وراء جبل النفايات!

جليل الهاشم 

من كان يعتقد من المسؤولين على مختلف انتماءتهم ومواقعهم أن المواطن اللبناني يمكن أن يبقى صامتاً إلى الأبد إرتكب خطأ كبيراً وفي المقابل من كان من هؤلاء يعتمد على سياسة إدارة القطيع بتخويفه من القطعان الأخرى كان أيضاً على خطأ فادح.

لم ترم النفايات فقط في وجه الناس وفي شوارعهم وأمام منازلهم فقبل ذلك هدرت مئات ملايين الدولارات على الكهرباء مما أدى في النتيجة على شبه إنقطاع دائم لها، في موضوع النفايات جرى إعتماد سياسة لم تتغير منذ منتصف التسعينات لزم الاهتمام بها إلى شركة وضعت في تصرفها كل الامكانيات من سيارات الهبات إلى أراضي البلديات وتوفر لهذه الشركة غطاء سياسي من الزعامات والقادة يقال أن كلفته السنوية تفوق الستين مليون دولار تدفع إلى هؤلاء شهرياً أو دورياً وتتفاوت قيمة المبالغ بحسب الأدوار والخدمات المتبادلة.

كانت نفايات بيروت قبل مجئ “الامبراطورية” في عهدة بلديتها وكان لهؤلاء نقابة ونقيب عملوا جميعاً في أصعب الظروف ولم يحققوا ثروة ولم يرشوا أحداً وبقي مقر نقابتهم غرفة متواضعة صغيرة على كورنيش المزرعة إستمرت شاهد هي ونقيبها الأخير على إمكانية تحقيق المهمة من دون أصحاب الملايين.

LEBANON-ENVIRONMENT-WASTE-DEMOS

كشف جبل الزبالة ما تحته من أزمات معيشية وخدماتية كانت تتراكم من دون أن نجد حلا. ولم يكن سهلاً في ظل شلل المؤسسات الناتج عن عدم إنتخاب رئيس جمهورية بسبب الشروط المعروفة أن يتخذ مجلس الوزراء القرارات المناسبة لمعالجة مسلسل الأزمات المتصاعد لكن الأسوأ من ذلك أن من يعطل إنتخاب الرئيس وإنتظام الحياة الدستورية.

كما أنه يشل في الوقت نفسه العمل المؤسساتي لمصلحة مطالبه وشروطه التي إختصرها في الآونة الأخيرة بتعيينات عسكرية كتتمة للمطلب الأول المتمثل بالتعيين الرئاسي، والأخطر من ذلك إنه بدل الاسهام في إتخاذ القرارات التي تستجيب لمطالب المتظاهرين والمواطنين لايجاد الحلول لمشاكل النفايات والكهرباء والخدمات الأخرى. فإن هذا الفريق السياسي يسعى إلى استغلال التحركات الشعبية لتعزير مواقعه وشل السطلة التنفيذية نهائياً بما يسمح له حسب اعتقاده بفرض شروطه المرفوضة وغير العقلانية في وقت لاحق.

على الحكومة أن تبدأ بإتخاذ القرارات الصحيحة وقد تكون معالجتها لمشكلة النفايات مدخلاً لإنهاء حالة الاهتراء ومن يطمح إلى تكريسها.