الرئاسة في خانة الأحلام!

جليل الهاشم 

لم ينفع الحوار في دفع النقاش إلى المكان الذي يجب أن يذهب إليه. بدأ ذلك الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري يدعم من قوى أساسية إستناداً إلى جدول أعمال بنده الأول لرئاسة الجمهورية ولا تقل البنود الأخرى المطروحة أهمية، إلا أن بند الرئاسة وضع في المقدمة ولا يخفى السبب وراء هذا الترتيب فمنذ سنة ونصف السنة الهرم السياسي المؤسساتي من دون رأس والجميع يعرف أنه في النظام المعتمد في لبنان ترتبط المؤسسات الدستورية بعضها ببعض فلا يمكن تشكيل حكومة من دون موافقة رئيس الدولة وبالتالي فإن عمل مجلس النواب والحكومة معاً يرتبط بوجود هذا الرئيس.

هذا من الناحية الدستورية والقانونية إلا أن الأهم من ذلك أن طبيعة النظام التوافقي القائمة على المشاركة بين الطوائف تفرض عدم التلاعب بأي منصب كان بدءاً من رئاسة الجمهورية مروراً برئاسة مجلس النواب و وصولاً إلى رئاسة مجلس الوزراء وكافة المناصب في الجمهورية.

الأخطر في منع إنتخاب رئيس للجمهورية ليس فقط فرض الفراغ في المنصب وإنما فرض الاخلال في الميثاق، لم يحدث سابقاً أن حصل فراغ في رئاسة مجلس النواب ولا في رئاسة مجلس الوزراء، في المنصب الأول يتم التصويت فوراً ومن دون عراقيل، وفي المنصب الثاني يبقى رئيس الحكومة في موقعه وإلى جانبه الوزراء حتى تشكيل حكومة جديدة بينما يغادر رئيس الجمهورية موقعه فور إنتهاء ولايته إستناداً إلى وعد دستوري بانتخاب الرئيس فوراً.

Baabda1

لكن هذا الوعد ليس نصا كما في الرئاستين المذكورتين آنفاً. لذلك كان وضع الرئاسة كبند أول في الحوار أمرا طبيعياً ويحتاج حسماً. لا يعني ذلك أن الموجودين في الحوار عليهم أن ينتخبوا رئيساً وإنما عليهم بوصفهم يمثلون الكتل النيابية الرئيسية أن يعودوا إلى الدستور والميثاق فيقروا بنداً وحيداً هو الذهاب إلى مجلس النواب لانقاذ الدستور وتأكيد التمسك بالميثاق وبالتالي انتخاب الرئيس أي كان.

هذا الأمر لم يحصل بل إن الحوار نفسه بدا وكأنه يترنح تحت ضغط رافضي الدستور والمتلاعبين بالميثاق. كانت الإشارة الأولى في تركيب هيئة حوار موازية مختصرة والإشارة الثانية في جعل بند قانون الانتخاب يتقدم على حساب إنتخاب الرئيس. ثم في تحويل ما يسمى بالترقيات إلى هم أساسي رغم ما فيها من تحايل على القوانين وفي المقابل لا إشارة ولا أي وعد بتسهيل عمل الحكومة.

…أما الرئاسة فبقيت في خانة الأحلام.