ربما لكثرة جراحنا في هذا الوطن ولكثرة الاوجاع التي اصبنا بها، اعتدنا التكيف وتحمل الوجع … مع مسكنات سياسية يصفها لنا الساسة باستمرار وهي متوفرة وبكثرة في سوق السياسة اللبنانية…

فجميع السياسيين تعودوا وضع الإصبع على الجرح والضغط عليه لتصرخ ويعلو الصوت فتفرح بذلك وتنتظر ان يؤمنوا لك الدواء ليلتئم جرحك فلا تجد الا مسكنا ويبقى الجرح نازفا، ويؤجل العلاج ليوم اخر، ومع الوقت تدرك بانه لن ياتي لان الجرح النازف يتغذى عليه الحكام ولا تقوى على تحمله الا بالمسكنات….

إن النفايات هي إحدى هذه الجراح التي تاملنا خيرا في الحملات الشبابية التي وضعت اصبعها على هذا الجرح بانها ستطالب بالعلاج والدواء كي يلتئم الجرح ولا يبقى نازفا، ولانها كما وصفت نفسها، نقيض السلطة الحاكمة كون هذه السلطة فشلت في تامين الدواء اللازم على مر سنوات حكمها….

وكنا بانتظار سلوك جديد لا يقلل من قيمة جراحنا ولا يعتبرها ثانوية اما القضايا والشعارات السياسية الكبرى … إن0 غضبنا من سياسات السلطة الحاكمة ناتج بشكل اساس عن تجاهلها لحقوقنا البسيطة في حياة كريمة تكون فيها النظافة والكهرباء والمياه والنقل العام الخ… تحصيل حاصل … ان غضبنا من السلطة ناجم عن تقليلها من قيمة حقوقنا هذه ، في ظل الصراع العربي الاسرائيلي وفي ظل الوضع الاقليمي وفي ظل الازمة الوطنية… ويبقى الجرح نازفا …

إن الحراك الذي نشهده اليوم، وعلى عكس ما تاملنا، يمارس لعبة السلطة الحاكمة، كونه انطلق من جرح النفايات ووضع اصبع على الجرح ولما صرخنا من وجعنا … قال لنا ان هذا الجرح ثانوي وقلل من قيمته لصالح الشعارات السياسية الكبرى من تغيير النطام واسقاط النظام واستقالة الحكومة واستقالة الوزير واجراء انتخابات، وهي ايضا مسكنات لجرحنا… واستخدموا اساليب السلطة التي عليها ثاروا …

ايها الثوريون الجدد لا تنسوا ان الاحزاب اللبنانية اجمع كانت بداياتها ثورية ومطلبية ورفعت شعارات الاصلاح والتغيير وحملت قضايا وهموم الناس …. ايها الثوريون الجدد لا تنسوا ان جرح النفايات ووجع الناس هي التي اعطت زخما لحراككم وهي السبب في تضامن الناس معكم فاذا لم تسقطوا الشعارات من حملتكم وتساهموا في وضع الحلول ليلتئم هذا الجرح… ستسقطون في الشارع الذي اليه احتكمتم وبعد حين ستجدون صورة حملتكم من ضمن الصور المكتوب عليها “كلن يعني كلن”… ندائي لكم …

قدموا نموذجا جديدا في العمل العام وركزوا على انهاء مشكلة النفايات وقدموا الحلول وتلقفوا المبادرات وليكن هدفكم حل هذه القضية وثم انتقلوا الى جرح اخر وما اكثرها… هكذا تكونون‫#‏مستمرون‬… هكذا تكونون مع الشارع وليس ‫#‏عالشارع‬ كي تحيوا على التئام الجراح وليس على الجرح النازف.