خطوتان إلى الأمام…خطوة إلى الوراء!

وهيب فياض (الأنباء)

إن من عايش وعاصر الحياة السياسية في لبنان منذ أكثر من نصف قرن يستطيع أن يتبين بسهولة أن البنية الأساسية للنظام اللبناني ولأسباب عديدة تملك إمكانية التوالد من ذاتها بما يتناسب بل ويتماهى مع التركيبة اللبنانية وفسيفساء الأفكار والطوائف والمذاهب والأيديولوجيا والانتماء.

ومن يمعن النظر في هذه البنية يستطيع الاستنتاج ببساطة أن لا بدائل عن هذه التركيبة على المدى المنظور، ولكنه أيضا يستطيع الجزم أنها ومنذ آخر إتفاق بين أعمدة هيكل لبنان قد أوشكت على الإفلاس حتى لتكاد الدولة بما تعنيه من تعبير عن هذه التركيبة تصبح دولة فاشلة بكل المقاييس.

   وإذا كانت مقاربة الوضع اللبناني الداخلي والانقسام الحاد بين خطين لا يمكن أن يلتقيا تقودنا إلى توصيف الوضع بأن هناك خط لديه فائض قوة سياسية ولكنه لا يستطيع أن يحكم لان لدى الخط الآخر فائض قوة عسكرية تستطيع أن تمنعه من الحكم ولكنها لا تستطيع تنفيذ انقلاب كامل عليه.

   إزاء هذا الواقع تأتي القراءة لتقول: إذا كان لا يمكن بل ولا يجب هدم الهيكل وإسقاط التركيبة والنظام الذي أنتجته وإذا كان المطلوب محلياً واقليمياً ودولياً أن لا يصبح لبنان بؤرةره متفجرة أقله حتى إنتهاء الحرب الأهلية في سوريا.

فإن الحل يكمن في تحسين أداء هذا النظام وأجهزة الدولة ومنع الفساد من أن يضرب لُب التركيبة اللبنانية خصوصاً في ظل عدم وجود البديل وعدم ملاءمة الظروف الإقليمية والدولية. وهنا تكمن أهمية قراءة الحراك الشعبي وهيئات المجتمع المدني وضرورة رسم خطوط دقيقة بين الخط الأحمر الحالم بإسقاط كل شيء دون وجود بدائل والخط المتجمد الذي يرى أن الحراك لا يؤدي إلى أية نتيجة وأن الوضع باق على ما هو عليه بل سيزيده الحراك تازما.

  الرؤيا الواقعية والموضوعية تقودنا بكل بساطه إلى أن الهدف المركزي الذي يجب الوصول إليه هو تحسين أداء النظام، وهذا لا يكون ممكنا إلا إذا اقتنعت جميع أعمدة الهيكل أنه آن الأوان لتعطي الدولة من أنصارها ومحازبيها انموذجا في الوزاره والنيابه والإدارة يكونون بعيدين عن الفساد وموبقات السلطة وأصحاب رؤيا لوضع قطار الدولة على سكة الإصلاح لوقف الانهيار ومنع سقوط الهيكل على رؤوس الجميع.

  ووليد جنبلاط وقبل هذا الحراك الشعبي بسنوات وبعد نظره السياسي يشكل المثل على ذلك. فتوزير ونيابة من لا تطالهم ملفات الفساد وإضاءتهم لشمعه الإصلاح في ظلام التسيب ورفد الإدارة بمن يجمعون بين السمعة العطرة. والعقل الموءسساتي هو المثال على ما تتطلبه المرحلة الحاليةّ من كل الطبقة السياسية.

أيها السياسيون أعطوا مراكز القرار أفضل من عندكم اخلاقا وعقلا وأداء.

ويا أهل الحراك المطالَب بالإصلاح  خطوات إلى الأمام. وخطوة إلى الوراء حتى يمكن ترميم الهيكل دون إسقاطه على رؤوس الجميع!