نقيب المحامين جورج جريج لـ”الأنباء”: يجب وضع حد للمحاكم الإستثنائية

لطالما شكلت نقابة المحامين موقعاً ديمقراطياً ووطنياً متقدماً فكانت لها رؤيتها وموقفها المنحاز دوماً الى الدستور وتطبيق القوانين التي تبقى الناظم الأساسي للمجتمع بمختلف مكوناته. هي النقابة التي تؤمن أن تحقيق إستقلالية القضاء عن السلطة السياسية هو المدخل الأهم وربما الأوحد للإصلاح.

في هذا اللقاء الخاص لـ “الأنبـاء” مع نقيب المحامين جورج جريج جولة على أبرز العناوين والملفات.

*ما هي رؤية نقابة المحامين لحالة الفراغ الرئاسي والتعثر المؤسساتي التي يمر بها لبنان اليوم؟ وكيف السبيل من وجهة نظر النقابة للخروج من هذا النفق؟

– رؤية نقابة المحامين ذات بعدين، استباقية قبل ٢٥ ايار ودائمة قبل وبعد 25 أيار. قبل شهرين على الاكثر وشهر على الاقل وفق منطوق الدستور والنقابة بصوت النقيب وببيانات مجلس النقابة تدعو، ثم تحذر من سقوط المهل وبلوغ انتهاء الولاية دون انتخاب رئيس للجمهورية. وفي اليوم العاشر قبل انتهاء الولاية، رفعنا الصوت مجدداً واعتبرنا مجلس النواب في حالة انعقاد دائم لانتخاب رئيس للجمهورية. وبعد الخامس والعشرين، اعتبرت شخصياً ان مجلس النواب رسب في امتحان اللبننة، فشل في مباراة الضمير، تحكيم الضمير دون الاحتكام الى المحاور الاقليمية او الدولية، وانتخاب رئيس للبنان. حان الوقت ان يقوم احدهم ويضرب يده على الطاولة، كما ضرب الحراك المدني ضربته على الارض، ويقول بصوت عال: ٢٥ ايار كان موعد انتخاب رئيس للبنان، لا رئيس شراكة مع أي دولة او اي جهة في الخارج، لا عند العرب ولا عند العجم. لكن للأسف، الرسالة تقرأ من عنوانها، ولا امل حتى اللحظة في استرجاع الهوية اللبنانية لهذا الاستحقاق الانتخابي.

الخروج من النفق لا يجب ان يكون الا من خلال الداخل، مبادرة الحوار التي دعا اليها الرئيس بري قد تكون لاول وهلة مفيدة، لكن في الاساس، انتخاب رئاسة الجمهورية ليس بحاجة الى حوار، بل الى فعل، الى التزام، الى القبول بأمرة الدستور ولا شيء غير الدستور.

هل الحوار سيحظى بإجماع وطني حضوراً ومشاركة؟ لا أدري.

هل سيؤدي الى إقناع المرشحين بالانسحاب لصالح مرشح ثالث؟ لا أرى ذلك.

المشكلة ان فشل هذا الحوار، يعني اطلاق رصاصة الرحمة على آخر فرصة للبننة الاستحقاق. وهنا الطامة الكبرى التي ستنتج دون شك واحداً من اثنين: إما اتفاق قيصري منبثق من المشهد الاقليمي الدولي الناتج عن تسوية النووي الايراني، واما التوغل في تشويه النظام السياسي القائم من خلال طرح تعديلات اساسية تصيب التعديلات الاخيرة واساسها المناصفة التي ارساها اتفاق الطائف.

قصر العدل

*هل تتوقع النقابة أن تؤدي الصرخة التي أطلقتها مع أصحاب المهن الحرة الى نتيجة ما؟

-الاكيد ان الكلمة الموحدة لنقابات المهن الحرة لن تمرّ مرور الكرام، خاصة وانها ليست معزولة بل ستتبعها خطوات. كما ان حراك نقابات المهن الحرة يشكل استثماراً في المكان الصحيح، فالمهن ليست مسيسة، أؤكد هذا الامر، وكائناً من يكون الشخص ومهما كان ماضيه وانتماؤه وشعوره، ما ان يصبح نقيباً او مسؤولاً ، يصبح  مولوداً جديداً. يقرأ في كتاب جديد، وهذه اهمية وعظمة نقابة المحامين وسائر نقابات المهن الحرة. لكن من المبكر القول ان التغيير آت من الحراك المدني او من الحراك النقابي.

  *ما هي نظرة النقابة الى المشاريع الإصلاحية للقضاء التي تطرح في هذه  المرحلة لا سيما مسألة المحاكم الإستثنائية؟

– يجب هنا اعتماد الدقة من الاساس. لا القضاء موضوع تشهير ولا القضاء موضوع تبخير. نعم القضاء مصاب، بل النظام القضائي مصاب. الاصلاح الاساسي يبدأ بتعديل جذري يؤمنّ استقلالية القضاء عن السلطة السياسية، خاصة القضاء الواقف، وتحديداً النيابات العامة. اما المحاكم الاستثنائية، فهي ثقافة موروثة يجب وضع حد لها. ان العدالة لا تمرّ الا بالمحاكم العادية، واي استثناء هنا يشكل مساساً باصول الحق والعدالة.

*ما هي أبرز المنجزات التي حققها مجلس النقابة الحالي برئاستكم؟

-عملنا في مجلس النقابة كفريق عمل بعيداً عن الشخصنة والاحادية. الانجازات خاطبت المحامين بيومياتهم. حققنا صندوقاً للتعاضد الصحي، وافتتحنا مركزاً صحياً يؤمنّ الدواء للامراض المزمنة. هذ هي المظلة الصحية التي من خلالها ردمنا ثغرة اساسية كانت تشكل قلقاً وأرقاً. خاطب مجلس النقابة ايضاً البعد المعيشي المهني من خلال تأمين قروض مصرفية لزوم السكن وشراء مكتب بشروط ميسرة. ولم نهمل التحديث، والنقابة اصبحت اون لاين، بعد تحديث الموقع وتوفير الخدمات عبره.

كلمتي الأخيرة موجهة إلى اللبناني العادي، كلنا مسؤول وكلنا يتحمل التبعات والتداعيات.

إضغط حيث أنت، أيها اللبناني. حاسب حيث أنت. ولنشكل معاً سلسلة بشرية تجبر المسؤولين الــ 128 على تحمل مسؤولياتهم والنزول إلى المجلس وانتخاب رئيس كائناً من يكون هذا الرئيس، شرط انبثاقه عن سلطة المجلس بلبننة كاملة لا يشوبها أي عيب.