“هآرتس”: يجب الإصغاء إلى عباس

 فيما ينشغل رئيس الحكومة وبعض وزرائه وبصورة أساسية نشطاء اليمين المتطرف وزعماء المستوطنين بإشعال النار، ويطالبون ويعملون من أجل تشديد الخطوات العقابية ضد الفلسطينيين، يواصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بذل كل ما في وسعه من أجل تهدئة الوضع.

 في المقابلة التي أجراها معه جاكي خوري (“هآرتس” أمس) أوضح عباس أن هدف التعليمات التي وجهها إلى أجهزة الأمن الفلسطينية تهدئة الوضع على الأرض لا زيادة حدة العنف وقال: “إنني مع نضال شعبي لاعنفي، وضد كل عنف واستخدام للسلاح.” وكرر عباس الخطوط التي توجهه منذ بداية ولايته.

 وفي وقت يطالب اليمين الإسرائيلي فيه أكثر فأكثر بخطوات عنيفة- بدءاً من هدم منازل وتخفيفات إضافية (وسائبة] فيما يتعلق بأوامر فتح النار- يقول عباس العكس تماماً. وفيما يحرض اليمين على المزيد من أعمال القتل والهدم، وهي وسائل ثبت في الماضي أنها تزيد حدة المواجهة ولا تؤدي إلى أي حل، يدرك عباس الحاجة إلى اعادة مارد الثورة والعنف إلى القمقم، قبل أن يخرج تماماً عن السيطرة.

 إذا حدث هذا ونشبت انتفاضة جديدة، فإن الشعبين سيتضرران وسينزفان وسيدفعان مرة أخرى ثمناً باهظاً، من دون جدوى. عباس يفهم ذلك فيما نتنياهو لا يفهمه.

 يجب الآن الإصغاء إلى عباس، صوت المنطق والاعتدال الوحيد المسموع في المنطقة. فقد قال في المقابلة: “من يريد التسوية لا بد أن يعمل لمنع الاحتكاك ومن أجل التهدئة، إلا إذا كانت لديه خطة أخرى”. قد تكون هذه هي المحاولة الأخيرة كي يترك بصمته، بصمة الاعتدال الذي لن يكون هناك كما يبدو مثيل له.

 يجب أن نصغي إلى تفسيراته المنطقية بشأن نشوب الجولة الحالية من العنف- التي هي وليدة أعمال القمع والقتل في الأشهر الأخيرة- وأن نستخلص منها الاستناجات الصحيحة: فقط تغيير السياسة الإسرائيلية سيؤدي إلى تغيير السلوك الفلسطيني. ويتعين علينا أن نصدقه عندما يقول إنه ليس معنياً بالعودة إلى دوامة الدماء. ومع الأسف الشديد لا نسمع مثل هذا الكلام من الجانب الإسرائيلي.

إن الكرة الآن موجودة في يد حكومة إسرائيل، فإذا اتخذت الخطوات التي تهدد باتخاذها، فإن الرد الفلسطيني العنيف لن يتأخر والوضع سيخرج عن السيطرة. في المقابل، إذا تصرفت إسرائيل بضبط للنفس وحكمة، ولم تخضع للتحريض وصب الزيت على النار الذي يقوم به المستوطنون، فإنه ستكون لدينا حينئذ فرصة معقولة بأن تدخل جولة العنف الحالية طيّ النسيان، في انتظار جولة مقبلة لا بد منها إذا لم تسارع إسرائيل الى اقتراح حل سياسي عادل.

————————————

(*) مؤسسة الدراسات الفلسطينية