جنبلاط: إزدواجية اليسار والحسابات السياسية

منير الربيع (المدن)

يدرك رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط أنه جزء من الطبقة السياسية الحاكمة، وأن ما يردده البعض من اتهامات بالفساد بحق هذه الطبقة يطاله. هو أصلاً لم ينكر ذلك، وهو على اعتاب التخلي عن السياسة وتسليمها لنجله تيمور، لكن التحرك الأخير بدا انه فاجأ زعيم المختارة كما بقية الأطراف السياسية.

لا يعتبر “الحزب التقدمي الإشتراكي” نفسه بعيداً عن هذا التحرك خصوصاً أنه مطلبي، وأن خلفية الحزب يسارية، على الرغم من كل الإتهامات التي توجه لجنبلاط. وتشير مصادر “الإشتراكي” إلى أنه “طالما المطالب تتلخص بموضوع النفايات والبيئة فهم متقدمون جداً عن غيرهم، وهم يتحملون أكثر من غيرهم في مسألة النفايات لأنهم كانوا السباقين إلى التحركات لتفادي هذه الازمة التي كانت تلوح بالأفق منذ تحديد مجلس الوزراء تاريخاً لإقفال مطمر الناعمة”.

شارك الإشتراكيون في التظاهرة من دون الإعلان عن أنفسهم احتراماً لخصوصية التحرك، إلّا أن محاولات الاستثمار كانت واضحة من قوى سياسية عديدة على رأسها “التيار الوطني الحر” للضغط على الحكومة، وعليه فإن ما حصل يوم السبت الفائت هو أن الأمور خرجت عن نصابها، وثمة من دخل على الخط لتشويه التحرك، وهنا كانت دعوة جنبلاط إلى الإنسحاب من الساحة بعد تخطي الشعارات المطالب المحددة، والوصول إلى المطالبة بإسقاط الحكومة وإسقاط النظام.

يريد “الإشتراكيون” من الشباب الواقعية والعقلانية. لا يمكن التحرك للمطالبة بحل أزمة النفايات ومن ثم، انتقال المطالب إلى إسقاط النظام، والتصويب على الحكومة، خصوصاً أن الإشتراكيين هم أبرز حماة الحكومة وشرعيتها ودستوريتها ولا يمكن أن يكون الموقف إزدواجياً.

تأييد المطالب الإجتماعية يسري على جملة من الملفات. يتلاقى “الإشتراكي” مع مختلف المطالب المطروحة، من إقفال مطمر الناعمة وصولاً إلى تعزيز دور البلديات بحل ازمة النفايات، وعليه كانت هذه هي الأسباب الموجبة للمشاركة في التحرك، إلا أن الأوامر بالإنسحاب صدرت بعد تخطي المطالب ما كان مطروحاً.

وفق ذلك تختلط خلفية “الحزب” اليسارية بالتوجهات السياسية: تأييدٌ للمطالب المحقة، ورفضٌ لأي مطلب سياسي يطال تغيير النظام أو إسقاطه، بالتزامن مع رفض شخصي لجنبلاط لإطلاق النار على المتظاهرين، لأنه “دوماً كانت لديه حساسية شديدة تجاه الأنظمة الأمنية، وهو من أشد الحريصين على حرية التعبير، وقد عبر على طريقته عن انزعاجه من هذا الأمر”، على حد تعبير مفوض الإعلام في الحزب رامي الريس لـ”المدن”.

عليه، يضع الريس الخلاف مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في سياق رفض إستخدام القوة، والعنف ضد المتظاهرين، لأن هذا الأمر مرفوض قطعاً لدى جنبلاط، وبالتالي كانت المواقف التصعيدية لإدانة استخدام العنف والمطالبة بمحاسبة جميع المسؤولين وعلى رأسهم وزير الداخلية.

لا شك أن لجنبلاط موقعه ودوره على مختلف الصعد، بالتالي لا يمكن فصله عن الطبقة الحاكمة، وهنا يعتبر بعض المنتقدين لدور السياسيين والحكام أن مشاركة جنبلاط في التحرك هي محاولة للإستثمار في الحراك أيضاً، خصوصاً أن البعض أكد أن مشاركة جنبلاط هي للضغط في مرحلة ما قبل فض العروض، بغية ضمان الربح بإحدى المناقصات، لكن الريّس يؤكد لـ”المدن” أن لا علاقة للحزب الإشتراكي أو لجنبلاط بهذه المناقصات، وإذا كانت هناك علاقات صداقة تربط جنبلاط بعدد من المتقدمين للمناقصة فلا يمكن إتهامه بذلك.