصدّي لهذه الصعوبات بصورة فعّالة حتى في المستقبل المنظور.

———————–

* كيفونيم، عدد رقم 14، شباط/فبراير 1982، ص 49-59. (مجلة متخصصة في الشؤون الاستراتيجية والسياسية صادرة عن المنظمة الصهيونية العالمية).

نقلاً عن ملف محدود التوزيع: “تطور العقيدة العسكرية الإسرائيلية خلال 35 عاما” (ترجمات مختارة من مصادر عبرية”) إعداد وترجمة سمير جبور، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1983.

** صحافي وموظف سابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية.

[1]  American Universities Field Staff, Report No. 33, 1979.

وبحسب هذا البحث فإن عدد سكان العالم سوف يصبح 6 مليارات سنة 2000. واليوم يتوزع سكان العالم على النحو التالي: الصين – 958 مليوناً؛ الهند – 635 مليوناً؛ الاتحاد السوفياتي – 261 مليوناً؛ الولايات المتحدة – 218 مليوناً؛ إندونيسيا – 140 مليوناً؛ البرازيل واليابان – 110 ملايين. وبحسب معطيات صندوق الأمم المتحدة للشؤون السكانية لسنة 1980، فإنه سيصبح في العالم سنة 2000، 50 مدينة يتجاوز عدد سكان كل منها 5 ملايين نسمة. وسوف يشكل عدد سكان العالم الثالث في ذلك الحين 80% من مجموع سكان العالم. وفي رأي جستين بلكوولدر، مدير دائرة تسجيل السكان في الولايات المتحدة، سيصل عددد سكان العالم آنذاك إلى 6 مليارات بسبب الجوع.

[2]  لقد جرى تلخيص المذهب النووي السوفياتي في كتاب خبيرين أميركيين في الشؤون السوفياتية:

Joseph D. Douglas, Amoretta M. Hoeber, Soviet Strategy for Nuclear War

(Stanford, Calif.: Hoover Inst. Press, 1979).

وفي الاتحاد السوفياتي تصدر مئات المقالات وعشرات الكتب كل سنة تتناول بالتفصيل المذهب السوفياتي للحرب النووية، كما أن هناك توثيقاً غزيراً مترجماً إلى الإنكليزية ويصدر عن سلاح الجو في الولايات المتحدة:

USAF, Marxism Leninism on War and the Army – A Soviet View, Moscow, 1972;   USAF, The Armed Forces of the Soviet State, Moscow, 1975 by Marshall A. Grechko.

إن المقاربة الأساسية السوفياتية لهذا الموضوع واردة في كتاب المارشال سوكولوفسكي الذي صدر سنة 1962 في موسكو:

Marshall V.D. Sokolovskii, Military Strategy, Soviet doctrine and concepts (New York: Praeger, 1963).

[3]  في الإمكان تكوين صورة وضع عن النوايا السوفياتية في المناطق المختلفة وفقاً لكتاب Douglas and Hoeber, ibid.، وكذلك هناك مواد إضافية، انظر:

 Michael Morgan, “USSR’s Minerals as Strategic Weapon in the Foture,” Defense and Foreign Affairs, Wash. D.C.: 1979.

[4]  Elie Kedourie, “The End of the Ottoman Empire,” Journal of Contemporary History, Vol. 3, No. 4, 1968.

[5]  خطاب السادات: Arab Press Service, Beirut, Nicosia, 25.6-2.7, 1/5/80.

[6]  1oc.cit.

[7]  “الثورة” (دمشق)، 20/12/1979؛ “الأهرام” (القاهرة)، 30/12/1979؛ “البعث” (دمشق)، 6/5/ 1979. إن 55% من العرب هم من أبناء 20 عاماً وما دون. ويعيش 70% من العرب في إفريقيا، و55% من العرب فوق سن 15 مستخدمون، ويعيش 33% منهم في المناطق الحضرية.

Oded Yinon, “Egypt’s Population Problem,” The Jerusalem Quarterly, No. 15,

Spring 1980.

[8]   E. Kanovsky, “Arab Haves and Have-Nots”, The Jerusalem Quarterly, No. 1, Fall 1976؛ “البعث” (دمشق)، 6/5/1979.

[9]  يقول يتسحاق رابين، رئيس الحكومة السابق، في كتابه: إن حكومة إسرائيل هي في الواقع مسؤولة عن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بعد حزيران/يونيو 1967، بسبب عجزها الذاتي عن اتخاذ القرار بشأن مستقبل المناطق وعدم تماسك موقفها، منذ أن مهدت السبيل أما القرار رقم 242، وبالضرورة قبل 12 عاماً من اتفاق كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع مصر. وعلى حد قوله إن الرئيس جونسون بعث في 19 حزيران/يونيو 1967 برسالة إلى رئيس الوزراء، ليفي اشكول، لم يتحدث فيها قط عن أي انسحاب من المناطق الجديدة. لكن في اليوم ذاته قررت الحكومة إعادة مناطق في مقابل السلام. وبعد قرارات العرب في الخرطوم (1/9/1967) غيرت الحكومة موقفها، لكنها خلافاً لقرارها الصادر في 19 حزيران/يونيو، لم تبلغ الولايات المتحدة بهذا التغيير، وبالتالي أيدت هذا القرار رقم 242 في مجلس الأمن، في ضوء فهمها السابق والخطأ حقاً بأن حكومة إسرائيل مستعدة لإعادة مناطق. لكن جاء ذلك متأخراً جداً من أجل تغيير سياسة الولايات المتحدة وسياسة إسرائيل. ومن هنا أدت الطريق إلى اتفاقات السلام على أساس القرار رقم 242 كما تحقق في كامب ديفيد.

انظر: يتسحاق رابين، “بنكاس شيروت” (“بطاقة خدمة”) (دار النشر: معاريف، 1979)، ص 226 – 227.

[10]  قال البروفسور موشيه أرنس، رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، في مقابلة نشرت في “معاريف”، 3/10/1980: إن حكومة إسرائيل لم تعد أية خطة اقتصادية قبل مفاوضات تسويات كامب ديفيد، وقد فوجئت هي نفسها بالثمن الاقتصادي للاتفاق وكل ما يترتب عليه. والصحافة الإسرائيلية مليئة بالإحصاءات والحقائق والأرقام المتعلقة بالثمن الاقتصادي للسلام، لكن كان في الإمكان خلال سير المفاوضات نفسها الوقوف على هذا الثمن الباهظ وعلى الخطأ الفاحش الذي ارتكب من جراء عدم إعداد الخلفية الاقتصادية للسلام.

وقال يغئيل هوروفيتس، وزير المالية في حكومة إسرائيل في حينه، إنه لولا انسحابنا من حقول النفط لكان لإسرائيل ميزان تجاري إيجابي (17/9/1980). وكان هو نفسه قد قال قبل عامين من ذلك إن حكومة إسرائيل (التي انسحب منها آنذاك)، ربطت عنقها بحبل المشنقة، قاصداً تسويات كامب ديفيد، وأن الحكومة غير قادرة على التخلص من هذا الحبل (“هآرتس”، 3/11/1978). ولم يتم إشراك أي خبير أو مستشار اقتصادي في مفاوضات السلام برمتها. ورئيس الحكومة نفسه الذي يفتقر إلى أية معلومات أو مقاربة للموضوع الاقتصادي طلب من الولايات المتحدة بمبادرته الخطأ أن تعطيه قرضاً وليس هبة، حرصاً منه على المحافظة على كرامتنا وكرامة الولايات المتحدة نحونا – انظر: “هآرتس”، 5/1/1979؛ Jerusalem Post, September 7, 1979. وقد انتقد البروفسور أساف رازين، مستشار اقتصادي كبير سابق في وزارة المالية، بعنف شديد جداً المفاوضات حول هذا الموضوع – “هآرتس”، 5/5/1979؛ “معاريف”، 7/9/1979. وبالنسبة إلى قضية معالجة حقول النفط وأزمة الطاقة التي تواجهها إسرائيل، انظر مقابلة مع إيتان أيزنبرغ، أحد مستشاري الحكومة في هذا المجال، في “معاريف” (ملحق السبت)، 12/12/1978. وأكد وزير الطاقة نفسه الذي لم يعارض تسويات كامب ديفيد وإخلاء حقل النفط في علما، أكد أكثر من مرة خطورة وضعنا لجهة التزود بالنفط. انظر: “يديعوت أحرونوت”، 20/7/1979. حتى أن يتسحاق موداعي، وزير الطاقة، اعترف هو أيضاً بأن الحكومة لم تتشاور معه قط في موضوع النفط خلال المفاوضات في كامب ديفيد وفي بلير هاوس بعد ذلك – “هآرتس”، 22/8/1979.

[11]  إن مصادر عديدة تتحدث عن ازدياد ميزانية التسليح العسكري في مصر، وعن نوايا لمنح الجيش الأولوية في ميزانية عصر السلام بالذات، وعن الحاجات الداخلية المزعومة التي من أجلها تحقق السلام. انظر ممدوح سالم، رئيس الحكومة السابق، في مقابلة بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1977، وكذلك وزير المالية عبد السايح، في مقابلة بتاريخ 25 تموز/يوليو 1978، وصحيفة “الأخبار”، 2/12/1978، حيث أكدوا أن الميزانية العسكرية ستكون على رأس سلم الأولويات على الرغم من تحقيق السلام. وهذا ما أكده أيضاً مصطفى خليل، رئيس الحكومة السابق، في برنامج حكومته الذي قدمه إلى البرلمان، 25/11/1978. انظر الترجمة إلى الإنكليزية:

ICA, FBIS, Nov. 27, 1978, pp. D 1-10.

وبحسب هذه المصادر، ازدادت الميزانية العسكرية المصرية بنسبة 10% ما بين العام المالي 1977 والعام المالي 1978، وهذا المسار لا يزال مستمراً حتى الآن. وكشف مصدر سعودي النقاب عن أن المصريين يخططون لزيادة الميزانية العسكرية بنسبة 100% خلال العامين المقبلين – “هآرتس”، 19/2/1979؛ Jerusalem Post, January 14, 1979.

[12]  إن معظم التقويمات الاقتصادية متشككة إزاء احتمالات ترميم اقتصاد مصر خلال السنوات المقبلة، وطبعاً حتى سنة 1982. انظر:

 Economic Intelligence Unit, 1978 Supplement, The Arab Republic of Egypt; E.

Kanovsky, “Recent Economic Developments in the Middle East,” Occasional   

papers, The Shiloh Institution, June 1977; Kanovsky, “The Egyptian Economy

 Since the Mid-Sixties: The Micro Sectors,” Occasional papers, June 1978.

Robert McNamara, President of World Bank, as reported in Times, London,

24/1/78.

[13]  انظر المقارنة بحسب أبحاث أجراها معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن، وبحثاً أجري في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب، وكذلك بحثاً أعده باحث بريطاني:

 Denis Chaplin, Military Review, No. 1979. IISS, The Military Balance, 1979-1980,

London, 1980. CSS, Security Arrangements in Sinai… by Brig. Gen. (Res.)

  1. Shalev, No. 3, O CSS, The Military Balance and The Military Options

after the Peace Treatment with Egypt, by Brig Gen. (Res,) Y. Raviv. No. 4,

Dec. 1978, 14/12/79.

وكذلك تقارير صحافية كثيرة: “الحوادث” (لندن)، 7/3/1980؛ “الوطن العربي” (باريس)، 14/12/1979.

[14]  بالنسبة إلى الغليان الديني في مصر والعلاقات بين الأقباط والمسلمين، انظر سلسلة أبحاث نشرت في: “القبس” (الكويت)، 15/9/1980. وبالنسبة إلى الغليان على اساس اقتصادي واجتماعي، انظر تقريراً نشر في سلسلة مقالات في: “الرياض” (جدة)، 13 – 17/4/1980، 20 – 24/4/1980. وتتحدث الكاتبة البريطانية إيرين بيسون عن النزاع بين المسلمين والأقباط، انظر:

Irene Beeson, Guardian, London, 24/6/80;

وأيضاً:

 Desmond Stewart, Middle East International, London, 6/6/80.

وهناك تقارير أخرى، انظر:

 Pamela Ann Smith, Guardian, London, 24/12/79;

Anna Jerrome, The Christian Science Monitor, 27/12/79;

وكذلك: “الدستور” (لندن)، 15/10/1979؛ “الكفاح العربي”، 15/10/1979.

[15]  Arab Press Service, Beirut, 6-13/8/80; The New Republic, 16/8/80; Der Spiegel

نقلاً عن: “هآرتس”، 21/3/1980، 30/4 – 5/5/1980؛

The Economist, 22/3/80; Robert Fisk, Times, London, 26/3/80; Ellsworth Jones, Sunday Times, 30/3/80.

[16]  J.P. Peroncell Hugoz, Le Monde, Paris, 28/4/80; Dr. Abbas Kelidar, Middle East  Review, Summer 1979; Conflict Studies, ISC, July 1975; Andreas Kolschitter, Die Zeit، (“هآرتس”، 21/9/79)؛

   Economist Foreign Report, 10/10/79; Afro Asian Affairs, London, July 1979.

[17]  Arnold Hottinger, “The Rich Arab States in Trouble,” The New York Review of Books, 15/5/80; Arab Press Services, Beirut, 25/6 – 2/7/80; U. S. News and World Report, 5/11/79;

وكذلك: “الأهرام” (القاهرة)، 9/11/1979؛ “النهار العربي والدولي” (باريس)، 7/9/1979؛ “الحوادث” (لندن)، 9/11/1979. وأيضاً دافيد حاخام، “سكيراه حودشيت”، “الجيش الإسرائيلي”، كانون الثاني/يناير – شباط/ فبراير 1979.

[18]  فيما يتعلق بسياسة الأردن ومشكلاته، انظر: “النهار العربي والدولي” (باريس)، 30/4/1979؛ 2/7/1979؛ البروفسور إيلي خضوري، “معاريف”، 8/6/1979؛ البروفيسور تانتر، “دافار”، 12/7/1979؛ عنان الصفدي، Jerusalem Post, May 5, 1979؛ “الوطن العربي” (باريس)، 28/11/1979؛ “القبس” (الكويت)، 19/11/1979؛

Rami Huri, The Middle East, Aug. 80; Strategic M.E. and Africa, 7/1/79;

Economist Foreign Report, 31/10/79.

وبالنسبة إلى موقف م. ت. ف.، انظر: قرارات المؤتمر الرابع لحركة “فتح”، دمشق، آب/أغسطس 1980. وقد نشر مشروع شفاعمرو لعرب إسرائيل في: “هآرتس”، 24/9/1980 Printed by Arab Press Report 18/6/80.

وهناك إحصاءات وحقائق حول الهجرة العربية من المناطق إلى الأردن، انظر: عاموس بن فيرد، “هآرتس”، 16/12/1977؛ يوسف تسوريئيل، “معاريف”، 12/1/1980. وحول موقف م. ت. ف. من إسرائيل انظر: شلومو غازيت، “سكيراه حودشيت”، تموز/يوليو 1980؛ هاني الحسن في مقابلة، “الرأي العام” (الكويت)، 15/4/1980؛

Avi Plascov, “The Palestinian Problem,” Survival, IISS, London, Jan.-Feb. 78; David Gutmann, “The Palestinian Myth,” Commentary, Oct. 75; Bernard Lewis, “The Palestinians and the PLO,” Commentary, Jan. 75; Monday Morning, Beirut, 18-21/8/80; Journal of Palestine Studies, Winter 1980.

[19]  بروفيسور يوفال نئمان “السامرة – قاعدة لأمن إسرائيل”، “معراخوت”، أيار/مايو – حزيران/ يونيو 1980، 272-273؛ يعقوب حسداني، “السلام، الطريق والحق في المعرقة”، “دافار هشفواع”، 23/2/1980؛ أهارون ياريف، “عمق استراتيجي – وجهة نظر إسرائيلية”، “معراخوت”، تشرين الأول/أكتوبر 1979، 270-271؛ يتسحاق رابين، “مشكلات أمن إسرائيل في الثمانينات”، “معراخوت”، تشرين الأول/أكتوبر 1979.

[20]  عزرا زوهر، “في كماشة النظام” (شكمونا، 1974)؛ موتي هاينريخ، “هل أمامنا فرصة – إسرائيل، حقيقة أم أسطورة” (ريشافين، 1981).

[21]  Henry Kissinger, “The Lessons of the Past,” The Washington Review, Vol. 1. Jan. 1978; Arthur Ross, Opec’s Challenge to the West,” The Washington Quarterly,

Winter 1980; Walter Levy, “Oil and the Decline of the West,” Foreign Affairs,

Summer 1980; Special Report “Our Armed Forces-Ready or Not”, US News    

and World Report, 10/10/77; Stanley Hoffman, “Reflections on the Present

Danger,” The New York Review of Books, 6/3/80; Time, 3/4/80; Leopold

 Lavedez, “The Illusions of Salt,” Commentary, Sept. 79; Norman Podhoretz,

“The Present Danger,” Commentary, March 80; Robert Tucker, “Oil and

American Power-Six Years Later,” Commentary, Sept. 79; Norman Podhoretz,

“The Abandonment of Israel,” Commentary, July 1976; Elie Kedourie,”

Misreading the Middle East,” Commentary, July 1979.

[22]  وفق معطيات نشرها يعقوب كاروز، “يديعوت أحرونوت”، 17/10/1980، إذ إن الحوادث المعادية للسامية التي سجلت في العالم سنة 1979، كانت ضعف الحوادث التي سجلت سنة 1978. ولقد تضاعفت في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مظاهر العداء للسامية سنة 1979 وحدها. وفي الولايات المتحدة، أيضاً، زيادة كبيرة في الحوادث المعادية للسامية تم عرضها في هذا المقال. وحول العداء الجديد للسامية، انظر:

  1. Talmon, “The New Anti-Semitism,” The New Republic, 18/9/76; Barbara Tuchman, “They Poisened the Wells,” Newsweek, 3/2/75.

———————————–

(*)  نشرت في “مجلة الفكر التقدمي” العدد 21