هل “يحتضر” صبار الجنوب؟

كأنه قُدر للمزارع الجنوبي ان يتلقى الخسارة تلو الاخرى، فمنذ عامين خسر موسم الزيت والزيتون بسبب شتاء غزير حل في موعد تزهير الاشجار. والشتاء المنصرم جاء بموجة صقيع احرقت كل اشجار الحمضيات في حوض الحاصباني. وللعام الثاني على التوالي ترفض حشرة المن القطني ان تترك موسم الصبار يمر بسلام .

حشرة المن القطني تحتل أغصان وثمرة الصبار بنقاط بيضاء وتفوح منها رائحة كريهة وحين تتملك من الشجرة تحوّل لونها الاخضر الجميل الى بني وخطوط رمادية، وتجعل هذه الثمرة الشهية غير صالحة للاكل.

كان الظهور الاول للمرض منذ حوالى خمس سنوات حين بدأ بعض المزارعين على جوار الحدود مع فلسطين يشكون من مرض يغزو اغصان وثمار الصبار.

ولما كان المزارع الجنوبي يفتقد التوعية الزراعية، فاعتبره مرض عابر عالجه بالادوية المتعارف عليها، غير مدرك انه امام مرض خطير وقاتل لثمرة الصبار وقادر على الانتقال بسرعة بين حقل وحقل وبين بلدة الى أخرى.. وعليه، فقدت المنطقة الممتدة من الحدود حتى حاصبيا اكثر من ثلاث ارباع من نبات الصبار.

فأينما جلت في هذه المنطقة لا تسمع الا نقمة من المزارعين على خسارة هذه النبتة الخيّرة كما يقولون فهي بحاجة الى قليل من العناية لكنها تطعم موسماً وفيراً ومربحاً، والطلب عليها كبير بسبب فوائدها الطبية. فإنّ اقتلاع هذه الاشجار وزرع بدل عنها يحتاج لسنين عدة لعودة المحصول كما كان سابقاً، وما يمنع غزو هذه الحشرة للشجيرات الفتية فيقتلها أسرع من الكبيرة.

DSC_2977

وما يزيد من يأس المزارع الجنوبي، انه استعان سابقاً بالجهات المسؤولة وتم تجاهله. فكيف سيتم مساعدته في مشكلته الجديدة، والخوف الاكبر لديه ان تكون هذه الزراعة في الطريق الى الانقراض السريع حيث يمكن القول بأن لا موسم للصبار هذه السنة في مناطق حاصبيا مرجعيون والعرقوب حتى الحدود ومنطقة انتشار المرض مرشحة للتوسع السنة القادمة.

وفي هذا الصدد، أوضح أحد مزارعي الحاصباني بأن المرض قابل للعلاج اذا تم رش المبيدات المخصصة مرة أسبوعياً شرط ان يتم الرش في جميع الحقول في نفس الاوقات منعاً لعدم انتقال المرض من حقل مريض الى حقل معافى. خطة انقاذ كهذه بحاجة لرعاية واشراف من وزارة الزراعةالقادرة على القيام بعمل منظم بالتوقيت وبنوع المبيدات المطلوب.

والجدير بذكره، ان انخفاض المنتوج الكبير رفع سعر هذه الفاكهة اضعاف عما كان عليه سابقاً. إذ كانتالاسعار في الأسواق المحلية 25 الف ليرة لكل 100 حبة بينما تباع هذا الموسم بضعف هذا السعر. والمنتوج لا يكفي للتصدير الداخلي الذي يعتمد عليه المزارع سنوياً في فصل الصيف.

والمتعارف عليه ان نبتة الصبار أثبتت مكانتها الزراعية من جديد في المنطقة الحدودية خلال الاعوام المنصرمة من خلال اعادة غرسها وعلى مساحات كبيرة على حساب حقول الزيتون، نظراً لسهولة تربيتها التي لا تحتاج الى عناية مثل الحراثة والرشّ بالمبيدات. فهي ثمرة تعيش في أراضٍ بور وعرة ومن دون حاجة للري.

وفي الخلاصة ان افضل الفواكه الصيفية اللبنانية قد تكون على طريق الانقراض السريع جنوباً وربما في الطريق للتوسع الى ما بعد الجنوب قريباً بسبب قدرة هذه الحشرات على الانتقال مسافات شاسعة بسرعة كبيرة.

ويبقى السؤال هل تهب الوزارات المعنية بهذا القطاع الى مد يد العون لمزارع يعاني من كساد الزيت والزيتون والان يخسر اخر ما يثبت رسوخه في زاوية الوطن؟

وفي اتصال مع وزارة الزراعة تبين ان الوزارة لم تتبلغ اي شكوى من مزارعي منطقتي حاصبيا ومرجعيون حول هذه المشكلة ،بينما تبلغت شكوى من مزارعي منطقة ضهر المغارة في اقليم الخروب من فترة قصيرة وتم تكليف لجنة من المهندسين الزراعيين المختصين للكشف على حقول الصبار واجراء التحاليل اللازمة لكي تباشر فرق الوزارة بمعالجة هذا المرض السريع الانتشار والانتقال.

—————————

(*) زياد الشوفي