تفاهمات الأقصى وجدار الفصل

د. قصي الحسين

“تفاهمات الأقصى” نهار الأحد 25/10/2015 بين بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية وجون كيري وزير الخارجية الأميركية في برلين والتي نالت الموافقة الاسرائيلية، لم توقف الهجمات المتبادلة بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ذلك أنها تأسست على جدار الفصل العنصري الذي يرخي بظله الثقيل على حياة الشعب الفلسطيني داخل أراضي 1948 و1967 على حد سواء، ويضع المعاناة الفلسطينية اليومية على صفيح ساخن.

وأذاع مكتب نتانياهو بيان التفاهمات باللغة الانكليزية، وفيه أن نتانياهو أوضح لكيري أنه “لم يكن ولن يكون أي تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك. وأنه ستتم زيارات المسجد الأقصى كما كانت في السابق وحتى الآن. وأن تنظيم الزيارات للمسجد لغير اليهود لن يطرأ عليه أي تغيير. وكذلك بالنسبة لأنظمة الصلاة للمسلمين. وأن اسرائيل معنية بوضع كاميرات مراقبة على مدار الساعة في جميع أنحاء السجد وذلك: أولاً لدحض الادعاءات بأن اسرائيل تقوم بخرق الوضع الراهن. وثانياً لاظهار من أين تأتي الاستفزازات فعلاً، ومن أجل اجهاضها قبل أوانها. ويضيف البيان الإسرائيلي أن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أبدى ارتياحه لهذه “التفاهمات”، لأنها تساهم في تهدئة الخواطر في المسجد الأقصى على الأقل. وأن هذه “التفاهمات” هي خطوة في الاتجاه الصحيح. وأن الحفاظ على الوضع القائم في الحرم الشريف أولوية قصوى بالنسبة إلى الأردن.

ولأجل التأسيس للتهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين كان ينقص هذه “التفاهمات” بين نتانياهو وكيري أن تتضمن موقفاً جريئاً وواضحاً من جدار الفصل العنصري. وكذلك التنديد ببناء المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية وبسحب الاقامة من نحو مئة ألف مقدسي شرق جدار الفصل، بالإضافة إلى سياسة مصادرة الأراضي وهدم المنازل وعمليات الاعتقال على الشبهة وحملات القهر والإبعاد التي تمارس ضد المناضلين الفلسطينيين.

وتوالت ردود الفعل على “تفاهمات الأقصى”، ورحب “العاهل الأردني” بها إذا كانت تأخذ بعين الاعتبار ترتيبات الوضع القائم وعدم العمل على تغييرها. وأن ذلك يجب أن يكون مقروناً بالتطبيق على أرض الواقع لأن ذلك من شأنه أن يحافظ على المسؤوليات الدينية والتاريخية تجاه كامل الحرم الشريف والأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة.

Aksa-palastian

وأما في “رام الله” فقد اتسمت ردود فعل المسؤولين الفلسطينيين بالحذر تجاه نصب كاميرات فيديو لمراقبة الحرم القدسي، خشية أن يشكل ذلك فخاً اضافياً، بحيث تستغل اسرائيل مثل هذه اللقطات لاعتقال المصلين المسلمين الذين تعتقد بأنهم يحرضون ضدها. كذلك رأى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أن اقوال نتانياهو وبيانه من “تفاهمات الأقصى”، غير أفعاله على الأرض. حيث عاد المستوطنون لاقتحام الأقصى المبارك، وعمدوا إلى حرق السيارات في القدس. وأن ذلك هو السياسة الحقيقية لنتانياهو واسرائيل المبنية على الاستراتيجية الاسرائيلية لبناء جدار الفصل العنصري.

وأما عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث فرأى: “أن لا تهدئة من دون أفق سياسي ينهي الاحتلال بالكامل ويزيل الجدار. وأن نتانياهو يتلاعب في تعريف الوضع القائم في الأقصى. فهو يريده كما فرضته اسرائيل بعد الانتفاضة الثانية في العام 2000 والفلسطينيون يريدونه كما كان منذ عام 1967 حتى العام 2000.

ويجب إذن على “تفاهمات الأقصى” إذا كانت جدية فعلاً أن تأخذ بعين الاعتبار الهواجس الفلسطينية التي تضعها سياسات الأمن الاسرائيلية للمعالجات الأمنية بحيث تدفع بها إلى أشكال شتى من المقاومات. وفي أولويات ذلك: هدم جدار العار الاسرائيلي العنصري، وعودة الأوقاف الإسلامية لتشرف على الأقصى وبواباته. وانهاء دور شرطة الاحتلال وأمنها. وعدم اطلاق اقتحامات المستوطنين والمتطرفين للحرم الشريف. بالإضافة إلى وقف سياسات الاعتقال والمصادرة والتهويد.

(*) أستاذ في الجامعة اللبنانية

اقرأ أيضاً بقلم د. قصي الحسين

كمال جنبلاط البيئي وإلتقاط البرهة!

مجتمع البستنة

الدكتور اسكندر بشير التجربة والرؤيا الإدارية

 ساق الحرب

جائزة إدلب

جميل ملاعب والقدس: تأبيد الرؤيويات البصرية

جسر السلام: ثوابت كمال جنبلاط الفلسطينية التاريخيّة

القتل السري عن كمال جنبلاط والقتل السياسي

حين السياسة بمفعول رجعي

ترامب والتربح من الصفقات

عن النظام يأكل أبناءه الفوعة وكفريا نموذجاً

مصطفى فروخ وطريقه إلى الفن

 الرئيس القوي

 د. حسين كنعان وأركيولوجيا القيافة والثقافة والسياسة

 ضياء تلك الأيام

 عن كمال جنبلاط والفرح بالعمل

 تتجير السلطة

تيمور جنبلاط بصحبة والده في السعودية زيارة تاريخية إحيائية

 كوفية تيمور ومليونية القدس وجه آخر للاضطهاد والإحتلال

تجديد “نسب الخيل لابن الكلبي” ونسخ لمخطوطاته التراثية الثلاث