المطالبة بإسقاط النظام اللبناني: ماذا عن اليوم التالي؟

رامي الريس

يستطيع الكثير من المحللين السياسيين والإستراتيجيين أن يرسموا “خارطة طريق” لمعالم المرحلة المقبلة على المستوى اللبناني، وبإمكان هؤلاء أن يقدموا رؤية حول الأوضاع المزرية التي تمر بها البلاد على مختلف المستويات والتي تفاقمت من خلال الغضب الشعبي عبر سلسلة مظاهرات مطلبية وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط النظام برمته.

مهما يكن من أمر، لا شك أن النظام اللبناني منذ ولادته هو نظام مأزوم ومتعثر وضعيف ولعل هذه الصفات، على سلبيتها، شكلت له المساحة الملائمة للتعددية والتنوع التي ميزته لعقود عن محيطه العربي والإقليمي، إلا أن اللبنانيين لم يحسنوا إدارتها والحفاظ على حسناتها وتطويرها وتعزيزها.

السراي الحكومي

ومن أبرز “موبقات” هذا النظام كانت اللوثة الطائفية والمذهبية التي فرزت المواطنين وصنفتهم درجات أولى وثانية وثالثة، وهي اللوثة التي سعى المعلم كمال جنبلاط الى إصلاحها من خلال البرنامج المرحلي للحركة الوطنية سنة 1975 بهدف تجاوز هذه الإشكاليات وصولاً إلى تحقيق المواطنية الكاملة حيث يتساوى اللبنانيون في الحقوق والواجبات ولا يخضعون لأي تمييز خصوصاً بالنسبة لإنتماءاتهم الطائفية والمذهبية.

ولكن إندلعت الحرب اللبنانية وإغتيل كمال جنبلاط في 16 آذار 1977 وتحطمت أحلام التغيير وإستُبدلت بتحديات الصمود والحفاظ على الوجود إلى أن كان إتفاق الطائف سنة 1989 الذي أوقف المدفع وأنتج صيغة سياسية جديدة كرّست المناصفة ورمت إلى توسيع قاعدة المشاركة السياسية من قبل جميع الأطراف لتلافي الإقصاء والتهميش والإلغاء، وإذ بهذه الصيغة  تُدجّن وتفّرغ من مضمونها تارة من خلال الوصاية السورية التي شوّهت مضمونها وضغطت في إتجاه التطبيق الإنتقائي لبنودها وفق ما يتلاءم مع مصالحها وأهدافها، وطوراً من خلال تشويه بعض القوى حق المشاركة وتحويله إلى حق للتعطيل.

Baabda-place

خلاصة القول أن الدفاع عن هذا النظام من قبل من سعى جاهداً في السابق لتغييره لا تبدو مسألة مقبولة، ولكن حراجة الوضع السياسي الراهن وعمق الانقسامات السياسية الداخلية بموازاة الإشتعال الإقليمي غير المسبوق تجعل إسقاط النظام مسألة محفوفة المخاطر خصوصاً ولم يبقَ منها سوى الحكومة التي أفقدت إمكانية العمل والإنتاجية بالحد الأدنى.

محاكاة المطالب الشعبية المحقة تكون من خلال تفعيل المؤسسات الدستورية لتنفيس الاحتقان وتنفيذ عدد من الحفاظ والمشاريع التي تساهم في تجاوز هذه الحالة غير المقبولة من الترهل والفساد والتردي الخدماتي. هذا ممكن، لا بل إنه في متناول اليد إذا ما توفرّت الإرادة السياسية.

—————————————–

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!