تحية إلى أحمد منصور

منير حمزة (الأنباء)

رحل العيد الكبير بمعانيه السامية،  ورحل بعده العلم المفكر أحمد الكاخي. غاب الأضحى المبارك بعد عشور مليئة بالطاعات والبهجة، وغاب العصامي المضحي بعمره في سبيل العلم والمعرفة، الرجل الألمعي المعروف بأحمد منصور، المرتفع بتواضعه ومحبته، مدير مكتبة الأمير شكيب أرسلان الدولية في الشويفات وعضو مجلس أمنائها.

هذا الذي سكن الأمير في قلبه منذ ريعان شبابه فأولع بفكره وكتاباته ومواقفه باحثا عنها شرقاً وغرباً متعمقا في بحثه عنها في مكتبات فرنسا جامعاً الرسائل والوثائق والموسوعات النادرة،  متواصلا لأجل ذلك مع معهد العالم العربي في باريس حيث أقام الندوات وجمع الباحثين حول هذا الكنز العربي والإسلامي الثمين، وذلك البحر اللغوي والأدبي الواسع.

ولمّا كان حنين الدكتور أبداً إلى موطن العروبه والآباء والاجداد، فقد عاد إلى لبنان حاملا معه تلك الرسالة وذاك القرار بأن يمضي ما تبقى له من عمر في خدمة فكر  الأمير ونهجه، وهو الذي  كان له مرجعاً يتفاخر به ويستشهد بأقواله،  وقد حصل ما تمنى فكان مستقره النهائي تلك المكتبة التي حملت إسم الأمير وجمعت تراثه وإغتنت بكتبه ومقالاته، وأغنت القراء بمؤلفاته،  مضحياً في سبيلها، ناسيا نفسه لأجلها، مكرساً حياته لنشر العلم والمعرفة والأدب والثقافة،  إلى أن حانت ساعة الرحيل، فأسلم الروح راضياً مرضياً، هادئاً مطمئناً، وسلم نتاجه الفكري ودواوينه الشعرية ومقالاته المعمقة إلى المكتبة التي أحب، وإلى الأدباء والأصدقاء الكثر الذين ترافق معهم والذين جلس وإياهم ذات صباح وذات مساء، وإلى الأجيال الواعدة التي طالما حلم بان تحمل الإرث وتنطلق دائما إلى الأعلى.

A.M

برحيل أحمد الكاخي يفقد الوطن ركنا من أركان الثقافة فيه، وتخسر حاصبيا، كما الشويفات والجبل وجها ناطقا بالكلمة المفعمة بالصدق والجرأة والحيوية، وقلبا نابضاً بالأصالة والانفتاح والحرية، شاعرا وأديباً ونافذاً ومفكراً تقدمياً وهو الذي كتب مقالاته الوطنية  والادبية ونشرها في أرقى الصحف والمجلات المحلية والعربية، رحل قبل إفتتاح المكتبة والمؤتمر الذي يتم التحضير لهما في نهاية هذا العام بحضور وليد بك جنبلاط والأمير طلال ارسلان.

تحيةً لحرصك على وحدة الكلمة والموقف، تحية لصدقك المعهود،  ولقلمك الرزين الصريح، تحية لروحك النقية، ولتضحياتك السخية ولمسيرتك الفكرية،  ولتبقى ذكراك حية في مكتبتك التي احببت، وفي مجتمعك الذي لم ينصفك حق انصافك، في وطنك الظالم المظلوم الذي لا يقيم وزناً إلا بعد أن يرحلوا عنه متألمين متحسرين، تحيةً لك من مجلس أمناء ومن أصدقاء المكتبة واصدقائك الاوفياء الذين سيذكرونك دائماً بالخير ويعاهدونك بأن يحافظوا على الأمانه ما إستطاعوا، وأن يعززوا في الأجيال الطالعه روح الثقافه والإبداع والوطنية، ليبقى أمثالك أحياء بيننا وتبقى كتاباتهم مشاعل فكر تنير لنا الطريق.