موسكو وطهران: تنافس على النفوذ في سوريا!
رامي الريس
9 أكتوبر 2015
هائلة كمية المقالات والتحليلات والدراسات التي تتناول مسألة التدخل الروسي في الحرب السورية، وهي تنشر في كبريات الصحف الأجنبية ومراكز الأبحاث التي تحاول قراءة المفاعيل التي سوف تنتج عن هذا التدخل العسكري.
وبطبيعة الحال تتفاوت المواقف والقراءات لهذه الخطوة، فالبعض يعتبر هذا التدخل سيولد للروس نتائج مماثلة للتجربة السوفياتية في أفغانستان (التي إشتهرت تاريخياً على أن مقبرة الامبراطوريات) أو لتجربة الحرب الأميركية في فيتنام. والبعض الآخر راهن بأن تنجح موسكو في فرض معادلات ميدانية جديدة تتيح لها الجلوس على طاولة المفاوضات وفرض رؤيتها السياسية على التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الاسلامية” الذي تمدد أكثر وتوسع على رقعة أكبر بعد الطلعات الجوية والقصف المستمرعلى مدى أشهر دون نتيجة!
في مطلق الأحوال، فإن الأمر المحسوم هو أن التدخل العسكري الروسي سيفاقم الأزمة السورية ويجعل الحرب فيها مستعرة ومشتعلة كما كانت خلال السنوات الماضية وأكثر. ولكن إذا كان هناك من رهان على أن موسكو ستحقق حسماً عسكرياً على الأرض، فإن ذلك موضع تساؤل حقيقي أقله من طهران (حليفها المفترض حتى إشعار آخر) حيث عبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من مقابلة له مع مجلة “نيويوركر” الأميركية (أجراها الصحافي روبن رايت بعد إنطلاق الضربات العسكرية الروسية) عن اقتناعه بإستحالة “حصول حل عسكري في سوريا. ففي نهاية المطاف، على الجميع التفاوض (…). الميدان العسكري فيه الصعود والهبوط، والعمليات العسكرية وحدها لن تحدد مستقبل سوريا”.
من دون الإعتقاد أن هذا الإنتقاد الإيراني موجه بالضرورة الى موسكو، ولكن رأس الديبلوماسية الإيرانية أحرج عندما سأله الصحافي الأميركي ما إذا كانت بلاده فوجئت بالقصف الروسي على سوريا، فكان جوابه: “ليس بالضرورة، لأن هناك حاجة لهذا الجهد الدولي الذي لطالما دعونا إليه لمحاربة داعش”.
إذن، طهران لم تعلم “بالضرورة” بهذا التدخل، وربما يكون في غياب هذه المعرفة قطبة مخفية ما تستند الى طبيعة العلاقات الروسية- الإيرانية والصراع على النفوذ في سوريا، وهذه مسألة لا يمكن التغاضي عنها في إطار تحليل دور وظائف كل مكونات ذاك المحور الشهير الذي عرف بمحور الممانعة وقد إلتحقت به موسكو مؤخراً بحسب ترويج رموز هذا المحور.
وتحليل هذا الدور والوظائف يفترض أن يطال كذلك العامل الاسرائيلي. فموسكو وتل أبيب تنسقان الدور الروسي في سوريا (ربما أكثر من تنسيق موسكو وطهران)، فالمحور ذاته صار يضم حزب الله وإيران والنظام السوري وروسيا وإسرائيل! لا شك أن فك طلاسم هذه التحالفات بحاجة الى أعجوبة ما.
ختاماً، الأكيد أن التورط الروسي في سوريا سيؤجج الصراع، والكلام غير اللائق الذي صدر عن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بأن هذه الحرب هي “حرب مقدسة” هو من نوع “المنشطات” الطائفية والمذهبية التي ستزيد من تعقيد الأمور!
بإنتظار إستفاقة دولية ما لوضع حد لهذه الحرب السورية المشتعلة، الشعب السوري سيدفع المزيد والمزيد من الأثمان الباهظة!
—————————————–
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة
Facebook: Rami Rayess II
Twitter: @RamiRayess