مقالات إسقاط المقاتلات… والتسويات !

راجح الخوري (النهار)

مرة جديدة يرتفع التراشق بالإتهامات بعد إسقاط المقاتلات، ففي 22 حزيران عام 2012 اسقطت سوريا مقاتلة تركية من طراز “ف – 16″، فوجهت أنقرة إتهامات الى دمشق، أوحت ان الروس هم الذين ساعدوا السوريين في العملية التي تمت بصاروخ بمساعدة الخبراء الروس في سوريا.

وكما يقول فلاديمير بوتين الآن ان طائرة “سوخوي – 24” التي اسقطتها تركيا كانت تحلّق فوق الأجواء السورية، وان العملية طعنة في الظهر ستترتب عليها عواقب وخيمة، قال رجب طيب اردوغان يومها إن العملية إعتداء على تركيا تعرف كيف ترد عليه.
الجدل لن يتوقف غداً حول ما اذا كانت الطائرة الروسية اخترقت المجال الجوي التركي، ففي حين تنفي موسكو، تؤكد أنقرة انها وجهت عشرة إنذارات الى المقاتلة الروسية بعدما خرقت اجواءها وتردد ان الأميركيين يملكون تسجيلات صوتية عن هذا.
على رغم التصعيد ورفع مستوى الإتهامات التي وجهها فلاديمير بوتين الى تركيا معتبراً انها تحمي “داعش” والإرهابيين، وعلى رغم قرار موسكو إرسال منظومة صواريخ “فورت” الحديثة المضادة للطائرات الى سوريا، وعلى رغم قول اردوغان إنه لن يسمح بانتهاك سيادة تركيا، وانه سيواصل حماية منطقة التركمان بشمال سوريا التي يتهم روسيا بتعمّد قصفها، فإن من المستبعد ان تنزلق الأمور الى اشتباك عسكري أو الى حرب قد تجرّ قوى أخرى الى التورط في نزاع ليس من مصلحة أحد في النهاية.
إسقاط المقاتلة الروسية جاء متزامناً مع اعلان تركيا عزمها على إنشاء المنطقة الآمنة في شمال سوريا بين جرابلس والمتوسط وهو ما تعارضه روسيا وايران، كما جاء متلازماً مع اعلان موسكو وطهران في نهاية زيارة بوتين لايران التمسك ببقاء الاسد في السلطة، مما يخلط أوراقاً كثيرة وينسف الاتفاق الذي أعلن في “فيينا – 2 ” ولقي اعتراضات على خلفية عدم تحديده مستقبل الاسد وهو ما سبق لمؤتمر جنيف ان وقع فيه.
كل هذا يعني ان الصراع العسكري مفتوح على مداه، وان بوتين الذي اقتحم المنطقة بقرقعة السلاح بادئاً بإنذار الأميركيين بإخلاء الاجواء السورية خلال ساعة، مطلقاً صواريخ “كروز” من بحر قزوين في عرض للقوة [أصاب احدها ايران] فارضاً اقفال الأجواء في لبنان والعراق وأربيل، ينزلق بأسرع مما توقع الكثيرون الى نزاع طويل ومكلف لن يكون في النهاية لا لمصلحة روسيا ولا لمصلحة سوريا والمنطقة.
من المبكر الحديث عن أفغانستان سورية تواجه روسيا، فالعالم متحد تقريباً في الحرب ضد “داعش” والإرهابيين، ولكن لن يكون في وسع بوتين توظيف كل هذا لإبقاء الاسد في السلطة إلاّ اذا كان يسعى للوصول الى الدولة العلوية التي تناسب الايرانيين حتماً.
الضاحك الوحيد هو باراك أوباما وهو يتأمل بوتين عالقاً على حلبة “الجودو” العسكري في سوريا!