عون يسهل الحوار إذا إتُفق على إعتماده مرشحاً توافقياً

يبدو من التطورات السياسية الجارية والتي فرضت تكثيف جلسات الحوار بين قادة الكتل النيابية لأيام ثلاثة متتالية بدءا من الثلاثاء المقبل، أن أوان انجاز الاستحقاق الرئاسي بدأ يقترب على رغم إرتفاع وتيرة التصعيد في المنطقة.

ويقول مصدر نيابي أن تكثيف جلسات الحوار وتسريعها يعني أن هذا الحوار إنتهى من مرحلة تسجيل المواقف وبدأ يقترب من البحث في الرئيس التوافقي، ما دفع بعض الأطراف السياسية المشاركة فيه إلى المناورة تهرباً من هذا البحث بغية تأخيره إلى الموعد الذي يناسبها علها تفوز بـ”رئيس توافقي” من صفوفها أو يكون قريباً منها، أو تكون لها اليد الطولى في إختياره.

ويؤكد المصدر النيابي نفسه أن هذا الواقع ينطبق على الموقف الذي إتخذه رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون  وإشتبك فيه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تفاجأ بالامر، خصوصاً عندما علم أن هذا الموقف العوني لم يكن سببه فقط إتهام الوزراء العونيين خلال إجتماع لجنة الطاقة النيابية بالتقصير والفشل في تنفيذ الخطط التي وضعها وزراؤهم الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة لتأمين الكهرباء 24 على 24 هذه السنة، وهذا الوعد لم يتحقق بعد، بل إن إنتاج الكهرباء إزداد نقصاناً وتردياً.

ويكشف المصدر نفسه أن السبب الرئيسي لإنفعال عون كان إحباط التسوية التي توصل اليها الجميع حول موضوع ترقية ثلاثة عمداء في الجيش إلى رتبة لواء يكون أحدهم صهر عون قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز بما يطيل خدمته في المؤسسة العسكرية سنة ونصف سنة ويمنحه فرصة تولي قيادة الجيش خلفا للعماد جان قهوجي. فعون إعتقد خاطئاً أن بنود التسوية التي سربت إلى الإعلام متضمنة بنداً إضافياً يقضي بتعيين مدير عام لقوى الأمن الداخلي، يقف بري خلفها، في حين أن النسخة الموجودة لديه ولدى بري والآخرين خالية من هذا البند، وبدلاً من أن يتحرى عن الحقيقة ويسأل بري بادر إلى إتهامه والآخرين والتهديد بالتوقف عن المشاركة في الحوار، الأمر الذي أثار إستياء بري الذي رد عليه عبر بيان قاسٍ أصدره وزير المال علي حسن خليل.

عون

ويكشف المصدر أن عون يريد من تصعيده هذا إستباق جلسات الحوار المقررة الثلاثاء المقبل على مدى ثلاثة أيام متواصلة بتسجيل موقف ربما سيبني عليه لتعطيل البحث في الاستحقاق الرئاسي لأنه يرفض حتى الآن التنازل عن ترشيحه لمصلحة الاتفاق مع الافرقاء الآخرين على رئيس توافقي، بل إن رهاناته على مستقبل الأوضاع الإقليمية تجددت خصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في الأزمة السورية، حيث أنه يتوقع أن تصب في مصلحة ترشيحه وبات لا يرى ضيرا في إستمرار الشغور الرئاسي إلى أمد طويل حتى تتاح له فرصة الفوز بالرئاسة، خصوصا إذا إنعكس ما يجري في المنطقة سلباً على موقف فريق 14 آذار الرافض ترشيحه منذ البداية.

لكن المصدر يؤكد أن عون يخطىء في قراءة موقف بري وغايته من تكثيف جلسات الحوار، فـ”الجمال بنيّة والجمل بنيّة”. بري يريد من الحوار أمرين: الأول الإتفاق على إنتخاب رئيس للجمهورية. والثاني الإتفاق على قانون الانتخابات النيابية يعتمد فيه النظام النسبي كلياً أو جزئياً. فإذا تعذر إنتخاب الرئيس يتم إنتخاب مجلس نيابي جديد على أساس قانون الإنتخابات النيابية الجديد ثم يشرع المجلس المنتخب بعد توليه مسؤولياته في إنتخاب رئيس الجمهورية.

في حين أن عون لا يريد للحوار أن يبحث في الرئيس التوافقي الآن، إلا في حال واحدة وهي أن يتوافق المتحاورون عليه، وهذا أمر مستبعد، ولذلك لا يرى عون مصلحة له الآن إلا أن يبحث الحوار في قانون إنتخابات يعتمد النظام النسبي وهو ما كان طرحه في الجلسة الحوارية الاخيرة.

ويختم المصدر النيابي نفسه مؤكداً أن الحوار لن ينتهي إلى نتائج في موضوع رئاسة الجمهورية وسيكون على المتحاورين في هذه الحال أن يبحثوا في قانون الانتخاب وعلى الأرجح أن يتفقوا على إقتراح القانون المختلط بين النظامين النسبي والاكثري بحيث ينتخب بموجبه 64 نائبا على أساس النسبية و64 آخرين على أساس النظام الأكثري، وهو إقتراح كان قدمه بري في آخر بحث حصل في قانون الانتخاب العام الماضي قبل أن يطوى.

——————————–

(*) رانية غانم