هل تخلط إستقالة أبو مازن أوراق الداخل الفلسطيني؟

قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إستقالته من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال إجتماع اللجنة السبت الفائت، إضافة إلى أكثر من نصف أعضائها، ما جعل السلطة الأعلى في المنظمة في حال من الفراغ القانوني، ما يستدعى عودة المجلس الوطني الفلسطيني لعقد جلسة طارئة خلال شهر لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير.

هذه الاستقالات تصبح نافذة خلال إنعقاد جلسة المجلس الوطني لأنه هو الذي إنتخب الأعضاء (المستقيلين) وهو صاحب الولاية القانونية بقبول هذه الاستقالات وإنتخاب لجنة تنفيذية جديدة، وفق مصادر قانونية في المجلس الوطني الفلسطيني.

اللجنة التنفيذية كانت قد إنتخبت صائب عريقات أمينا للسر في منظمة التحرير قبل إستقالتها، وذلك بعدما كان الرئيس محمود عباس إتخذ قرارًا بتعليق عمل ياسر عبد ربه، كأمين للسر موكلاً هذه المهمة إلى عريقات.

وتعتبر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، السقف الأعلى للنظام السياسي الفلسطيني، والتي يتم إنتخابها من قبل “المجلس الوطني الفلسطيني” الذي يمثل الفلسطينيين في كل أماكن وجودهم.

لم يجتمع المجلس الوطني الفلسطيني رسميًا منذ العام 1996، غير أنه عقد جلسة ترحيبية بالرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون حين زار قطاع غزة في العام 1998.

Mideast Israel Palestinians

اللجنة التنفيذية تتشكل من مختلف الفصائل الفلسطينية، بإستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وهي بمثابة القيادة السياسية المخولة إتخاذ قرارات مصيرية في ما يتعلق بالوضع السياسي، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

مصادر ديبلوماسية فلسطينية كشفت لـ “الأنباء” أن إستقالة الرئيس أبو مازن من منصبه من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى 9 من أعضاء اللجنة أي ما يعادل نصف أعضاء اللجنة التنفيذية يشكل مقدمة إلى “وجوب إعادة إنتخاب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة بحسب القانون الأساسي لمنظمة التحرير” والذي ينص بحسب الفقرة “ب” من المادة 14 “على ضرورة إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني خلال 30 يومًا من إستقالة أكثر من ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية”، هذا يعني أن ينعقد المجلس الوطني في أي مكان يتوفر في حال تعذر إنعقاده داخل الاراضي الفلسطينية، بشكل طارئ أو إستثنائي”.

المصادر أوضحت أن استقالة أبو مازن ونصف أعضاء اللجنة التنفيذية، فتح نقاشاً داخلياً بين عقد جلسة طارئة بمن حضر وتحت بند واحد إنتخاب اللجنة التنفيذية، وبين الدعوة إلى عقد جلسة عادية للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي يضم حوالي 700 عضواً، ومناقشة ملفات عديدة عالقة مرتبطة بالشأن الفلسطيني عامة، لا سيما وأن عقد مثل هذا المؤتمر يتطلب عقد المؤتمر حضور ثلثي اعضاء المجلس الوطني أي ما يقارب 500 عضو إلى الضفة الغربية، لأن أبو مازن وقيادة المنظمة يرفضون عقد اي مؤتمر مرتبط بالشأن الداخلي الفلسطيني خارج الاراضي الفلسطينية”.

ورأت المصادر التي فضلت عدم ذكر إسمها، أن الفترة القصيرة المطلوبة لانعقاد المجلس الوطني والظروف المعقدة التي تمر بها القضية الفلسطينية والمنطقة العربية تحتم عقد جلسة طارئة بمن حضر، كما وأن الفقرة (ج) من المادة 14 من دستور المجلس تنص “في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى إجتماع غير عادي، يتم ملء الشواغر لأي من الحالتين السابقتين من قبل اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس، ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس، وذلك في مجلس مشترك يتم لهذا الغرض، ويكون إختيار الأعضاء الجدد بأغلبية أصوات الحاضرين”.

kods

من جهة أخرى، رأت المصادر أن أبعاد إستقالة أبو مازن وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، تندرج ضمن قراءة الاستراتيجية لمسار خطين أساسيين يحكمان القضية الفلسطينية:

1-     خط الصراع الداخلي بين فتح وحماس وتعذر تحقيق المصالحة.

2-     خط الصراع مع إسرائيل والخيارات السياسية المسدودة.

إذ أن أبو مازن بات على قناعة عميقة برأي المصادر، “أن الأميركي ليس في وارد الضغط على إسرائيل من أجل وقف عملية الاستيطان المتصاعدة، والتي يشكل توقفها مدخل أساسي لعودة العملية التفاوضية، والأميركي ليس بوارد حتى الضغط على إسرائيل من أجل وقف عمليات الهدم الممنهج للمنازل في القدس وفي مناطق السلطة داخل خط الرابع من حزيران 1964”.

من جهة أخرى، فإن الاتفاق على وقف إطلاق النار الطويل الأمد بين حماس وإسرائيل، بات في مراحله النهائية ويبحث عن مخارج وظروف مؤاتية للإعلان عنه، هذا الاتفاق الذي سينتج عنه في نهاية المطاف قيام (إمارة إسلامية) في غزة، أو سلطة أمر واقع، ما يضع المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية بحكم منتهية الصلاحية.

أميركا لن تضغط على إسرائيل لتحريك ملف المفاوضات السلمية، وحماس ليست في وارد المصالحة، إنما تسعى لإنجاز مشروع الهدنة مع إسرائيل.

هذه العوامل وسواها تدفع أبو مازن برأي المصادر، إلى إتخاذ الخطوات التالية:

1- تأمين وضع منظمة التحرير الفلسطينية كمظلة أولى للشرعية الفلسطينية، من خلال عقد إجتماع طارئ للمجلس الوطني (بمن تمكن الحضور إلى رام الله)، وبمهمة واحدة (إعادة إنتاج وإنتخاب السلطة التنفيذية)، وهذا يوفر أيضاً تركيب القيادة السياسية الجديدة بما يضمن إستمراريتها وتماسكها.

2- إعادة إنتاج لجنة مركزية لحركة فتح – وهذا ضمن نطاق الممكن – من خلال عقد مؤتمر سابع لحركة فتح لإنتخاب لجنة مركزية.

هذه الخطوات برأي المصادر تمكن أبو مازن من إعادة إنتاج السلطة، تحت سقف مظلة منظمة التحرير وحركة فتح، دون اللجوء إلى إنتخابات تشريعية ورئاسية غير ممكنة في ظل الانقسام الداخلي والظروف الإقليمية غير المؤاتية.

كما تقدر المصادر أن يعيد المجلس الوطني الفلسطيني إعادة إنتخاب أبو مازن رئيسا للجنة التنفيذية في جلسته المتوقع عقدها خلال النصف الثاني من شهر أيلول المقبل، إضافة إلى إمكانية إستحداث موقع نائب رئيس اللجنة التنفيذية، لضمان عدم حصول أي فراغ طارئ.

———————————–

(*) فوزي أبو ذياب