الأديب الراحل أحمد منصور: خسارة أدبية وفكرية

سقط الشاعر احمد منصور الكاخي ارضاً وهو يلقي بعض قصائده في ندوة شعرية في المكتبة الوطنية في بعقلين، أسعف في الوقت المناسب ولكنه غادر هذه الدنيا ولم يجدي اسعافه ومات بعد ان لفظ النفس الاخير.

كان الشاعر احمد منصور أخاً صديقاً لي وأخاً ودوداً لكل من عرفه عن كثب، عرف فيه خلقه النبيل وشفافيته ووفائه وصدقه، كان صريحا الى ابعد حدود الصراحة وصراحته الصادقة كانت تودي به الى مواقف ومزالق كتيرة .

كان كثير الحب للناس جميعاً صادقهم عن غير مصلحة ذاتية او نفع مادي، يؤثر مساعدة الغير قبل ان يتطلع الى وجوده وذاتيته، فكان محباً للمصلحة العامة مضحياً بوقته وماله وما له لكل من يطلب مساعدة. همه الأدب والثقافة ورواجهما وديمومتها، لكن الله استخاره في لحظة نحن إليه بحاجة ماسة.

عرفناه قيماً على مكتبة الامير شكيب ارسلان، فكان أميناً لها، مستميتاً في سبيل ازدهارها ونموها وتقدمها ورقيها، يعمل ليلاً نهاراً لجمع تراث الامير شكيب في الصحف والمجلات والدوريات والكتب ساعياً الى جمع تراثه قدر الامكانيات المادية المتوفرة لديه، لأنه كان يعاني الشح والعوز الشديدين في مؤسسته.

004

كان يجمع بكل حماسة واندفاع اسماء المنتسبين الى مكتبته وتراث الامير شكيب ارسلان، إذ كان همه ان يزداد كثيراً، وقد قال لي ان اخر ثلاتة انتسبوا الى المكتبة هم: الكاتب نجيب البعيني والقاضي غالب غانم والمؤرخ سعود المولى. وهذا شرف كبير لي وللمنتسبين الى هذه الدار الواسعة التي يشملها ويرعاها كل من الزعيمين: وليد بك جنبلاط والامير طلال ارسلان، وكم نتمنى ان يصدر كتاب مميز يضم كتابات الامير ومقالات مجهولة لم تنشر، ولا سيما المقالات النادرة للأمير شكيب لم تعرف في حياته، ويجب ان يكون هناك كتاب نادر يكون مرجعاً علمياً لكل من عرف او سمع او قرأ كتابات في غاية الاهمية، فقد كان له شاًن عظيم في الحياة السياسية والتاريخية والشعرية والادبية والنقدية يقام لها ويقعد، وكان الأمير شكيب كبيراً في حياته عظيماً في إنتاجه بارزاً بين الرجال العظماء، وكاتباً بين الكتاب وشاعراً فريداً عرف بقصائد مهمة لطيفة.

كان وقع وفاة الكاتب والاديب والشاعر احمد منصور شديداً علينا جميعاً، اصدقاؤه ومعارفه، ونتمنى من المكتبة الوطنية في بعقلين الشوف القيام بطبع مخطوطاته التي تركها، وعلى رأسها الصديق الكبير الاستاذ غازي صعب، وان تقام له ذكرى سنوية او احتفال به وبأدبه وشعره، في المكان الذي سقط فيه وفاء له ولأعماله المجيدة.

قام احمد منصور بأعمال جليلة تفوق الوصف، وبمساع حميدة يشكر عليها، كان يعمل ليلا نهاراً في سبيل تقدم الادب والشعر ووضعها في مكانها الصحيح.

كتب

كما نتمنى ان يجتمع الزعيمان الكبيران وليد بك جنبلاط والامير طلال ارسلان ويتفقان على الية جديدة بعد موت الشاعر احمد منصور، وإنتخاب له باسرع ما يمكن، ويتفقان على منهاج واحد يكون بمثابة خطة مدروسة وعملا رصينا هادئاً لعمل مكتبة الامير شكيب العظيم. إذ انه لا يجوز ترك ذلك دون حسم الموضوع نهائياً.

والان لا بد من ذكر لمحة خاطفة عن اعمال الشاعر وسيرته الذاتية: اخر كتاب اصدره (حبة تراب من غزة) صدر عن دار نلسن للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت سنة 2015.

ولد الشاعر في مدينة حاصبيا، الجنوب ودرس في قسم الاداب بجامعة السوربون في باريس، عمل مديراً لمكتبة الامير شكيب ارسلان في مدينة الشويفات، بلبنان، فترة دامت عدة سنوات. الف عدداً من الكتب منها:

قاموس السبيل، لاروس، باريس، سنة 1983.

دراسته بالفرنسية، حول البنية العروضية، كتاب الحب، شعر نزار قباني.

كما انه اصدر عدداً من الدواوين الشعرية منها: جغرافيا الأم، فنزويلا سنة 1979.

البراكين التي لم تستفق بعد، ياريس، سنة 1982

معلقة الشمس، المربد، بغداد، سنة 2000.

قوافي على ايقاع الشظايا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت سنة 2003.

المطمر الاحمر، مكتبة مدبولي مكتبة مدبولي، القاهرة سنة 2008.

مدار الشمس، الدار التقدمية، المختارة، سنة 2013.

كما ان له عدة دواوين مخطوطة وكتب عدة مقالات نشرها في عدد من الصحف اللبنانية والعربية والاجنبية.

احمد منصور احد عمالقة الشعر والادب في لبنان، وشعره ينبع من الذات الانسانية بفرحها، ويأسها وأملها وقوتها وازدهارها وتقدمها.

فيا صديقي الوفي تقبل كلمتي المتواضعة هذه ولو جاءت متأخرة قليلا.

احمد منصور رفع علم الحرية والعدالة والحق، وكان ينادي بالعروبة عنواناً له في الحياة، ويدافع عن الديمقراطية في كل مكان يذهب اليه، ويجاهر بالحقيقة ويدافع عن المظلومين والمقهورين.

توفي في 19 ايلول سنة 2015، يرحمك الله رحمة واسعة والى جنة الخلد ايها الراحل.

—————————————

(*) نجيب البعيني 

(**)رئيس مجلس إنماء قضاء الشوف