مصير الأسد والشيشانيين ينتجان التصعيد ويعقّدان الحل

أسعد حيدر (المستقبل)

فشل الهجوم السوري الأسدي تحت «المظلة« الجوية الروسية، قلب الحسابات «البوتينية». لن يكون هذا الهجوم يتيماً، قد يتبعه هجومٌ ثانٍ وربما ثالثٌ، لكن من الواضح حتى الآن أن الانتصار مستحيل والهزيمة ممنوعة. الأهم أن هذه المعادلة دفعت باتجاه البحث الجدي عن الحل السياسي، وليس فقط لملء الفراغ. اجتماع فيينا الرباعي بداية لها ما يتبعها، ودائماً على نار التصعيد العسكري الناري والواسع والشامل.

المعارضة المسلحة المشتتة على2160 مجموعة وفصيلاً، استوعبت أن فشلها في انقساماتها ومنازعاتها وتعدد ولاءاتها الخارجية طلباً للمال والسلاح. نزول الروس على الأرض السورية أيقظها على الاحتلال الثالث بعد الإيراني و»داعش»، حتى ولو تعددت الأسباب والأهداف. محاولات توحيد هذه المعارضة بدأت تنجح بإرادة ذاتية ودعم خارجي. معارض سوري مخضرم يؤكد أن المعارضة المسلحة السورية الممزقة تسرّع عملية توحيد «بندقيتها« والنتيجة أكثر من جيدة إذ أصبح عددها حالياً عشرة تنظيمات تضم في ثناياها مجموعات عديدة. كل معركة ناجحة تنتج مزيداً من عمليات التوحيد وتسرّعها.

ما زالت وحدة المعارضة السورية سياسياً بعيدة. من الصعب جداً خروجها ببيان سياسي واحد، لأنه كما لا يمكن «الجمع بين الماء والنار» لا يمكن الجمع بين «داعش« و«النصرة« وباقي الفصائل المعتدلة. المطلوب حالياً البدء بجمع التنظيمات المعتدلة حتى ولو كان بعضها ضئيل الحجم أو التأثير. هذا الانقسام له نتائج سلبية أصبحت معروفة يبقى أبرزها من سيمثلها في أي مؤتمر سلام قادم؟

«القيصر» شعر بدقة الوضع ولذلك يشعر بالإحراج. سبق وأن وضع لنفسه فترة أربعة أشهر قابلة للتمديد ثلاثة أشهر أو أقل. أي تمديد لهذه الفترة يعني أنه سقط في «الأفغنة» السورية. فترة الأشهر الستة تبقى معقولة لأنها تدفع بالنار عملية صياغة الحل السياسي إلى الأمام. ما يدعم توجه بوتين أن الحل أصبح مطلوباً دولياً. سواء الخوف من انتشار الإرهاب الداعشي خارج حدود سوريا، أو مضاعفة التطرّف في سوريا مع كل يوم حرب إضافي، يضاعف من التوجه نحو التوصل إلى الحل السياسي. لكن مهما كانت الطموحات كبيرة والرغبات متعددة، فما زال من المبكر القول إنه غداً. من الأسباب التي تجعله هدفاً من النوع الذي نراه بالعين واليد قصيرة:

[ أصبح متفقاً على حل «الموت الرحيم» لبشار الأسد، أي الخروج من السلطة. السؤال كيف ومتى؟ «القيصر» فلاديمير بوتين، لن يمتنع عن «بيعه» لكن بأي ثمن خصوصاً وأن الأهداف التي وضعها «القيصر» لنفسه ضخمة على الصعيد الإستراتيجي.

[ في وسط النار والمفاوضات، توجد عقدة روسية قبل أن تكون «روتينية« لم تطرح علانية لدقتها وهي ما العمل بالخمسة آلاف أو أقل من الشيشانيين وعائلاتهم الذين انتقلوا إلى سوريا وانضموا إلى داعش ونادوا بفرع لهم في القوقاز. «القيصر» كما يؤكد الخبراء خائف جداً من انتقال أي مجموعة منهم إلى روسيا، خصوصاً في تاترستان وباكورتوستان وهما إقليمان داخل روسيا وأيضاً في آسيا الوسطى، ويقول الخبير الأميركي ليون آرون إن الأوزبكيين الأربعمائة في سوريا جاؤوا من روسيا. لذلك كله ما العمل بهم وإذا لم يتم القضاء عليهم كما تريد موسكو من يضمن عدم عودتهم إلى روسيا ومن يتحمّلهم جميعا، أي الشيشانيين والأوزبكيين وغيرهم من الآسيويين؟

[ إن إيران عقدة العقد. أي شعور أو يقين بخسارتها سيجعلها تصعد إلى أعلى ما يستطيع «جندها» في سوريا وفي كل مكان. لذلك يجب أن يأخذ الجميع حسابها بدقة خصوصاً حليفها الروسي. سيبقى لبنان «رهينة» لها حتى تتيقن إيران أنها لم تخسر كل شيء. طبعاً مستقبلها في سوريا هو الأهم، ومستقبل «حزب الله« يعنيها من حيث مستقبله في النظام السياسي اللبناني، أما بكل ما يتعلق بالمقاومة فإنه بعد نهاية الحرب في سوريا فإن شعار التحرير سيكون مجرد شعار لعقود عدة. كل يوم حرب جديد في سوريا هو إضافة مؤلمة على مسار الانكفاء والانقباض التحريري. أمام هذا الواقع يصبح كلام قائد القوات البرية الإيرانية حول «إزالة اسرائيل من الوجود بالصواريخ« كلاماً خارجاً من أدبيات أحمد الشقيري والبعث السوري الأسدي الذي لم يطلق رصاصة على الجيش الاسرائيلي في الجولان منذ العام .

يبقى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، «المايسترو» الذي يزداد تمرساً ومقدرة في الدور الذي رسمه لنفسه ولبلاده في الحرب في سوريا لكل الأطراف كبيرها وصغيرها، الى أن يرفع «عصاه» ليسلمها لخليفته، لتلعب أو يلعب بها كما يشاء حتى ينتج الحل النهائي الذي لن يكون قبل ربيع .